وصفت وسائل الاعلام الإسرائيلية قرار جماعة الإخوان المسلمين اختيار خيرت الشاطر مرشحا لرئاسة الجمهورية بأنه قرار مفاجئ و"خبر غير سار" ويخالف التوقعات. وذكر موقع "والا" الاخباري الإسرائيلي أن القرار يخالف التوقعات، في ضوء تأكيد جماعة الإخوان المسلمين المتكررة انها لن تقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية. فيما نقلت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية عن مسئول إسرائيلي قوله أن قرار الإخوان "تطور يبعث علي القلق"، واضاف: "من الواضح أن هذه ليست اخبارا جيدة، فجماعة الإخوان ليست صديقة لإسرائيل، ولن يريدون لنا الخير". وتابع: "السؤال الاكبر الآن هو الي أي مدي يكون الإخوان واقعيين عند تسلمهم السلطة في مصر.. وليس واضحا الآن الي اين تتجه الامور". ووصفت الصحيفة الامريكية خيرت الشاطر بأنه مركز قوة رئيسي في جماعة الإخوان، وتتميز آراؤه بالاعتدال. اما صحيفة معاريف الإسرائيلية فشنت هجوما علي القرار، ووصفت جماعة الإخوان بأنها "تنظيم اسلامي متطرف"، وقالت إنها حنثت بوعودها السابقة بشأن عدم تقديم مرشح عنها لرئاسة الجمهورية. الرجل القوي من جانبها، وصفت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية خيرت الشاطر بأنه المليونير الذي يثير قلق إسرائيل، واشارت إلي أن الرئيس الراحل محمد انور السادات طرده من الجامعة، بينما اعتقله الرئيس السابق حسني مبارك 5 مرات. وتساءلت الصحيفة: "هل يكون الشاطر هو رئيس مصر القادم؟"، لافتة إلي وجود مخاوف لدي الغرب إلي تحول مصر الي دولة دينية. وذكرت أن المراقبين ينظرون الي الشاطر باعتباره الرجل القوي في جماعة الإخوان، وانه كان يقود المفاوضات مع المجلس الاعلي للقوات المسلحة، وكان مسئولا عن تنظيم الانتخابات البرلمانية، واجري مفاوضات مع دول الخليج وصندوق النقد الدولي لدعم الاقتصاد المصري وانقاذه من ازمته الحالية. وقالت الصحيفة أن الشاطر معروف بآرائه المعتدلة تجاه إسرائيل والغرب، واشارت الي مقال كتبه الشاطر في صحيفة "جارديان" البريطانية عام 2005، قال فيه إنه لا يوجد ما يبرر الخوف من الإخوان المسلمين، عندما فازت بخمس مقاعد في مجلس الشعب المصري، وكتب الشاطر آنذاك: "إننا نحترم حقوق كل الفئات السياسية والدينية". واشارت ايضا الي الحديث الذي اجراه الشاطر مع صحيفة الاهرام منذ شهرين، وتطرقه الي العلاقات مع إسرائيل، قائلا: "اعلننا بصورة واضحة اننا ملتزمون بكل ما التزمت به الحكومات المصرية السابقة، دون أي علاقة لذلك بتحفظاتنا". ونقلت الصحيفة عن تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية عن خيرت الشاطر، ووصفته فيه بأنه الرجل العصري والاكثر اعتدالا في جماعة الإخوان المسلمين، وانه يشرف علي تغيير جزء من مبادئ الجماعة بما يجعلها اكثر تسامحا تجاه إسرائيل. وعلقت الصحيفة الإسرائيلية قائلا: "بالطبع لا يعني ذلك أن الشاطر اصبح صهيونيا، فهو ما زال رجل الإخوان المسلمين وغير راض عن اتفاقية السلام مع إسرائيل". قرار درامي ووصفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية اختيار الشاطر بأنه قرار درامي يخالف الموقف السابق الذي تمسكت به جماعة الإخوان المسلمين منذ وقوع الثورة والاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، عندما تعهدت الجماعة بعدم تقديم مرشح للرئاسة. كما وصفت الشاطر نفسه بأنه "وزير مالية الإخوان"، وانه خبير اقتصادي ورجل اعمال واسع الانشطة، وله مشروعات وتعاملات في دول الخليج والبورصات العالمية، وكانت ثروته في عهد مبارك تقدر بنحو 250 مليون جنيه. وقالت الصحيفة الإسرائيلية أن القرار يعني أن بحلول شهر يوليو القادم ستكون السلطتان التشريعية والتنفيذية بمصر في يد الإخوان المسلمين، مشيرة إلي أن شهر العسل بين الجماعة والمجلس العسكري انتهي. من جانبها، وصفت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي القرار بأنه ورطة