محافظ الفيوم يستقبل وزيرة التضامن الاجتماعي لبحث ملفات الحماية الاجتماعية    محافظ سوهاج يتفقد مشروع رصف طريق بناويط - جهينة بطول 9 كيلومترات    ردا على فرانس برس.. سوريا تنفي اعتزامها تسليم مقاتلين من الإيجور إلى الصين    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    كاف يعتمد ملعب برج العرب لاستضافة المباريات    رئيس الصرف الصحي بالإسكندرية تعلن الاستعدادات ل 17 نوة.. وخفض نقاط تجمع الأمطار إلى 16 فقط    خبير اقتصادي يكشف أسباب ارتفاع أسعار الذهب وتوقعاتها خلال الفترة المقبلة    البنك المركزى: 30.2 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج خلال 9 أشهر    في الجول يكشف كيف يفكر الأهلي في ملف تجديد اللاعبين الذين ستنتهي عقودهم بنهاية الموسم    التنسيقية : إرادة المصريين خط أحمر .. الرئيس يعزز ثقة الشعب في صناديق الاقتراع    وزير الثقافة ومحافظ بورسعيد يناقشان خطة تطوير عدد من المنشآت الثقافية ودعم الفعاليات بالمحافظة    مقتل 18 شخصا جراء الانهيارات الأرضية في إندونيسيا    حماة الوطن بالإسماعيلية ينظم مؤتمرًا جماهيريًا لدعم مرشحيه في انتخابات النواب    أهالي قرية ببني سويف يطالبون بتعزيز من «الإسكان» قبل غرق منازلهم في الصرف الصحي    حماة الوطن يرحب بتوجيهات الرئيس: الإرادة الشعبية صاحبة القول الفصل في اختيار ممثليها داخل «النواب»    الزمالك يشكر كل من قدم العزاء في رحيل محمد صبري    الكرة النسائية l مدرب نادي مسار: نستهدف التتويج برابطة أبطال إفريقيا للسيدات    بعد الحكم بإعدامها.. ما هو أول رد فعل من رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة؟    اعرف عقوبة التلبس بمخدرات للتعاطى.. بعد ضبط شادى ألفونس وبحوزته ماريجوانا    الأرصاد الجوية : تغيرات مفاجئة فى درجات الحرارة والقاهرة تصل ل30 درجة    تعرف على حورات أجراها وزير التعليم مع المعلمين والطلاب بمدارس كفر الشيخ    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    رئيس دار الأوبرا المصرية يزور الموسيقار عمر خيرت فى المستشفى    هيئة الدواء: توفر علاج قصور عضلة القلب بكميات تكفي احتياجات المرضي    مدبولي: تيسيرات لإجراءات دخول السائحين عبر تطبيق منظومة التأشيرة الإلكترونية    حزب المؤتمر : كلمة الرئيس عن الهيئة الوطنية خطوة حاسمة لترسيخ النزاهة في العملية الانتخابية    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    موعد التصويت بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    الزمالك يوضح حقيقة عروض احتراف البرازيلي بيزيرا    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    بطولة منة شلبي وإياد نصار.. الحب والحرب مسلسل تدور أحداثه خلال الحرب على غزة في رمضان 2026    جولة مفاجئة لوزيرالتعليم في مدارس كفر الشيخ    اتصال هاتفي بين وزير الخارجية ونظيره السوداني    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    مقتل عناصر عصابة شديدة الخطورة وإصابة ضابط بعد تبادل لإطلاق النار    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    صفقة حامد حمدان تحدد مصير سيف فاروق جعفر فى نادى الزمالك    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    سعر الدينار الكويتى اليوم الإثنين 17 نوفمبر 2025 أمام الجنيه    كوريا الجنوبية تقترح محادثات مع نظيرتها الشمالية لترسيم الحدود    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    رئيس مصلحة الجمارك: منظومة «ACI» تخفض زمن الإفراج الجمركي جوًا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    توم كروز يتسلم جائزة الأوسكار الفخرية بخطاب مؤثر (فيديو)    وزير الري يتابع تنفيذ مشروع إنشاء قاعدة معرفية للمنشآت الهيدروليكية فى مصر    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    لمواجهة الصعوبة في النوم.. الموسيقى المثالية للتغلب على الأرق    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    بعد صلاة الفجر.. كلمات تفتح لك أبواب الرحمة والسكينة    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 17 نوفمبر 2025    السيطرة على حريق نشب في سيارة ملاكي و4 موتوسيكلات بأرض فضاء بالزاوية الحمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس بالطوارئ نقاوم أمراض مجتمعنا
