الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    كرامة المعلم خط أحمر |ممر شرفى لمدرس عين شمس المعتدى عليه    السفير صلاح حليمة: الموقف المصري يؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية    الأهلي والنعيمات.. تكليف الخطيب ونفي قطري يربك المشهد    فلوكة في النيل.. عمر مرموش يحتفل بخطوبته على الطريقة القديمة (صور)    التعليم تُطلق أول اختبار تجريبي لطلاب أولى ثانوي في البرمجة والذكاء الاصطناعي عبر منصة QUREO    بفستان مثير.. غادة عبدالرازق تخطف الأنظار.. شاهد    عمر مرموش ينشر صورا من حفل خطوبته    خيوط تحكى تاريخًا |كيف وثّق المصريون ثقافتهم وخصوصية بيئتهم بالحلى والأزياء؟    "محاربة الصحراء" يحقق نجاحًا جماهيريًا وينال استحسان النقاد في عرضه الأول بالشرق الأوسط    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    حذف الأصفار.. إندونيسيا تطلق إصلاحا نقديا لتعزيز الكفاءة الاقتصادية    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    مرموش ينشر صورا مع خطيبته جيلان الجباس من أسوان    اليمن.. غارتان أمريكيتان تستهدفان عناصر من القاعدة فى مأرب    الصحة: جراحة نادرة بمستشفى دمياط العام تنقذ حياة رضيعة وتعالج نزيفا خطيرا بالمخ    وزير الخارجية الصيني: دعم ما يُسمى "استقلال تايوان" ينتهك الدستور والقانون الدولي    وزير الاستثمار يبحث مع اتحاد المستثمرات العرب تعزيز التعاون المشترك لفتح آفاق استثمارية جديدة في إفريقيا والمنطقة العربية    رئيس مصلحة الجمارك: انتهى تماما زمن السلع الرديئة.. ونتأكد من خلو المنتجات الغذائية من المواد المسرطنة    الزراعة: الثروة الحيوانية آمنة.. وأنتجنا 4 ملايين لقاح ضد الحمى القلاعية بالمرحلة الأولى    مانشستر يونايتد يستعيد توازنه برباعية في وولفرهامبتون متذيل الدوري الإنجليزي    تقرير: برشلونة ينافس ليفربول على نجم أتالانتا    لدعم الصناعة.. نائب محافظ دمياط تتفقد ورش النجارة ومعارض الأثاث    اليوم، جنايات الإسكندرية تنظر محاكمة المتهم بالتعدي على التلاميذ بإحدى المدارس الدولية    إحالة أوراق قاتل زوجين بالمنوفية لفضيلة المفتي    استدرجه للموت.. عامل يواجه الإعدام بعد جريمة الخصوص    طليقته مازلت في عصمته.. تطور جديد في واقعة مقتل الفنان سعيد مختار    خروج عربات قطار روسي عن القضبان بين بشتيل وبولاق الدكرور وتعطّل جزئي بحركة القطارات    جهود فورية لرفع تراكمات المياه وتيسير حركة المرور في القاهرة والجيزة| صور    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    الأوقاف تنظم أسبوعًا ثقافيًا بمسجد الرضوان بسوهاج | صور    قصور الثقافة تُطلق الملتقى الحادي عشر لمناهضة العنف ضد المرأة بمطروح    نائب وزير الإسكان يلتقي وفد مؤسسة اليابان للاستثمار الخارجي في البنية التحتية لبحث أوجه التعاون    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    رئيس قطاع المتاحف يعقد اجتماعًا موسعًا لبحث إثراء العرض المتحفي بالمتحف المصري بالقاهرة|صور    تحذير من كارثة إنسانية فى غزة |إعلام إسرائيلى: خلاف كاتس وزامير يُفكك الجيش    جريمة مروعة بالسودان |مقتل 63 طفلاً على يد «الدعم السريع»    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مجلس الكنائس العالمي يصدر "إعلان جاكرتا 2025" تأكيدًا لالتزامه بالعدالة الجندرية    جوتيريش يدعو إلى ضبط النفس والعودة للحوار بعد تجدد الاشتباكات