اختتمت الأسبوع الماضي جلسات المؤتمر العالمي الثاني للإعلام الإسلامي "تأثير الإعلام الجديد وتقنية الاتصالات علي العالم الإسلامي" والذي تعقده رابطة العالم الإسلامي بالتعاون مع وزارة الشئون الدينية الإندونيسية في العاصمة جاكرتا، حيث دعا المؤتمر الذي عقد بالتعاون مع وزارة الشئون الدينية الاندونيسية، حكومات الدول الإسلامية ومؤسسات الإعلام فيها والإعلاميين المسلمين ومؤسسات الدعوة والعمل الإسلامي إلي التعاون ضمن آليات عمل مشتركة للنهوض بالإعلام الإسلامي، ودعمه بما يحقق أهدافه ويحافظ علي شرف مواثيقه، وينجز أهدافه الإسلامية والإنسانية. ودعا المؤتمر في «بلاغ جاكرتا» الصادر عنه في ختام أعماله وسائل الإعلام في الأمة الإسلامية لمساندة جهود الحوار مع مختلف الثقافات وأتباع الديانات والحضارات، ومد جسور التواصل معها وإيجاد البرامج التي تؤدي تلك المهمات، واستلهام المنهاج الإسلامي في التواصل والحوار مع غير المسلمين انطلاقاً من قوله تعالي: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَي كَلِمَةٍ سَوَاء بَينَنَا وَبَينَكُمْ (64) سورة آل عمران. وذكر البلاغ بأهمية الإعلام في ترسيخ قيم الأمن والتكامل في المجتمعات الإسلامية بين الجهات الرسمية والشعبية، ودوره في مواجهة التطرف والغلو والفتن والإرهاب. وحث الجمعيات والمراكز الإسلامية ووسائل الإعلام علي الاستفادة المنضبطة بضوابط الشرع من شبكات التواصل الاجتماعي وفق خطط مدروسة باعتبارها فرصة للتفاعل والتشارك ولزيادة جهود العمل الدعوي والخيري والطوعي. وكالة الأنباء الإسلامية كما حث علي إنشاء مراكز ومعاهد للتدريب تركز علي الجانب العملي والتطبيقي، مع أهمية مراعاة التقدم التقني المطرد في وسائل الإعلام والاتصال، لتأهيل نخب إعلامية مسلمة تقوم بواجبها الدعوي من خلال الإعلام. وأكد البلاغ أهمية العمل علي تطوير مناهج كليات الإعلام وأقسام الدراسات الإعلامية في العالم الإسلامي، لمتابعة التطورات المتلاحقة في مجال الإعلام ووسائله علماً وممارسة، بما في ذلك توفير المعامل والمعدات التي يحتاج إليها الطالب لتطبيق ما يتلقي من نظريات، وبما ييسر للمتخرجين التعامل مع ما ينتجه العالم اليوم من مخرجات تقنية إعلامية. كما أكد أيضا أهمية تطوير مهارات استخدام المعلومات لدي الأجيال الجديدة وتدريبهم علي أفضل وسائل استثمار المعلومات، بما يعود بالنفع الحقيقي علي هذه الأجيال، وتضمينها في مناهج التعليم بالمراحل الإعدادية والثانوية بما يسهم في تطوير مهارات البحث عن المعلومات، والإفادة منها وفق مناهج وخطط مدروسة، ومنضبطة بقيم الإسلام. وطالب بالعمل علي تعزيز دور وكالة الأنباء الإسلامية الدولية «إينا» واتحاد الإذاعات الإسلامية وتطوير أدائهما وفقاً لقرارات وزراء الإعلام في الدول الإسلامية، ودعوة رابطة العالم الإسلامي ووزارة الثقافة والإعلام في المملكة العربية السعودية إلي عقد ندوة يجتمع فيها متخصصون لدراسة سبل تعزيز دور الوكالة والاتحاد. وناشد العاملين في الإعلام والمخططين وصانعي القرار الإعلامي في المجتمعات المسلمة لوضع توصيات هذا المؤتمر ضمن آليات عملهم لخدمة الإعلام الإسلامي. الإسلاموفوبيا ومن أهم جلسات المؤتمر الجلسة الخامسة والأخيرة التي أدارها الأستاذ المحاضر في الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا الدكتور علي بن حنيف، هذه الجلسة ناقشت محور "الإعلام والحوار مع الآخر" وهو أهم محور نحتاج إليه الآن في بلداننا العربية حيث ألقي فيها المدير السابق للجامعة الإسلامية في ماليزيا "الدكتور سيد عربي عيديد" كلمة دعا فيها إلي تكوين هوية موحدة للإعلام الإسلامي، وإحلال وسائل وتقنيات الإعلام الجديد مكان الإعلام الإسلامي التقليدي، وحث الأخير علي إعادة تشكيل نفسه مع ما يتوافق وتقنيات العصر. من جهته قدم مدير معهد الدراسات الإسلامية والعربية في الهند الدكتور ظفر الإسلام خان بحثا حول (القضايا الإسلامية في منظومة الإعلام الدولي) أشار فيه إلي أن 90% من الإعلام الدولي بيد أربع مؤسسات إعلامية تديرها، وأن الإعلام الغربي الذي وصفه الباحث بالعدائي تفرغ لشن حملات ضد