كغيره من المصريين العظماء يحظي الدكتور غنيم بمكانة رفيعة في ضمير ووجدان الشعب المصري ولاسيما فقراء الفلاحين الذين وجدوا فيه نموذجا فريدا للعطاء ووجدوا فيه طبيبا حنونا يشبه الطبيب الذي يتغني به الشاعر الشعبي في الكثير من المواويل فالرجل يكاد يرتقي درجات العشق لمهنته كما يرتقي المتصوف مدارج العشق الإلهي، حين يستمع إلي مريض تجده طيعا لينا كأن المريض صار ملكا وكأن الطبيب صار عبدا منصتا وحين يلمح إهمالا أو تقاعسا من جانب الأطباء أو طاقم التمريض ينقلب هذا الصوفي البسيط الرقيق إلي عاصفة من الغضب لأن إحساسه بالمسئولية عن صحة مريضه لا يمكن تصورها، أحبه الناس فدان له المثقفون بكل انتماءاتهم من اليمين إلي اليسار وأصبح بشكل هائل من هؤلاء الذين فتح الله لهم قلوب العباد فقبلوا منه ما لا يقبلوه من غيره لأنهم شاهدوه متفانيا في خدمتهم ومترفعا عن المناصب والجاه والمال فصدقوه ومنحوه المكانة التي يمنحها الفقراء للمخَلصين المُخلصين، ولكن لأننا الآن نمر بمرحلة الهجوم علي كل من ساعد أو أيد أو حتي امتدح شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير يتعرض الرجل لحملة شرسة وغير أخلاقية. حملة مجنونة تدفعني تلك الحملة المجنونة الشعواء للكتابة عن هذا المصري العظيم الذي وجد نفسه بعد الثورة التي ساهم مع عديد من المثقفين العضويين في إطلاق شرارتها الأولي وجد نفسه يرفض أن يكون في موقف الدفاع عن دينه وعن وطنيته، وتسببت تلك الحماقة التي ارتكبها بعض المتنطعين من مدعي التدين في إثارة مشاعر الكثيرين من محبي الدكتور غنيم فاتصل بي عدد من الأصدقاء العاملين في المحطات الفضائية يعرضون استضافة الدكتور غنيم ليرد علي تلك المهاترات التي تترك مناقشة البرامج والأفكار السياسية لتطعن في الدين والوطنية بلا مبرر سوي هذا السعار الانتخابي الذي جعل مطلقي تلك الحملة أنفسهم يتناسون دماء الشهداء ويتعاونون مع بقايا النظام لكي ينقذوا ثرواتهم وشركاتهم ولكي يحظوا برضا شيوخ النفط المرتعدين خوفا من انتصار الثورة المصرية. الطبيب المنتمي من المؤكد أن الدكتور غنيم محق تماما في رفضه للدفاع عن نفسه فأي مسلم وأي مسيحي يتمني أن يكون في عون الناس كما كان ولا يزال الدكتور غنيم في عيون مرضاه وأي وطني يتمني أن يقدم لوطنه ما قدمه هو، فهو مؤسس أكبر مراكز للكلي والمسالك في الشرق الأوسط وهو نموذج للطبيب المنتمي لأرضه وشعبه من أبناء الفقراء قدم لأجيال من الأطباء الشبان المثل والقدوة في الإخلاص والتفاني لمهنة الطب، فلم ينشغل بتجارة الأراضي والعقارات كما فعل غيره من مستثمري جراح وآلام الفقراء ولم يهتم حتي بفتح عيادة أو مستشفي خاص كما هو الحال بالنسبة لكل من هم في شهرته وآثر أن يمنح كل وقته وجهده لمركز الكلي والمسالك الذي كان ولا يزال قطعة محررة في محيط الظلم والعنت والتمييز والقذارة والإهمال الذي تشعر به ما إن تخرج للعالم خارج المركز الذي أطلق عليه البسطاء والفقراء" مستشفي غنيم" رغم أنه أحد المراكز الطبية لجامعة المنصورة وكأنهم يعوضون الدكتور غنيم عما فقده من عرض الدنيا ليمنحوه خلودا في ضمائرهم وقلوبهم ويمنحوه الدعوات التي هو جدير به. تأييد الثورة ولأن الدكتور غنيم هو يساري بمعني الانتماء لجموع الشعب من الفقراء وليس بالمعني الأيديولوجي للكلمة فقد وقف مؤيدا لمجموعة من شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير في الانتخابات التي تجري رغم كامل علمهم وعلمنا وعلمه هو شخصيا أنها انتخابات تجري في ظروف استثنائية تجعلها أقرب لأن تكون بوابة لإعادة إنتاج القهر والتسلط ولكن نزولا علي رغبة الأغلبية التي تم تغييبها من قبل القوي المدعومة من دول الخليج بالملايين التي تستخدم في الدعاية و تعبئة الكراتين للفقراء مقابل الحصول علي أصواتهم لصالح مستغليهم من أنصار الاقتصاد الريعي المسمي زورا وبهتانا بالاقتصاد الإسلامي، قرر الرجل أن يمنح وقته وصحته وحتي ماله لهؤلاء الشباب الثائر ليس طمعا في أغلبية قد تم حسمها لصالح التيارات الإسلاماوية التي يؤيدها المجلس العسكري ولكن من أجل المشاركة في وضع دستور متوازن يعبر عن كل خصائص هذا الشعب العريق وكل مكوناته الفريدة التي حافظت علي تفرده وتميزه علي مر التاريخ ودعما من جانبه للثائرين الذين لا يقبلون أن تذهب دماء شهدائنا هباء دون أن تتحقق أهداف الثورة التي عبر عنها شعار " عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية". اختلاق الأكاذيب كيف إذن قبل هؤلاء علي أنفسهم وضمائرهم أن يشوهوا صورة الرجل العظيم بالحديث عن حزمه في الإدارة " وعدم تسامحه في حقوق المرضي قبل خروجه للمعاش " علي أنه عنف وديكتاتورية مع المرءوسين وبالحديث عن انتمائه للفقراء علي أنه شيوعية وعلمانية، كيف جرؤ هؤلاء علي اختلاق الأكاذيب عن رجل صنعه الله من الصدق، إن الشعب المصري العظيم لن يقبل أبدا أن يشوه هؤلاء الطغاة الجدد رموزه الوطنية ولن يقبل أن تلغي مجموعة من المتاجرين بالدين كل تاريخ كفاحه من أجل إنجاز ثورته الوطنية الديموقراطية، إن هؤلاء الذين يحاولون طمس معالم حضارة مصر هم أنفسهم الذين يتطاولون علي الدكتور محمد غنيم كما تطاولوا من قبل علي الشيخ علي عبدالرازق وطه حسين ونجيب محفوظ، وهل محمد غنيم ابن مصر البار بفقرائها سوي أحد هؤلاء العظماء؟