بين كمبوديا وتايلاند    وزير الاستثمار يبحث مع مجموعة "أبو غالي موتورز" خطط توطين صناعة الدراجات النارية في مصر    المنتخب السعودي يفقد لاعبه في كأس العرب للإصابة    علي الحبسي: محمد صلاح رفع اسم العرب عالميا.. والحضري أفضل حراس مصر    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    الدوري الإيطالي | بارما يخطف الفوز.. وجنوى يتألق خارج الديار.. وميلان يحسم قمة تورينو    تحرير 97 محضر إشغال و88 إزالة فورية فى حملة مكبرة بالمنوفية    محافظ سوهاج بعد واقعة طلب التصالح المتوقف منذ 4 سنوات: لن نسمح بتعطيل مصالح المواطنين    أفضل أطعمة تحسن الحالة النفسية في الأيام الباردة    محافظ القليوبية يناقش الانتهاء من إعداد المخطط التفصيلي لمنطقتي العكرشة الصناعية وأرض جمعية    علاج ألم المعدة بالأعشاب والخلطات الطبيعية في زمن قياسي    54 فيلما و6 مسابقات رسمية.. تعرف على تفاصيل الدورة السابعة لمهرجان القاهرة للفيلم القصير    كيف تحمي الباقيات الصالحات القلب من وساوس الشيطان؟.. دينا أبو الخير تجيب    إمام الجامع الأزهر محكمًا.. بورسعيد الدولية تختبر 73 متسابقة في حفظ القرآن للإناث الكبار    إعلان توصيات المنتدى الخامس لاتحاد رؤساء الجامعات الروسية والعربية    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    إقبال الناخبين المصريين في الرياض على لجان التصويت بانتخابات الدوائر الملغاة    متحدث الصحة ل الشروق: الإنفلونزا تمثل 60% من الفيروسات التنفسية المنتشرة    الإفتاء تؤكد جواز اقتناء التماثيل للزينة مالم يُقصد بها العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العَلَمُ في الغناء المصري المعاصر
نشر في القاهرة يوم 10 - 05 - 2011


لم يكن تسقّط أخطاء الغير يوما من بين أهداف كتاباتي عن الغناء وسواه من ضروب الإبداع، ولكنني دأبت منذ أول مقالة نشرت لي بعدد فبراير 2002م من مجلة "الهلال"، وحتي أحدث مقالاتي التي ظهرت بالعدد رقم ( 566 ) من "القاهرة" والذي صدر في 5/4/2011م، دأبت علي التصدي لأخطاء شاعت - بقصد أو بدونه - فيما يكتب عن الغناء العربي، من ذلك أنني تناولت في مقالتي الأولي بمجلة "الهلال" بالتحليل والتفنيد مقولة منع ثوار يوليو 1952م لأغنيات أم كلثوم من البث عبر أثير الإذاعة المصرية، تلك المقولة التي مازالت تتردد في كتابات كثير من الكتَّاب - ومنهم كبار - حتي الآن، وذلك بالرغم مما سقته في مقالتي -التي مضي عليها الآن أكثر من تسع سنوات - من أدلة وبراهين علي خطأ مقولة المنع تلك وعدم حدوثه بالمرة، إلا أن ذلك المردود السلبي لما أكتب لم يثنني عما انتهجت من تصد لما شاع بيننا من أغلاط تاريخية، وهو ما شكل محور أحدث مقالاتي بالعدد رقم (566 ) من القاهرة، حيث أثبت في هذه المقالة الكثير من أخطاء ما يتداوله البعض من معلومات عن الأعمال الأولي للمطرب الكبير الراحل: عبد الحليم حافظ، وفي عددها رقم (568) .. أبت "القاهرة" إلا أن تقدم لي موضوع المقالة الحالية، حيث طالعت بالصفحة الخامسة عشرة من العدد المشار إليه والصادر في 19/4/2011 م مقالة جاءت تحت العنوان التالي: "عاجل إلي من يهمه الأمر - هل آن الأوان للإفراج عن علم صلاح جاهين؟!"، بدأت كاتبة المقالة: د.آيات ريان حديثها عن نشيد "العَلَمِ" الذي كتبه الشاعر الكبير الراحل: صلاح جاهين بالفقرة التالية : "في الوقت الذي نفتقد فيه تماماً أغاني أو أناشيد تتغني بالعَلَمِ المصري، نجد أن أول نشيد لهذا العَلَمِ في العصر الحديث (من تأليف صلاح جاهين وتلحين أشرف السركي) محبوسا في أدراج التليفزيون ولا يذاع منذ حوالي خمس سنوات، لماذا؟"