ما بين الميكروفون والشاشة الصغيرة كانت رحلته الإعلامية التي امتدت لأكثر من 40 عاما.. إنه الإذاعي والمخرج مدحت زكي رئيس قطاع الإنتاج الأسبق بالتليفزيون ومؤسس القناة الثالثة أول قناة إقليمية. مدحت زكي.. يعتبر بحق واحدا من رواد وخبراء الإعلام المصري المتميزين الذي كان له بصمة حقيقية في «الميديا» سواء المسموعة أو المرئية أو كخبير في المنظمات الدولية ممثلا لمصر. أيضا كان أستاذا ومعلما لجيل كامل من شباب الإعلاميين الذين يتولون الآن رئاسة القنوات التليفزيونية الأرضية والفضائية سواء الحكومية أو الخاصة. كذلك كان رائدا في إنشاء القناة الثالثة وينسب له النجاح الذي حققته في بداية عملها، حيث كانت سباقة في تغطية أحداث مهمة منها علي سبيل المثال الزلزال الذي تعرضت له مصر في أوائل التسعينات من القرن الماضي، أيضا أحداث الأمن المركزي الذي اعتبر تغطيته لهذا الحدث وثيقة تليفزيونية استعانت بها شبكة ال CNN الإخبارية الأمريكية. الإذاعي عقب تخرجه في كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1964 التحق بإذاعة البرنامج العام كمقدم ومخرج للبرامج والمسلسلات الدرامية، انتقل بعد ذلك إلي إذاعة الشعب، حيث تولي إدارة الأخبار المحلية وكان له الفضل في تأسيس إدارة البرامج الخاصة بشبكة البرنامج العام التي قدم من خلالها عددا من البرامج منها: «فكر تكسب، صور لا تنسي». ومن خلال إذاعة صوت العرب قدم أكبر موسوعة علمية درامية مسموعة في تلك الفترة من السبعينات من القرن العشرين بعنوان «هكذا كانت البداية». عاد بعدها إلي البرنامج العام مخرجا للمسلسلات الدرامية، وفي هذا الإطار قدم العديد من المسلسلات منها جمال الدين الأفغاني ابن خلدون وأعمالا أخري كان أشهرها «الخطط المقريزية». التليفزيوني في عام 1985 وبصدور قرار وزير الإعلام بإنشاء القناة الثالثة كنواة لمشروع القنوات الإقليمية عين مدحت زكي نائبا لرئيس القناة، ثم رئيسا لها في عام 1995، حيث قدم خلال ذلك برنامج «مجلة التحدي» أول برنامج تليفزيوني عن الصم والبكم، وبرنامج «تحية إلي القناة» قدم من خلاله أسرار وقائع حرب الاستنزاف 1969 ومعارك حرب أكتوبر 1973 بعدها كلف رسميا من قبل وزارة الدفاع بإخراج العرض الصوتي المجسم لبانوراما حرب أكتوبر التي شيدتها القوات المسلحة بمدينة نصر، ثم الإخراج الصوتي أيضا لمشروع متحف الطفل، إلي جانب الانفراد بإجراء عشرات الريبورتاجات المصورة عن زلزال أكتوبر 1992، هذا بالإضافة إلي إخراج العديد من البرامج والأفلام التسجيلية مثل «مسافر زاده الخيال، شكرا الإمضاء مصر، سلام سلاح، وترانيم الكرنك.. إلخ». الخبير الإعلامي اختير بعد ذلك خبيرا إعلاميا لمنظمة اليونيسكو العالمية للعلوم والثقافة، وخبيرا إذاعيا باتحاد الإذاعات العربية، وفي عام 1996 أوفد للعمل كمستشار إعلامي في مملكة البحرين، حيث أسهم في إنشاء أول قناة فضائية بحرينية كما شارك في تدريب كوادرها الإعلامية. كذلك كان عضوا ورئيساً للجان فحص وترشيح الأعمال المرشحة للجوائز الإذاعية والتليفزيونية من مهرجان القاهرة