نشر في القاهرة يوم 04 - 10 - 2011


في حفل استلامه لجائزة نوبل، قال الدكتور أحمد زويل: لوكانت هناك جائزة نوبل في العلوم والآداب من قديم الزمان، لاستحقّها المصريون علي مرّ الأحقاب ! وأنا اعتبر العبارة غير شوفينية ، بل أضيف إليها شهادة جيمس برستيد بأنّ الشعب المصري هو مهد الحضارة وفجر الضمير، ومنبع الأديان والعمران والفنون والآداب والأخلاق الذي نهلت منه الدنيا كلّها.وبعد 25يناير 2011طلع باراك أوباما يتمنّي أن يكون أولاد أمريكا مثل المصريين! ورغم كلّ التخوّفات والأوهام، تقوّي الأحداث الجارية في مصر هذه الأيام وآخرها جمعة تصحيح المسار - التي قاطعها الإخوان وأحزابهم وللغرابة أيضا حزب الوفد! مشاركا في الاتّجاه بالتركيز علي المصالح الانتخابية الضيقة. هذا التركيز في الظروف الحالية وهي بالتأكيد غير مستمرة والوعي العام لم يتبلور بعد، يجعل التعلّق بكسب الانتخابات هو الأقلّ كفاءة في مجال التعبير عن الإرادة الشعبية. ومازال أمامنا الكثير من الوقت والجهد لنحصل علي الأسلوب المرضي للتعبير عن الأفضلية في المجال السياسي العام .ومع ذلك فإنّ صدق الأهداف التي خرجت بها مليونية تصحيح المسار لايزال رغم النيران التي اشتعلت نهاية اليوم، يقوّي من صدق شهادات الدنيا والتاريخ لنا ، كما يقوّي من معرفتنا. تؤكد النهاية المؤسفة لجمعة تصحيح المسار، بالأحداث المريبة وغير المبررة لماوقع أمام السفارة الإسرائيلية ومديرية أمن الجيزة، تؤكد أن المعرفة - وليس الانتكاس بالعودة إلي تفعيل قانون الطوارئ - هي السبيل الأساسي للتجديد والتغيير وتصحيح أخطاء الجميع.أقول لوزير العدل،المستشار محمد الجندي الذي جمعتني به مؤتمرات للدفاع عن حقوق الإنسان المصري،أنّ هيبة الدولة لاتكمن في قانون الطوارئ، إنّما في الجهد والتعب من أجل خلق سياسة متماسكة وتحديدإطار للمفاهيم يبرز الغايات الإنسانية لثوار 25 يناير. الذين لم يصبحوا حكاما بينما قلوبهم عامرة بالإمكانيات المتاحة أمام قدرة المجلس العسكري ومجلس الوزراء علي الإنجاز !وتلك معضلة تاريخية وقع عبء معالجتها علي عاتق الذين أصبح قدرهم قيادة البلد في مرحلة انتقالها . ولعلّ أكثر ما يثير السخرية أن يخافوا ويخيفوننا معهم من حفنات البلطجية والمندسّين وضعاف العقول ! من أجلهم يعجلون علي مصر وملايين المصريين بقانون الطوارئ الذي ليس لنامعه من ذكريات إلاّ الصمت والخوف والمذلّة والمهانة، وعهود حكم لطّخت سنينها وميزاتها وإنجازاتها بالعار ! بدلا من أن نسال ونتساءل ونتفاهم عن الذي يعيد الأنفاس للبلطجة والاندساس وضعف العقل وقد شهدتها الدنيا وقد تقطّعت وانحبست طيلة ثمانية عشر يوما عصيبة حقّقت إسقاط رأس النظام ورموزه رغم أنف قانون الطوارئ. أعراض مجتمعنا التلويح بقانون الطواريء، وإعطاء مبررات لاستخدامه مبنية علي حسن النوايا والتمييز المدعي والمستهلك بين من يطبق عليهم ومن لايطبق، ليس إلا عجزا عن إنتاج الوسائل التي تتعامل مع أمراضنا الاجتماعية قديمها وحديثها . والأمر إجابة شديدة التشاؤم علي السؤال الخاص بما إذا كان شعبنا باستطاعته أن يتمثل الحرية والديمقراطية بحيث تصبح فلسفة لثورته بعد أن عاش عشرات السنين ينفثون في وعيه بعدم استحقاقها وضعف جدارته؟ ومن حسن الحظّ أنّ الأحداث من 25يناير وحتّي يومنا هذا وشعارات «الجيش والشعب إيد واحدة واللي يحب مصر ميخربش مصر ..) أكدت أنها شعارات يمكن تطبيقها، و أن شعبنا ممتليء بالطاقة الكامنة لضمان الخلاص من عيوبه وأن الجيش والشعب نجحا إلي حد كبير في حقن دماء المصريين ونجت مصر من حالة ليبيا وسوريا. ينتابك القلق طيلة أيام الثورة وكلّ جمعة مليونية، فتمتلئ نفسك بالطمأنينة وأنت تطالع الدعوة إلي التحركات، وبها أدق قواعد الترتيب والتنظيم، من الملابس التي تخرج بها من بيتك، والأوراق التي يجب أن تتركها وتلك التي تصطحبها معك، وتحديد أماكن التجمع. احم