، وتمضي كاتبة المقالة بعد ذلك تروي لقراء "القاهرة" قصة نشيد "العَلَم" الذي التقطه ملحنه أشرف السركي من ديوان "أنغام سبتمبرية" لصلاح جاهين، وانتهي من تلحينه في عام 1989م، وتم تصويره وعرضه بالتليفزيون المصري ولأول مرة في 25/4/1989م بمناسبة عيد تحرير سيناء، وبعد أن مرت الكاتبة مسرعة علي الجوانب الموسيقية للنشيد، توقفت عند منع إذاعة النشيد عبر قنوات التليفزيون المختلفة، وطالبت باستثمار هذا النشيد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وذلك لحاجة "الأسماع إلي أناشيد وأغان وطنية صادقة تختلف عن كثير من الأعمال الغنائية التي تركب الموجة وتتسم بالتسطيح مضمونا وشكلا" وبنص عبارة الكاتبة، وإنني أضم صوتي إلي صوت الكاتبة في مناشدة الإذاعة والتليفزيون للإفراج ليس عن نشيد "العَلَم" لصلاح جاهين، لكن عن كل ما غيبته مكتبات الجهازين من أناشيد كثيرة تغنت جميعها بالعَلَمِ المصري. في أعقاب ثورة 1919 للعلمِ مكانة رفيعة في تاريخ الشعوب، حيث تلوذ به في المعارك والثورات، يرفرف فوق الجنود في ميادين القتال كما يخفق فوق هامات الثوار في المظاهرات، وعندما اندلعت مظاهرات المصريين خلال ثورة 1919م وبعد نفي سعد زغلول وصحبه إلي مالطة في شهر مارس 1919م، ارتفعت الأعلام المصرية في أيدي الثوار في كل شبر من أرض مصر، وعندما عاد سعد زغلول من منفاه، أقام قبطان السفينة الفرنسية التي حملته إلي الإسكندرية في الليلة السابقة لوصول السفينة إلي أرض الوطن مأدبة عشاء فاخرة لتكريم الزعيم العائد إلي وطنه، وإمعانا من القبطان في تكريم الزعيم، أمر بغرس الأعلام المصرية فيما حوته المأدبة من خراف وديوك ( مصطفي أمين: من واحد لعشرة، ص229 )، وعندما أشرفت السفينة العائدة بالزعيم من المنفي علي شاطئ الإسكندرية، خرجت لاستقبالها مظاهرة بحرية ضمت آلافا من القوارب والسفن المزينة بالأعلام المصرية، وقد انفعل عملاق الأدب العربي المعاصر: عباس محمود العقاد بمشهد العَلَم في أحداث ثورة 1919م، فكتب بعد انتهاء الثورة بسنوات نشيداً عن العَلَم بدأه بالمقطع التالي: قد رفعنا العَلَم للعلا والفدا في ضمان السماء حي أرض الهرم حي مهد الهدي حي أم البقاء وقد وُضع لنشيد "العَلَمِ" للعقاد لحنان، أذيع اللحن الأول منهما بالإذاعة بعد ظهر الاثنين 21/4/1941م، وكان اللحن الأول من وضع عبدالمقصود محمد، بينما أذيع اللحن الثاني لنشيد "العَلَم" في السابعة والنصف من مساء السبت 25/10/1947م (ثاني أيام عيد الأضحي المبارك) وكان واضع اللحن الثاني هو عبد الحميد توفيق زكي، وظلت الإذاعة تقدم نشيد "العَلَم" للعقاد بلحن عبد الحميد توفيق زكي في برامجها فيما تبقي من سنوات الأربعينات وحتي قيام حركة ضباط الجيش التي عرفت فيما بعد بثورة يوليو 1952م، وبعد نجاح الحركة في إنهاء العصر الملكي بمصر، استعانت الإذاعة المصرية فيما تلي نجاح الحركة من أيام بلحن نشيد "العَلَمِ" لعبد الحميد توفيق زكي في برامجها التي قدمت خلال شهري أغسطس وسبتمبر من عام 1952م. جاء نظم العقاد لنشيد "العَلَمِ" مواكبا لفترة من تاريخ مصر حفلت بالأحداث والمظاهرات، وقد توجت تلك الفترة بمظاهرات الطلبة في شهري نوفمبر وديسمبر من عام 1935م، تلك المظاهرات التي خرجت تطالب بعودة الحياة الدستورية، مما كان له أكبر الأثر في تسابق الشعراء لنظم الأناشيد، ويبرز من بين أناشيد