هيئة الرقابة النووية: الوضع فى مصر آمن تمامًا    رئيس حزب المصريين الأحرار ل«روزاليوسف»: عصام خليل: نستعد للانتخابات بكوادر جديدة    لتجنب تأثير الحرب «الإيرانية-الإسرائيلية» مصر تستعد ب 3 سيناريوهات لحل أزمة الغاز    أسعار الأسماك في شمال سيناء اليوم الأحد    قانون الإيجار القديم أزمات ومقترحات ونقابات    معلومات الوزراء يستعرض بالفيديو جهود مصر لاستقبال وترسية سفن إعادة التغييز    يتشدق بها تجاه دول المنطقة.. ويغض الطرف عنها فى غزة «أكذوبة» حقوق الإنسان فى الغرب    مسئول إسرائيلي: اتفاق جيد مع إيران قد ينهي برنامجها النووي    إيران تستخدم صاروخ "خيبر" لأول مرة في ضرب إسرائيل    خبراء سياسيون أكدوا أن أخطر ما يتعرض له قطاع غزة هو المزايدة السياسية قوافل المتاجرة بالقضية الفلسطينية لن تمر ب«الابتزاز»    موعد مباراة الوداد ويوفنتوس في كأس العالم للأندية والقناة الناقلة    صباحك أوروبي.. جويهي يفضل ليفربول.. إفساد خطة برشلونة.. وجاهزية موسيالا    بصحبة زوجته..إمام عاشور يغادر بعثة الاهلي في أمريكا ويعود إلى القاهرة    يسرائيل هيوم: ارتفاع عدد المصابين إثر الضربة الصاروخية الإيرانية إلى 27    تعرف علي اوائل الشهادة الإعدادية بالشرقية    السيطرة على حريق داخل جامعة عين شمس    حالة الطقس اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    الفن فى وسط الحطام: غزة تطلق أول مهرجان دولى لسينما المرأة    فى ذكرى رحيلها ال24: سعاد حسني بين المجد والغياب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 22-6-2025 في محافظة قنا    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "130"    أولياء الأمور يدعمون أبناءهم خارج لجان امتحانات الثانوية بالجيزة بالدعاء    فيلم "في عز الضهر" يحقق إيرادات تقترب من نصف مليون جنيه    إعلام إسرائيلى: إيران أطلقت أكثر من 25 صاروخا بعد قصف منشآتها النووية    انتظام امتحانات الثانويه العامه لمادة اللغة العربية بسوهاج    مدرب العين: سنقدم كل ما لدينا ضد السيتي    طلب منها فلوس ورفضت، تفاصيل مقتل سيدة على يد زوجها في الدقهلية    فتح باب التقديم لوظائف معلم مساعد مادة لغة إنجليزية    الجامع الأزهر يعقد ملتقى التفسير بعنوان"الهجرة بين الإعجاز البلاغي والعلمي"، اليوم    وزير التموين يكشف موعد التحول إلى الدعم النقدي    توتر أمني في بغداد.. العراق يعلن استنفارا أمنيا لحماية السفارة الأمريكية    ابنة نسرين أمين عن دخولها مجال التمثيل: «ماما بتشجعني لكن مساعدتنيش»    كشف أثري جديد في منطقة تل الفرعون بالشرقية| الآثار تعلن التفاصيل    "يبقى انت لسه بتتعرف عليها".. رد ناري من سيد عبد الحفيظ على أحمد حسام ميدو    «زحمة الهجوم» تُطيح بنجم الأهلي.. أحمد حسن يكشف مفاجأة    في بداية فصل الصيف، نصائح لضمان بقاء الجسم رطبا    منظمة الطاقة الذرية الإيرانية :لن نسمح بوقف التطوير النووي    مدرب يوفنتوس يحذر من قوة الوداد ويؤكد: المفاجآت واردة بمونديال الأندية    مخرج «لام شمسية» يكشف رد فعل رئيس الرقابة بعد مشاهدته أول خمس حلقات    برلماني يطالب بإحالة مقيم الطعن ضد "جمعية الرسوم القضائية" للتأديب    دون إصابات.. السيطرة على حريق داخل شقة في البساتين    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟.. أمين الفتوى يجيب    إيران: " فوردو" النووية لا تحتوي على مواد مشعة    صديقة طبيبة طنطا الراحلة: خدمت مرضى كورونا وتوفيت أثناء عملها    30 يونيو.. تأكيد وحدة مصر    بدء الموسم الصيفي ينعش فنادق البحر الأحمر والإسكندرية    الراتب الكبير يمنع الزمالك من التعاقد مع بينتو    محسن صالح يطالب بعدم إشراك زيزو في مباراة بورتو بكأس العالم للأندية    هل يجوز الوضوء والاغتسال بماء البحر؟    ترامب: موقع فوردو النووى انتهى تماما    وسائل إعلام إيرانية: تم إسقاط عدة قنابل من طراز GBU-57 يبلغ وزنها 14 طنا على منشأة فوردو النووية    سعر البصل والليمون والخضروات بالأسواق اليوم الأحد 22 يونيو 2025    ب 1450 جنيهًا من البيت.. خطوات استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (رابط مباشر)    التعجل في المواجهة يؤدي إلى نتائج عكسية.. حظ برج الدلو اليوم 22 يونيو    وجهات نظر    من غير مكملات.. أهم الأطعمة الغنية بفيتامين د    ابعد عنها بعد الساعة 10مساءً.. 6 أطعمة تسبب الأرق    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظهور التليفزيون أثر سلبا علي المسرح الجاد في الستينات.. لولا الثقافة الجماهيرية!!