الإسلام والمسلمين كعدو وذلك منذ سقوط الاتحاد السوفيتي عام 1991 والذي كان عدوا لهذا الإعلام مشيرا إلي أن هذا العداء اشتد بعد 11 سبتمبر 2001 . وأكد الباحث أن الإعلام الغربي لم يكن محايدا تجاه قضايا الإسلام والمسلمين، وأنه تأثر بتاريخ الحروب الصليبية ورجال الكنيسة بالإضافة إلي وجود مؤسسات وراء ظاهرة الإسلاموفوبيا، مشيرا إلي أنه ورغم وجود قوانين تجرم سب الديانات في دول غربية إلا أنها تدين فقط من يسب المسيحية أما من يسب الإسلام والمسلمين فلا تنطبق عليه. من جانبه قدم رئيس الجامعة الإسلامية الحكومية بجاكرتا الدكتور قمر الدين هداية بحثا حول (رسالة الإعلام الإسلامي في دعم الحوار ومناشطه) ركز فيه علي أهمية الاستفادة من وسائل التقنية الحديث في تعزيز لغة الحوار بين المسلمين وغيرهم وإيصال قيم التسامح لهم التي حث عليها الدين الإسلامي. قلة الكوادر ومن جانبه أكد نائب وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالله الجاسر أن الإعلام الإسلامي ليس له من خيار أمام نظيره الدولي إلا المنافسة خاصة في ظل تقنيات الاتصال الحديثة ووسائل الإعلام الجديد، مبديا تفاؤله في أنه من الممكن أن يحقق الأول بعض الإنجاز من خلال القطاع الخاص والمملوك لإعلاميين مهرة ومتدربين. وقال الجاسر إن 70% من الإعلام الجديد مرتبط بالشباب والباقي يذهب للإعلام التقليدي، مشيرا إلي أن الإعلام الإسلامي إذا أراد الدخول إلي عالم الإعلام الجديد «New media » أو بالأصح الإعلام الآني "Media Now " كما يحب الجاسر أن يطلق عليه فإنه ليس بحاجة إلي تنظير بل إلي تطبيق يتعاون فيه الجميع. ولفت الدكتور الجاسر إلي أن الإعلام الإسلامي بحاجة إلي مال وكوادر مهنية مدربة وتقنيات حديثة بالإضافة إلي صدق النية من القائمين عليه وذلك للنهوض به، مشيرا إلي أن هذا المؤتمر خطوة مهمة في بحث ومناقشة مكانة الإعلام الإسلامي علي خارطة الإعلام الدولي، متمنيا أن يشارك المزيد من المهنيين والمختصين في النسخ القادمة لهذا المؤتمر والذي أقر في ختام أعماله انعقاده كل عامين ، وأن يتم تدارس وثائق المؤتمرات ذات الصلة كمؤتمرات وزراء الإعلام العربي والإسلامي والاستفادة منها. وعن المعوقات التي تحد من تطور الإعلام الإسلامي قال ان ضعف الكوادر وقلة التدريب والتمويل وكذا عدم استخدام وسائل وتطبيقات التقنية الحديثة هي من أهم تلك المعوقات بالإضافة إلي وجود فراغ قانوني ينظم عمل الإعلام العربي والإسلامي في وقت هما بحاجة إلي تشريعات حقيقية تحميهما والعاملين فيهما وكذا تحمي الناس منهما ومنتسبيهما. وجادلهم بالتي هي أحسن وأصدر المؤتمر توصيات خاصة برابطة العالم الإسلامي والمنظمة لهذا المؤتمر بالتعاون مع وزارة الشئون الدينية الإندونيسية دعاها فيه إلي تأصيل التعاون بين مؤسسات العمل الإسلامي ومؤسسات الإعلام الإسلامي من خلال انتهاج العمل العلمي القائم علي الخطط والاستراتيجيات. وأوصي المؤتمر الرابطة بتكوين هيئة من الأكاديميين والممارسين، يكون من أهدافها دراسة واقع الإعلام والاتصال في العالم الإسلامي كماً وكيفاً، واقتراح العلاج للمشكلات، وإصدار تقرير سنوي عن سبل الارتقاء بهما، وأن تعقد اجتماعات بشكل دوري للنظر فيما يجد من آراء. كما أوصاها بدعم الهيئة الإسلامية العالمية للإعلام التابعة لها بما يؤهلها إلي العمل في ظل التطورات الإعلامية في العالم والتعامل مع تأثيرات الإعلام الجديد وتقنية الاتصالات، ويكون من ضمن مهامها ما يلي: إقامة حوار حضاري وثقافي بين المسلمين بعضهم مع بعض، وبين المسلمين وغيرهم، عماده الاحترام المتبادل، وأن يكون نهج المسلمين فيه وفق قوله سبحانه وتعالي في كتابه «وجادلهم بالتي هي أحسن»، وتكثيف الاتصال بالمؤسسات الإعلامية والعلمية والثقافية والتربوية والفكرية العالمية، التواصل المستمر مع المؤسسات الإسلامية داخل المجتمعات غير المسلمة ودعمها وتقوية مناهجها، التواصل مع المنصفين من غير المسلمين من المؤسسات والعلماء، دعم دور النشر التي تهتم بترجمة كتب التراث والحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والدعوة إلي إنشاء صندوق عالمي للإنفاق علي الترجمة.