ثورة 1935م نشيد آخر عن العَلَمِ وضعه الشاعر الغنائي أحمد رامي وصاغ له الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب لحنا من مقام عجم، ويبدأ ذلك النشيد - الذي ما زال لحنه يتردد بيننا حتي الآن - بالأبيات التالية: أيها الخفاق في مسري الهواء أنت رمز المجد عنوان الولاء نفتدي بالروح ما ظللته ونحيي فيك روح الشهداء خضرة تبعث في النفس الأمل وهلال ليس يطويه الأجل إن بدا نوره زاهيا في السما كان في أوج المعالي علما ولنقف هنا عند الوصف البسيط المعجز للعلم في البيت الثالث من مطلع النشيد، لندرك حجم الهوة التي سقط فيها الغناء المصري الآن عندما نستمع إلي أحد الشعراء الشبان يقول فيما يفترض أنه نشيد عن ثورة 25 يناير، حيث قال لا فضّ فوه: "شهداء 25 يناير.. ماتوا في أحداث يناير" !!! ولا تعليق. أعلام يوليو تختلف الآراء حول تسمية ما حدث في 23 يوليو 1952م، ولكن الآراء تتوحد في إجماع نادر حول أن نظام يوليو 1952م واكبه أزهي عصر للأغنية الوطنية المصرية، ويأتي الدليل علي صدق هذه المقولة من كم وتنوع وجمال وصدق ما أنتج بعد يوليو 1952م من أغان وطنية، وقد حظي العَلَمُ المصري بمجموعة من الأناشيد والأغنيات الوطنية بعد نجاح حركة الضباط الأحرار في 23 يوليو 1952م، ومن هذه المجموعة نذكر الآتي مصحوبا بأسماء ثلاثي المؤلف والملحن وتاريخ الإذاعة الأولي عبر أثير الإذاعة المصرية: ( علم بلادنا: علي سليمان - أحمد عبد القادر - ليلي حلمي، 4/8/1952م) - (راية مصر: فتحي قورة - نجيب السلحدار - شفيق جلال، 5/8/1952م) - ( الراية: محمود إسماعيل جاد - لحن وغناء محمد قنديل، 22/8/1952م ) - (الراية المصرية: بدر الدين الجارم - لحن وغناء جلال حرب، 23/8/1952م ) - ( الراية: علي الشيرازي - لحن وغناء محمد شوقي، 5/10/1952م) ) و (نشيد العَلَم: حنفي محمود فراج - لحن وغناء سيد مكاوي، 7/10/1952م) إن قراءة سريعة لبعض هذه الأناشيد والأغنيات عن العَلَمِ أو الراية المصرية تكشف للقارئ أكثر من دلالة، ولنقرأ أولا مطلع أغنية "الراية" التي كتبها علي الشيرازي ولحنها وتغني بها محمد شوقي، حيث يتكون مطلع الأغنية من الشطرات التالية: يا طايرة في سماكي / يا هايمة في علاكي / يا رمز الأماني يا قبلة جهادنا / يا راية بلادنا / يا أسمي المعاني وتتمثل الدلالة الأولي فيما كانت عليه الأشعار الغنائية -في ذلك العهد -من جزالة وقدرة علي تصوير ما تعالجه من أفكار ومعان، وليس هناك ما هو أدل علي ذلك من أنه كما وصف الشاعر أحمد رامي العَلَم في عام 1935م، جاء وصف الشاعر محمود بيرم التونسي للعلمِ المصري بعد عام 1958م علي النحو التالي في أنشودة " العَلَمِ المصري " التي لحنها وتغني بها المطرب والملحن عبد العزيز محمود : تتهادي وتتمخطر / وجمالك بيزيد أبيض وأسمر وأحمر / رمز لعهد جديد بينما يبوح هذا العدد من أغنيات وأناشيد العَلَمِ بدلالة أخري، وهي أن هذا العدد الكبير من أغنيات أو أناشيد العَلَمِ لم يكن من قبيل ركوب موجة سرت في المجتمع المصري، وإنما كان نتاجاً لمشاعر فياضة بالعزة والحماسة، جمعت كل المصريين ووحدتهم تحت رمز الوطن وعنوانه، وهو ما حدث عندما خرجت جموع المصريين في ثورة 25 يناير تحمل العَلَمَ المصري وترفعه عالياً، ولم يتبق هناك سوي أن يبدع شباب الثورة نشيداً للعَلَم، ويكفينا مؤونة طلب الإفراج عما تحبسه مكتبتا الإذاعة والتليفزيون المصريتان من أناشيد للعَلَم أبدعت في حقب مضت .

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.