نشر في القاهرة يوم 14 - 06 - 2011


الكتابة عن أجيال كتَّاب المسرح أمر ليس سهلاً حسبما يظن البعض، فمن الصعب تحديد جيل بعينه أو رصد ملامح تميز جيل عن آخر حيث إنها من كثرة تتابعها وتواليها فإنها تكون متشابكة يصعب فصلها، يستخدم البعض مفردة " جيل " في توصيفهم الدائم في أكثر من دراسة معنية بالتأريخ للمسرح الحديث، إلا أنني أنبه إلي أن لفظة جيل لم تك اللفظة المعبرة بدقة عن الهدف المقصود منها دائماً في تلك الدراسات وإنما اللفظة المعبرة ربما تكون لفظة " مرحلة " .. بعد انصرام حقبة كاملة من القرن الجديد، أظن أنه قد حان الوقت للإعلان عن ولوج مرحلة مسرحية جديدة تعتمد علي أسماء جديدة من كتَّاب المسرح الذين يحاولون بلوَّرة تواجدهم كجيل أو أجيال جديدة تشكل تلك المرحلة وان اختلف نهجهم عن أجيال المراحل المسرحية السابقة، وهي دراسة تهتم بإبراز ملامح مراحل أربع مرت بها الحياة المسرحية عبر القرن الفائت، فمنذ بداية القرن العشرين وحتي الآن ظهرت أجيال من الكتَّاب عبر مراحل زمنية مختلفة قمت بتصنيفها إلي أربع مراحل حاولت قدر الإمكان الاجتهاد في التحديد الزمني لكل منها، كذلك حاولت بشكل سريع رصد الملامح العامة لها ومحاولة تحديد كتَّاب كل مرحلة، مع ملاحظة أنها مراحل متشابكة لا يوجد بينها فواصل قاطعة، أيضاً وبالرغم من اشتراك بعض الكاتب في أكثر من مرحلة إلا أنه يمكن احتسابهم لمرحلة بعينها تلك التي يكون قد تبلورت فيها أدواتهم وأفكارهم أو حسبما يقال نضجت فيها كتاباتهم وبدأت تأخذ طريقها إلي الانتشار. وفي هذا المقال نظراً للمساحة أتجاوز عن الحديث تفصيلياً عن تلك المراحل مكتفياً بالمرور السريع عليها مع اختصاص المرحة الرابعة بإطلالة سريعة علي كتَّابها والكتابات الجديدة التي منها ما يمثل توجهاً نحو الإقصاء للمؤلف المسرحي. وقد شهد القرن التاسع عشر حركة مسرحية نشطة تميزت بسرعة خطاها إلي الأمام بما جعلها سببا في الابتعاد عن بعض الأشكال والظواهر المسرحية التراثية والعربية، في ذات الوقت زحف ما هو أوروبي ليشغل المساحة الأكبر، ورغم حركة الترجمة وانتشار المسرحيات الغربية بأفكارها ..، مع وجود ما يسمي بمسرح الشارع الذي بدأت تلتفت إليه الدراسات المسرحية في العالم في عام 1798 ومع مقدم الحملة الفرنسية كانت ومضة البعث التي أعادت ضخ الدماء في شرايين المسرح العربي ليبدأ معها مرحلة المخاض التي استمرت قرنا كاملا حتي أواخر القرن التاسع عشر، وليشهد القرن العشرون الميلاد الفعلي للمسرح العربي بمعناه المكتمل علي صورته التي وصل إليها الآن حيث دبت الحياة في الحركة المسرحية تدفعها نحو الانطلاق بقوة دفع مصدرها تراث وظواهر مسرحية في محاولة لتأكيد أصالتها واستعادة ما فقدت وما ضاع منها، إلا أنه في نفس الوقت كان هناك ما يكبل هذه الحركة، ويحدد مسارها، ممثلاً في القيود الرقابية والمحاذير التي وضعت أمامها فتتسبب في عرقلة كل تحرك جاد حيث حدث ذلك في فترات مختلفة. تعاقب أجيال كتَّاب وعند تناولنا للحياة المسرحية الحديثة التي شهدها القرن العشرون، أري بإمكاننا تقسيمها إلي أربع مراحل