تواجه الكتل الصحفية الفلسطينية في غزة مشكلات عديدة بشأن نقابتها، وتعد هذه المشكلات ما هي إلا درب من دروب الخلاف السياسي القائم، ولذلك فإن الأجواء السياسية الإيجابية في الأيام الأخيرة إزاء تطبيق المصالحة تعني أننا ربما نكون في طريقنا لحل الكثير من الإشكاليات التي رافقت الانقسام بما فيها الخلاف بشأن النقابة. وكان صحفيون معظمهم من جيل الشباب قد سيطروا علي مقر نقابة الصحفيين مؤخراً وشكلوا لجنة تسيير أعمال مهمتها ترتيب أوضاع النقابة في غضون ستة أشهر وفتح النقاش بشأن ملف العضوية الحالي الذي يحرم فئات كثيرة من الصحفيين من الحصول علي العضوية. فيما استنكرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين بشدة إقدام ما يسمي ب"لجنة تسير الأعمال" التي اختطفت مقر النقابة في قطاع غزة بقوة ودعم جهاز الأمن الداخلي التابعة لحكومة حماس المقالة في قطاع غزة، بالدعوة لعقد اجتماع لمناقشة النظام الداخلي للنقابة، الأمر الذي يكشف حالة القرصنة وانتحال صفة النقابة في قطاع غزة من قبل تلك المجموعة، وذلك حسب ما ورد علي لسان مسئولي النقابة. ودعت نقابة الصحفيين الفلسطينيين كل الصحفيين والصحفيات العاملين في قطاع غزة لمقاطعة هذا الاجتماع باعتباره اجتماعا غير قانوني وينم عن عقلية حزبية معزولة تستهدف اختطاف النقابة ونظامها الداخلي، كما أن النقابة تحذر في الوقت ذاته كل المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية ونقابات الصحفيين علي المستوي العربي والدولي من التعاطي مع هذا الجسم غير السوي الذي ولد من رحم الانقسام وتنامي رغبات البعض بتكريس حالة الفصل بين شقي الوطن في فلسطين وتعميمها للجسم الصحفي الفلسطيني الذي سيبقي موحدا في مواجهة الشرذمة والانقسام والتمزيق. عقلية انتهازية وتري النقابة في هذا الإطار أن المجموعة التي قامت باختطاف مقر النقابة تحت مظلة وحماية جهاز الأمن الداخلي لحكومة حماس المقالة، لا تمثل الصحفيين الفلسطينيين بقدر ما تمثل عقلية انتهازية باتت تستهوي حالة الانقسام لتحقيق مكاسب شخصية فئوية وحزبية ، وتسعي لتقويض حرية التعبير وحرية الرأي اضافة الي انتهاج سياسة احتواء سلطة الإعلام الرقابية والتنويرية للمجتمع عبر مجموعة من الإجراءات الاقصائية والاستقواء بقوة امنية نافذة في قطاع غزة للاقتصاص من الصحفيين وملاحقتهم والتضييق عليهم بالاعتداء والضرب والتهديد والوعيد في ابشع صورة لكتم الحقائق وتزويرها. إن نقابة الصحفيين الفلسطينيين تؤكد في هذا الاطار: 1- مطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية والأحزاب والفصائل للضغط باتجاه الإخلاء الفوري لمقر نقابة الصحفيين من قبل هذا المجموعة التي تسعي لتغطية نفسها بشرعية منقوصة وملفقة وتحت حماية " السلاح". 2- دعوة كل المؤسسات الإعلامية المحلية والعربية والدولية لفرض عزلة علي هذه المجموعة التي تسمي نفسها ب" لجنة تسيير الأعمال"، والامتناع عن التعامل معها باعتبارها معادية للإعلام ولحرية الصحافة والصحفيين. 3- إن نقابة الصحفيين تحمل سلطة الامر الواقع وأجهزتها الأمنية في قطاع غزة كامل المسئولية عن الجريمة التي نفذت بحق مقر نقابة الصحفيين والملاحقة بالاعتقال والاعتداء والاحتجاز والتحقيق والتهديد للصحفيين في قطاع غزة، وتطالبها بوقف ملاحقة الصحفيين والافراج الفوري عن الصحفيين المحتجزين لديها. 4- دعوة كل الصحفيين والصحفيات برفض التعامل مع هذه اللجنة ومواجهة اي اجراءات تعتزم اتخاذها بحقهم بما في ذلك إجبارهم بالقوة للحصول علي عضوية النقابة في قطاع غزة التي سيطروا عليها بقوة السلاح، ومقاطعة اي دعوات واجتماعات بما في ذلك الاجتماع المقرر عقده غدا تحت عنوان " بحث النظام الداخلي" وتعديله ، خاصة ان نقابة الصحفيين انجزت النظام الداخلي واعتمدته من خلال هيئاتها القانونية والشرعية. 