سياسية، وتساءلت عما إذا كانت مصر في طريقها إلي صدام عنيف بين الإخوان والجيش. ونقلت القناة الإسرائيلية عن دبلوماسي غربي قوله إن "الإخوان باتوا أقرب ما يكونون من تحقيق السلطة الكاملة، حتي أنهم بدأوا يشمون رائحتها، ولكن في المقابل يخشون جدا ممن يمكن أن يخطف منهم هذه القوة في اللحظة الأخيرة". ويخشي مسئولون غربيون من ألا يسارع المجلس العسكري بالتنازل عن صلاحياته في حالة فوز خيرت الشاطر بمنصب رئيس الجمهورية في الانتخابات المقرر اجراؤها نهاية شهر مايو المقبل. الشاطر خيرت الشاطر من مواليد 1950، وهو رجل متزوج وأب لعشرة ابناء، ولديه 16 حفيدا، وكان المرشد الثاني لمرشد الجماعة السابق مهدي عاكف، وأصبح النائب الاول للمرشد الحالي محمد بديع. وتخرج في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وقام بالتدريس في هندسة المنصورة، حيث عمل هناك حتي عام 1981، عندما قرر الرئيس السادات طرده وآخرين من الجامعة في إطار قرارات سبتمبر والاعتقالات السياسية التي طالت الكثيرين في مصر آنذاك. وانتقل الشاطر بعدها للعمل في مجال التجارة، وتحول بمرور السنين الي مليونير ورجل أعمال ناجح، وتمثل مشروعاته مصدرا رئيسيا لتمويل انشطة جماعة الإخوان. وبدأ نشاطه الإسلامي عام 1967، واشترك في تنظيم الفعاليات الطلابية بجامعة الاسكندرية منذ السبعينات من القرن العشرين، وارتبط بجماعة الإخوان منذ عام 1974، حتي اصبح عام 1995 عضوا بمكتب المرشد العام للجماعة. وسبق اعتقال خيرت الشاطر بسبب انشطته السياسية 6 مرات، كانت خمسة منها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك. بينما اعتقل للمرة الأولي عام 1968 في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بسبب مشاركته في مظاهرات الطلاب، حيث تم سجنه لمدة 4 أشهر، وتم إبعاده من جامعة الإسكندرية. وبعد ذلك تم تجنيده للجيش في حرب الاستنزاف، قبل الموعد القانوني لتجنيده. في 1992 تم اعتقاله لمدة سنة علي خلفية أنشطته السياسية. وبعد ذلك بثلاث سنوات أصدرت المحكمة العسكرية عليه حكما بالسجن لخمس سنوات بسبب علاقاته بجماعة الإخوان (التي تسمي بالمحظورة آنذاك). في 14 ديسمبر 2006 تم اعتقال الشاطر مع عدد من كبار قادة جماعة الإخوان. وفي 2008 وبعد أكثر من 70 جلسة في قضيته قررت المحكمة العسكرية معاقبته بالسجن 7 سنوات. ولم يتم إطلاق سراحه إلا في شهر مارس 2011، أي بعد مرور شهر علي الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. أخيرا.. لا شك أن قرار ترشيح الشاطر اثار عاصفة اعلامية ضد جماعة الإخوان المسلمين، ولكن ينبغي التساؤل: وهل كان الاعلام متسامحا مع الإخوان قبل قرار الترشيح؟!.. الاجابة: لا بالطبع. فقبل ترشيح خيرت الشاطر كانت الهجمات الاعلامية شديدة القسوة مع اتهام الجماعة بالتواطؤ وعقد الصفقات مع المجلس العسكري. وعندما لجأت الجماعة الي تبرئة نفسها عبر ترشيح الشاطر لرئاسة الجمهورية، واجهت اتهامات بالسعي الي الاستحواذ علي السلطة ومخالفة وعودها السابقة بعدم تقديم مرشح للرئاسة. الثابت في الأمر هو أن ترشيح الشاطر اضاف زخما وقوة الي معركة انتخابات الرئاسة في مصر، حتي اصبحت محل اهتمام العالم أجمع. لكن الاهم هو التيقن من أن جميع المرشحين يسعون الي خدمة مصر، كل بطريقته، بما يلزم الجميع بعدم الانزلاق الي معارك قذرة، تخون هذا او تطعن في ذاك. كما ينبغي أن يساهم ذلك في إعادة تصحيح مسار المنافسات الانتخابية، كي تتحول من منافسة بين اشخاص، الي تنافس بين برامج، كي يطلع عليها الشعب ويختار الاصلح منها لمصر ومستقبلها. وكم أتمني أنه مهما كان الفائز ذو الحظ العثر الذي سيتولي رئاسة مصر في هذه الظروف، عليه أن يجمع برامج المرشحين من منافسيه جميعا، لبحث جدواها وواقعيتها، وتكليف كل منهم بموقع تنفيذي يمكنه من الإشراف علي تنفيذ برنامجه، طالما أن الجميع يستهدف في النهاية نهضة هذه البلاد التي ننتمي إليها جميعا.