مختلفة، كل منها لها ملامح وكذا لها كتَّابها الذين كان لهم دور تفرضه طبيعة كل مرحلة، ونتاجهم الذي يعد انعكاساً طبيعياً لكل ما يجول بمرحلتهم من مناخ عام وظروف اقتصادية وسياسية. المرحلة الأولي ويمكن وصفها بمرحلة "الانتشار واتساع القاعدة" : ويؤرخ لها بالنصف الأول من القرن العشرين، أو حتي قيام ثورة 1952، والتي شهدت امتداداً لحركة القرن التاسع عشر مع جهود فردية من قبل بعض الفنانين والكتاب من أجل استكشاف الفن المسرحي الجديد مستفيدين من محاولات الرواد السابقين، وقد أفرزت تلك المرحلة عمالقة الفن من المسرحيين أمثال عزيز عيد، وزكي طليمات وجورج أبيض ويوسف وهبي، وغيرهم ..، ومن الكتَّاب ؛ رواد الأدب ومنهم عزيز أباظة، وأحمد شوقي ومحمد ومحمود تيمور وتوفيق الحكيم وطه حسين وأحمد باكثير، وغيرهم ..، وجميعهم اعتمدوا علي الاقتباس والترجمة ونقل كل شيء عن الغرب حيث أرسلوا في بعثات إلي الغرب وكان يتبع قدومهم النقل للمفردات المسرحية وما إلي ذلك، ولم نبالغ عندما نصفهم ب"الكتيبة" وذلك لبيان ضخامة مهمتهم التي ساروا فيها بإصرار وصدق وإخلاص من أجل صنع حياة مسرحية . وبالرغم من الإيغال في الاقتباس إلا أنه كانت هناك محاولات للغوص في التراث سواء كان بتوظيف الظواهر المسرحية علي مستوي الشكل، أو استلهام واستمداد الحكايات والسير التراثية علي مستوي المضمون . وإضافة إلي ما سبق، وبعد انقضاء الربع الأول من هذا القرن بزغ الحس النقدي والاجتماعي، بظهور بوادر حركة نقدية مسرحية نابعة عن رغبة للارتقاء بفن المسرح إلي مستوي الذوق السليم الذي يرتفع بمستوي الجماهير، ونذكر هنا محمد تيمور وتوفيق الحكيم وغيرهما، إلي جانب الذين قاموا بالنقد الذاتي لأعمالهم وطوروا من أنفسهم . ويأتي في مقدمة الجيل الأول أحمد شوقي الذي كتب مسرحيات استدعي فيها التاريخ وشخصياته ومنها "مصرع كليوباترا، عنترة" وعزيز أباظة الذي يعد امتدادا لشوقي، ومن مسرحياته "شجرة الدر، قيس وليلي". المرحلة الثانية ويمكن أن نطلق عليها "بداية النهضة": ونؤرخ لها بالربع الثالث تقريبا من القرن العشرين، أو بداية من ثورة 52 وحتي نكسة 67، وهي المرحلة التي أطلق علي كتّابها "جيل الرواد" واصطلح تسميتهم بجيل الستينات، ولقد تبني كتَّاب هذه المرحلة فكرة المشروع القومي، وأيضا الاهتمام بالقضايا الاجتماعية والعربية من خلال مسرح الرؤي الاجتماعية والسياسية الطموحة . وان اهتمت في بدايتها بالنقل أكثر من التأصيل والإحياء، ويعتبر الحكيم من أهم الكتاب بإنتاجه الغزير في المرحلتين الأولي والثانية، ويعزي إليه الفضل في إرساء أصول المسرح النثري والتأصيل للاتجاه التراثي رغم كبر كمية مترجماته واقتباساته، ونذكر من كتّاب المرحلة الثانية يوسف إدريس الذي دعا للتأصيل محاولا وضع الأسس لذلك وإلي جانبهما دُعمت الدعوة بالدكتور علي الراعي داعياً إلي الإفادة من صيغ المسرح المرتجل التي عرضها المسرح المصري سلفا، وينضم لهم نجيب سرور بمسرحياته المستلهمة للموال القصصي والأمثال والأغاني الشعبيتين في مسرحياته الشعرية ... وكان حتميا أن يظهر في تلك الفترة مسرح اجتماعي واقعي فوجدنا الحكيم يطور من مسرحه المغرق في الذهنية ليلتفت للمجتمع فقدم "الأيدي الناعمة" ،ثم يفتح الطريق إلي مسرح العبث في الوطن العربي ب"مصير صرصار" . وتكون أول نفحات هذا الجيل ؛ نعمان عاشور من خلال مسرحيته "المغماطيس" ليعلن بها عن ميلاد مدرسة تتسم بالكوميديا الاجتماعية الانتقادية الخالصة الانتماء المصري مختلفاً فيها عن الحكيم فاستطاع استبدال الفصحي بالعامية، والشخصيات الذهنية والتاريخية بأخري واقعية المسرح الواقعي ومن معطف عاشور خرج لطفي الخولي، ويوسف إدريس، وسعد الدين وهبة، ومحمود دياب، وعلي سالم، وغيرهم من كتاب الواقعية الاشتراكية . وتتوالي نفحات جيل من الكتَّاب الرواد بمسرحيات الفريد فرج و شوقي عبد الحكيم ومحمود دياب و ميخائيل رومان ، ثم يعود إدريس عام 64 للإعلان عن نفسه بمسرحيته "الفرافير" الذي أعلن بها صيحة "نحو مسرح مصري" وليتبعه الحكيم بدعوته بكتابه "قالبنا المسرحي" ثم يتواصل د. علي الراعي بكتابه "الكوميديا المرتجلة في المسرح المصري". وهناك آخرون لحقوا بتلك المرحلة منهم ؛ د. رشاد رشدي، ومن عباءته "د. محمد عناني، د. سمير سرحان" اللذان يمكن مجازا اعتبارهما من كتَّاب تلك المرحلة حيث كانت بداياتهما إلا أن ظهورهما ارتبط أكثر بالإعداد و الترجمة . وكان المسرح الشعري في أوج جذوته بفرسانه الذين تصدروا جيل الرواد بين "عبد الرحمن الشرقاوي وصلاح عبدالصبور" الذي تطوَّر المسرح الشعري بهما متقدماً خطوات علي أيديهما، ولينتقل في نفس المرحلة نقلة أخري علي يد نجيب سرور من مرحلة لغة الشعر الجديد وفصحي الأداء إلي عامية التعبير عن لسان حال المجتمع. وكان لظهور التليفزيون الأثر السلبي علي المسرح الجاد بما تبعه من إدماج مؤسسة المسرح في هيئة الإذاعة والتليفزيون وإنشاء عشر فرق ثم تقليصها إلي أربع، واهتمت تلك الفرق في بداياتها بالإعداد عن أعمال أدبية والترجمة والاقتباس بما يعد تنازلاً عن التأليف وعن المستوي الفني للأعمال المقدمة نظراً للحاجة لملء ساعات التليفزيون بما هىّأ لظهور المسرح التجاري فيما بعد بما كان له الأثر علي المسرح الجاد التي كان يقدمه القومي . وقد كان لتوسع وزارة الثقافة بإنشاء الثقافة الجماهيرية دور ساعد علي انتشار الثقافة المسرحية، و برغم بدء الدولة في إحكام قبضتها علي المسرح واتخاذ الموقف المعادي من المسرح التقدمي الجاد إلا أنه ساعد علي ظهور كتَّاب جدد رصدوا تطورات المسرح علي يد جيل الرواد الذي كان قد أصيب بإحباط عام نتيجة ما أصاب المسرح الجاد من تهميش . لقد كان من الممكن وأن تسير المحاولات الجادة إلي أبعد مما وصلت إليه وأن يكون أكثر فاعلية في الحركة المسرحية، ولكن هذا الانكسار الذي أصابهم أتت عليه نكسة 67 ليتضاعف وتمتد خيبة الأمل التي سادت مصر إليهم وإن لم يستسلموا بشكل نهائي أمام هذه الانكسارات حيث قدموا بعض الأعمال في أثواب رمزية لتحقيق مآربهم الفكرية دون إظهار لآرائهم الخفية مستخدمين الرمز للتعبير عن سوءات العصر الذي يعيشون فيه.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.