5- دعوة كافة المؤسسات الإعلامية المحلية بمختلف انواعها للتدقيق في كل البيانات والاعلانات التي تقوم ما تسمي ب"لجنة تسيير الاعمال" وباسم نقابة الصحفيين بتوزيعها ونشرها، واخذ المعلومات الخاصة بالنقابة من مصدرها الرئيسي . اتهام مرفوض وقد رفضت "لجنة تسيير الأعمال اتهم القائمون علي النقابة التي تقودها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) صحفيين من حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والجهاد الإسلامي ب"الاستقواء" علي الموجودين في النقابة الحالية ومنعهم دون أي سند قانوني من دخول المقر. ويمكن اختصار الخلاف القائم علي نقابة الصحفيين في عدة إشكاليات أبرزها حرمان الكثير من الصحفيين خاصة من جيل الشباب من العضوية، وعدم إجراء انتخابات للنقابة في غزة، وقدم النظام الداخلي الموجود. واتهم رئيس لجنة تسيير الأعمال الصحفي أيمن دلول النقابة الحالية بتهميش الصحفيين وعدم الوقوف إلي جانبهم وحرمان العشرات منهم من العضوية ووجود تدخلات أمنية كانت واضحة في حراك 2010 الذي نتج عنه ما أسماها "مهزلة" انتخابات اقتصر إجراؤها علي الضفة. وقال دلول إن الصحفيين لم يلحظوا أي حراك جدي أو تغيرات بعد الانتخابات وإن الوضع زاد سوءا، فقرروا أن يتخذوا خطوة للأمام وتشكيل لجنة تسيير الأعمال لتقوم بالتجهيز للانتخابات وتنظيم ورش عمل لمناقشة النظام الداخلي. وأشار دلول إلي أن النظام الداخلي بنقابة الصحفيين غير عادل وقديم جداً حيث يستثني الصحفيين العاملين في المواقع الإلكترونية وفي الإذاعات، وأكد استعداد لجنة تسيير الأعمال للمضي قدما في الحوار مع كل الأطر الصحفية لبحث الملفات العالقة. ورفض دلول ربط السيطرة علي النقابة بالانقسام الفلسطيني، وقال إنها خطوة اضطروا لها بعدما ضاقت بهم سبل الحل ونيل حقوقهم من النقابة، وأكد وجود اتصالات ومحاولات وتدخلات لحل القضية من بعض الأطراف. الحل هو الانتخابات بدوره أكد رئيس المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية الصحفي فتحي صباح أن الحل لمشكلة النقابة يكمن في إجراء انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية وموحدة بين شقي الوطن قائمة علي أساس مهني وليس سياسيا. وأوضح صباح للجزيرة نت أنه يجب عدم التمييز بين أعضاء النقابة حيث إن العضو هو من تنطبق عليه الشروط الواردة في النظام الداخلي وليس حسب الانتماء السياسي. وأشار صباح إلي أن أي حل أو فكرة أو وساطة لإنهاء الخلاف القائم يجب أن تقوم علي إجراء الانتخابات بعد فتح باب العضوية لكل من يستحقها وغربلة الأعضاء القدامي، وإعطاء كل ذي حق حقه. من جانبه قال عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين في غزة الصحفي تحسين الأسطل إنهم ممنوعون الآن من دخول مقر النقابة بغزة دون وجود قرار حكومي أو قضائي، فالقصة كما يراها "فقط بلطجة وعربدة واستقواء بقوة بعض المحسوبين علي كتلة الصحفي التابعة لحماس وعلي صحفيين من الجهاد الإسلامي". وتحدث الأسطل عن مساع متقدمة لحل الإشكالية، وأنهم منفتحون علي حل القضية بالحوار ومتفائلون بالوصول إلي حل خاصة في ظل أجواء المصالحة الوطنية. وذكر الأسطل أن النقابة الحالية تعاملت مع كل القضايا الخلافية باتزان، وكان إقرار النظام الداخلي بانتظار انعقاد المؤتمر العام الشهر الجاري، "لكن تفاقم المشكلة منع هذا الانعقاد، وقد أخذنا جميعا الملاحظات علي النظام القديم". وعن إشكالية العضوية قال الأسطل إن المشكلة أمامنا والحائل هو إغلاق مؤسسات إعلامية في الضفة وغزة بعد الانقسام، وصحفيوها لا يمارسون عملهم ولذلك لا نريد أن تضيع عضوياتهم وحقوقهم، نافياً أن يكونوا انتهجوا "نهج المراوغة في حل كل الإشكاليات القائمة في النقابة".