للإذاعة والتليفزيون، ومحاضرا بمعهد التليفزيون وكليات الإعلام. المناصب بعد عودته للقاهرة في 1999 عين رئيسا لمجلس إدارة شركة صوت القاهرة للصوتيات والمرئيات، ثم رئيسا لقطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون وعضوا بمجلس الأمناء. وكان له الفضل في تلك الفترة في عودة الطيور المهاجرة من المبدعين هروبا من قطاع الإنتاج إلي القطاع الخاص سواء المخرجين أو كبار كتاب الدراما، أمثال محفوظ عبدالرحمن، أسامة أنور عكاشة، محمد جلال عبدالقوي، مجدي صابر وغيرهم ممن أثروا شاشة التليفزيون المصري والعربي بأعمالهم المتميزة. قالوا عنه الإعلامي أمين بسيوني: مدحت زكي فنان إذاعي وتليفزيوني في نفس الوقت تنقل بين مواقع كثيرة في العمل الإعلامي بدأ في البرنامج العام ثم إذاعة الشعب مرورا بإذاعة صوت العرب، وعندما عاد للبرنامج العام عمل مخرجا بها وهو صاحب الطفرة في الإعلام الإقليمي، ونحن نعمل معا من أواخر الثمانينات حتي رحيله، فمدحت زكي هو مخرج برنامج «كتاب عربي علم العالم» وأنا الراوي بالبرنامج. المخرج علي عبدالرحمن رئيس القناة الثانية: مدحت زكي كان أول من استقبلنا بعد تخرجنا في كلية الإعلام وعلمنا الإخراج التليفزيوني وفنون الإدارة والإعلام، وظل من عام 1985 حتي عام 1994 نعم الأب، كان حريصا كل الحرص علي أن يخرج كوادر بسمات خاصة وتفهم الإدارة العصرية والعمل بروح فريق العمل الإعلامي عصام الأمير نائب رئيس قطاع القنوات الإقليمية. مدحت زكي أهم اللاعبين في الإعلام المصري منذ عام 1990 حتي عام 2000 وهو الذي وضع حجر الأساس للإعلام الإقليمي منذ عام 1985 حتي عام 1994، حيث كان نائب رئيس القناة الثالثة ووضع الخط الذي تسير عليه كل الإقليميات. وهو صاحب أشهر البرامج وصاحب الأفكار للوضع التنموي والخدمي ولا توجد قناة إقليمية لم تحمل جذور أفكاره عند إنشائها وكان سرًا من أسرار نجاحها، كما أنه ربي جيلا من الكوادر الإعلامية وصنع قيادات شابة علي طول المراحل مثل شافكي المنيري، عزة مصطفي، علي عبدالرحمن، مها حسني، محمد العمري، ونهلة عبدالعزيز وآخرين. الإعلامي محمد العمري: مدحت زكي صاحب الفضل في ظهور المخرج الشاب.. فقد كان من المعتاد أن المخرج يكون عجوزا وشعره أبيض، هو احتضننا وكان يفهم معني كلمة تليفزيون إقليمي وهو الذي أظهر برنامج الريبورتاج الموجود حاليا علي الساحة في شكل برامج «التوك شو» علي الفضائيات وهو الأب الحقيقي لنا.. للجيل الذي بدأ عمله عام 1985 . الختام نال مدحت زكي علي مدي مشواره الإعلامي إذاعيا وتليفزيونيا وخبيرا العديد من الجوائز وشهادات التقدير سواء من مصر أو البلدان العربية أو المنظمات الدولية. كان أهمها جائزة مهرجان الإعلام العربي، وأيضا الجائزة الأولي عن البرنامج الإذاعي الخطط المقريزية، برنامج كتاب عربي علم العالم، هذا عدا جوائز أخري من سوريا والبحرين والأردن بقي أن تعلم أن الراحل مدحت زكي لديه ابنان هما «محمد» العضو المنتدب في إحدي الشركات، و«هبة» الأستاذة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية.