تعجبت كثيرا لما قرأته في أحد المقالات التي كتبت عن هذا الفيلم فالكاتب يري أن الثلاثي أحمد فهمي وشيكو وهشام ماجد يكررون أنفسهم ولم يقدموا شيئا جديدا في هذا الفيلم وأن أفكارهم قد نفذت وأصبحوا يشكلون عبئا علي الجمهور.. فعذرا لكاتب هذا المقال فما رأيته في دور العرض يتعارض مع هذا الكلام بل ينفيه ومع احترامي لوجهة نظره فإنني أري انهم بمثابة عودة ثلاثي أضواء المسرح وأنهم يحملون الكثير من الأفكار الخصبة التي تؤهلهم بأن يصبحوا نجوما يتصدرون شباك التذاكر سويا وليس كل منهم علي حده.. فقد ارتبطوا بالعمل معا كمؤلفين وأبطال لأعمالهم فهم يقدمون أفلاما تنتمي لنوعية «الفانتازيا الكوميدية» التي تعتمد علي «الباروديا» المحاكاة الساخرة و«الكولاج» أي الاقتباس من أعمال أخري وصياغتها بشكل جديد وهذه السمات من أهم خصائص مدرسة ما بعد الحداثة التي تعتمد علي اسلوب اعادة الاستخدام والابهار في عرض القصة برغم بساطتها. وهم يقدمون تيمة مختلفة عن الأفلام الأخري المنافسة في السوق والجمهور دائما ينتظر الجديد وقد نجحوا في تصدر شباك التذاكر في ظل الظروف العصيبة التي لا يتوقع فيها أحد أن فيلما سينمائيا يحصد الجمهور وشباك التذاكر. قصة الفيلم ثلاث فتيات بنات عم يعيشون مع جدتهم في قصر ورثوه عن أجدادهم ولكنهم لا يستطيعوا بيعه لأن من يقوم ببيعه يصاب باللعنة ولكن مع مرور الزمن وضغط مصاريف الحياة يضطررن لبيعه وتصيبهن لعنة تحولهن من اناث الي ذكور , ويحاولن استرداد القصر لفك اللعنة. الفيلم يشبه قصص الأطفال التي لا تتوسع في تبرير الحدث الدرامي فمثلا لانعرف سبب لعنة القصر!!. وهذا جعل القصة بسيطة خالية من الأبعاد الدرامية , كما ان استخدامهم للجرافيك يغلب عليه طابع القصص الخيالية كما نشاهد في افلام الرسوم المتحركة للتعبير عن وصول اللعنة اليهم فيجب أن يتعود الجمهور أنه عندما يشاهد فيلم فانتازيا لا يتساءل ماذا يحدث او ما مبرر الأحداث !!!!! لأنها لا تحاكي الواقع بل تكون من خيال المؤلف. الفيلم قدم مشاهد مقتبسة من أفلام مشهورة ولكن في شكل جديد «الكولاج» فمثلا المشهد الذي قدمه أحمد فهمي اثناء محاولته التخلص من الحمل بالقفز من اعلي السرير عدة مرات مأخوذ من فيلم «الحفيد» مشهد الفنانة «ميرفت أمين» وأيضا مشهد المرور من الليزر للوصول الي الخزنة مأخوذ من الفيلم الشهير الفخ «لكاترين زيتا جونز» والمشهد الأخير وهو محاربتهم للاطفال الذين يحرسون مخزن اللعب الذي يملكه عزيز الهانش «ادوارد» مقتبس من فيلم «أوشن 12» لجورج كلوني وبراد بت فقد قاموا باقتباس أهم المشاهد التي تركت أثر في ذاكرة المشاهد وأعادوا تقديمها بأسلوب «بارودي» ساخر في اطار كوميدي ليس به اسفاف ولا ينفر منه المشاهد. الأداء أحمد فهمي «شوق» وشيكو « شيماء» وهشام ماجد «شاهنده» حاول كل منهم سرقة الكاميرا من الآخر بتأدية أدوارهم بطريقة بسيطة وطبيعية فأداؤهم في هذه الشخصيات كان مختلفا عما قدموه من قبل كما استطاعوا ان يتقمصوا شخصية البنت من تعبيرات الوجه وأسلوب الحديث والأحاسيس والمشاعر وتقديم الحياة اليومية التي تعيشها البنات بالفعل رغم تغيير أشكالهم الي رجالا.. واستمروا في الحفاظ علي أداء شخصيات الفتيات التي كانوا عليها قبل ان تصيبهم اللعنة فكانت مباراة تمثيلية جيدة تبادلوا فيها الاداء الذي يجذب المشاهد فكل منهم يكمل الآخر وحاولوا بكل جهد الخروج عن المألوف وتقديم أفكار جديدة حتي لا يكرروا أنفسهم من عمل فني لآخر. إدوارد لم يقدم جديدا بل كان أداؤه مبالغا في هذا الدور علي الرغم من أن الدور به مساحة كو ميدية جيدة ولكنهم لم يستغلوها بطريقة صحيحة فكان عليه ان يقدم اداؤه بتلقائية وبساطة بدلا من هذا التكلف وكان من الممكن ان يصنع مع الثلاثي جوا مليئا بالإفيهات الكوميدية تعلق في أذهان الجمهور أكثر من ذلك. أما الثلاث بنات ويسرا اللوزي قدمن أدوارهن بشكل جيد برغم صغر المساحة الا انهم تركوا بصمة وخاصة «شوق» آيتن عامر التي قدمت دورها بتلقائية فهي تستطيع التغير من دور لاخر. الموسيقي التصويرية في بداية الفيلم كانت الموسيقي المصاحبة للاحداث موسيقي طفولية تستخدم في اعمال الاطفال ولكنها كانت تعبر عن توقع حدوث شيء ما ثم اقتباس موسيقي المسلسل التركي الشهير «العشق الممنوع» وتركيبها علي مشهد دخولهم علي شوق اثناء محاولتها التخلص من الحمل فكانت ملائمة للحدث كما انها اضفت روح كوميدية للمشهد اما عن الموسيقي في مجمل العمل فكانت مناسبة لاحداث الفيلم. المخرج أحمد سمير فرج يشكل له هذا الفيلم نهج جديد في الإخراج عما سبق وقدم من أفلام فهذة النوعية من الأفلام تجعل المشاهد يتآلف ويقترب أكثر من صناع العمل بل تصبح بينهم ثقة متبادلة بأنهم لن يخذلوه في الاعمال القادمة فقد قدم الثلاثي في شكل جديد ومختلف وتمكن من تغيير أدائهم عن الفيلم السابق والحفاظ علي اداء البنات ومن الممكن يقدم مع الثلاثي أعمال ناجحة اذا استمروا في العمل سويا. النهاية متوقعة ومناسبة لهذه النوعية من الافلام فهم متمردون علي أوضاعهم منذ الفيلم الماضي , فهم دائما يحاولون الخروج والعودة لطبيعتهم ولكنهم لا يستطيعوا. فهم مثل «أحمد مكي» يقضون علي الشخصيات حتي لا تتم إعادة استخدامها وينحصر ذهن المشاهد علي تلك الشخصيات وفي هذا الفيلم تم القضاء علي سمير وشهير وبهير من خلال مشهد حكاية علاقة «عزيز الهانش» بالثلاثي وكيف قضي عليهم حتي لا يرتبط نجاحهم بتلك الشخصيات فقط وهذا تصرف جيد حتي لايضعوا انفسهم في المأزق الذي وضع محمد سعد نفسه فيه من خلال شخصية اللمبي. الفيلم نجح أن يسرق الجمهور من همومه ولو للحظات في ظل هذة الظروف القاسية والأحداث المتوالية فقد استطاعوا رسم الابتسامة علي شفاههم فصناع العمل أثبتوا أنهم متجددون من عمل لآخر وأن لديهم المزيد من الأفكار التي لم تظهر بعد للتألق معا في أعمال أخري ولكن سوف يتطلب ذلك منهم جهدا كبيرا للحفاظ علي هذا النجاح وتقديم الافكار الجديدة التي لا يمل منها الجمهور لكي تظل الثقة متبادلة بينهم.