نفسك لكن لا تعتد، التزم بالهتافات المقرّرة، والتأكيد علي سلمية التحركات واستقلالها وأنها تحت راية مصرية خالصة تتجرد حتي من هوية المشاركين.. ثمّ تستمرّالثورة تجمع عواملها الدافعة من واقع الأفعال وردود الأفعال! تتعايش بعد 25يناير 2011أكثر من مصر فرعية مع بعضها بصعوبة، والعلاقات بينها متوتّرة،فالمجلس العسكري الذي أمسك بالسلطة مهمته انتقالية قد تبرر تباطؤه ضدّ الظلم الاجتماعي في انتظار أن توضع الأمور علي كاهل السطة المدنية الناجمة عن الانتخابات الموعودة والدستور الموعود . والسلفيون والإخوان وبقية الإسلاميين يسعون إلي التعبير عن أنفسهم سياسيا بدلا من الاندماج في الكل الأكبر، وتطور الأحزاب القديمة لايزال يبحث عن مخرج، وهناك عدد هائل من أسماء ظهرت حديثا.. وتجري التفاعلات في جوّ من القلق الذي يربط في انفعال بين مآسي المصريين المحرومين وشكوك ومخاوف المصريين المستقرين نسبيا، والذين رغبوا وشعروا بأهمية إحداث تغيير كبير ولكنهم لم يثقوا بعد ولم يعرفوا ماذا يجب أن يكون عليه هذا التغيير؟ والكل لم يجد بعد الطريق للانفكاك من دولة ونظام وتقاليد ومصالح مصر الماضية بعفنها الروتيني والبيروقراطي وآلاف الموظفين المستأسدين في المصالح والدواوين، ذيول الأفاعي التي حبست في أقفاص الاتهام! وكل مصر من التي قدمت مثالا لها، تميل إلي إسقاط رؤيتها الخاصّة للواقع علي الجميع،وجميعنا مرتبط بمطالب السعي لتحسين الوسائل من أجل بلوغ غايات لم تحدّد بعناية !من منا لايعرف الإجابة علي سؤال لماذا تطالب فئات برفع الحد الأدني للأجور؟ وكم منّا يعرف الإجابة علي كيف يتم ذلك ؟ والوضع الذي وصفناه يشتّت الطاقة الفكرية، والشعور بالاتجاه القومي العام ويكبت فرص التعبير الذكي لتنظيم الإرادة الشعبية.. وعموما يتّجه للتأثير في المجتمع المصري بأسلوب غير مخطّط، تنهشه أفكار وقيم ودفعات تتغذي علي المصالح الخاصة بمصر قبل الثورة التي نستسهل تسميتها بالفلول. مصادر جديدة هذه الحالة تستحثّ البحث عن مصادر جديدة للشعور والمسئولية، لاتنسوا ما قام به شباب مصر لتدركو إلي أي مدي يفرض شبابنا نفسه في معادلات القوّة والتغيير. ربما نفهم للسبب نفسه الهواجس التي نعيشها تجاه المجهول، نستشعر خطر تشتيت وتفتيت لحظة الميلاد الجديد "الرينيسانس" الذي صنعه شباب اللوتس فأوجدوا هذا الضغط الخاص جدّا علي أوضاعنا القديمة. أسقطوا الجمهورية الأولي بعهودها من عبدالناصر إلي السادات إلي مبارك وأحالوها إلي محكمة التاريخ، لها ما لها وعليها ما عليها! حولوا حلم الدولة المدنية الديمقراطية من رجاءات إصلاح إلي إجراءات ثورية ملزمة. تشجّعوا والغوا قانون الطوارئ وكثفوا من معرفة الجميع بقيم التسامح والنقد والحوار، عندما يتعلّق الأمر بتحرير الشعب الذي لايمكن أن ننصفه مع الأسف إلا بشكل إنساني. وربّما لأول مرة في تاريخنا: لافرعون، لا سلطان ،لاملك، لاخليفة،لابطل ، لاكاريزما .. بما يتيح للمصريين فرصة أن يخرجوا علي تراثهم القديم، ليستغنوا عن الزعيم الذي يفتنهم ويجرّهم وراءه، مسجلا في تاريخنا الحديث العلاقة البشعة بين الشعبية والطغيان. والذي يخلص في مشاركة وتأمل تحركات الشباب في مصر هذه الأيام، يمكنه أن يرصد ويعاشرتجارب تلقائية بسيطة ومتعددة ومتحررة بدرجة كبيرة من التحكم التمويهي المنافق، تحاول أن تعتمد كثيرا علي استخدام العقل المحايد. وفي هذه التجارب التي شاركت في بعضها مثل مؤتمر مصر الأول والقافلة إلي قرية " العشرة آلاف فدّان" علي طريق الاسكندرية القاهرة الصحراوي، واجتماعات جماهيرية متعددة ، وحتي الاستئناس بأفكار ابني العائدين من أوروبا لقضاء اجازتهما، أرهقت نفسي لأشرب ثانية من نبع الشباب ولألتحق مرة أخري بحيويته. والسؤال هو مع من يسير الشباب البريء، وكيف يخرج تمرده ويخرجنا معه من الطريق المسدود بقدس الأقداس"السوق الحرّة " و" صندوق الاقتراع "وتعلوهما في كلّ الأماكن الراية المدعاة البراقة " حقوق الإنسان؟ يعرف ونعرف مع ثوار لم يصبحوا حكاما كيف نفلح أن نكون من الغانمين، وفي أقلّ تقدير ألا نتحول إلي غنائم لطامعين جدد؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.