منذ اليوم الاول لاختفاء زياد بكير اصبح الضوء ملقي علي هذا الشاب الهادئ الذي ظل يعمل ويبدع في صمت وهدوء لتحدث ضجة اختفائه التي كانت لغزاً محيراً لكل اهله ومعارفه واصبحت كالاعمال الفنية التي كان يقوم زياد بعمل اغلفتها ولكنها كانت تدور في اطار غامض حتي اسدلت الستار علي اخر فصولها بشكل مأساوي باستشهاد زياد ولكن بعد ان صمم آخر غلاف في حياته والذي يخص حرية مصر.. فإن كنت تعرف زياد لن تستطيع منع دموعك علي خسارة فنان مبدع وصديق وفي وشخص هادئ مسالم مثله، اما اذا لم تكن تعرفه فأصدقاؤه ورفاقه عملوا هذا في لفتة انسانية عن طريق حفل تأبين له احياه اوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو نادر عباسي ومشاركة كورال اكابيلا ونجوم فرقة اوبرا القاهرة السوبرانو ايمان مصطفي والميتزو سوبرا جولي فيظي والتينور هشام الجندي والباص باريتون رضا الوكيل في السابعة مساء الاحد الماضي علي المسرح الكبير ... قال الدكتور عبد المنعم كامل رئيس دار الاوبرا ان الاوركسترا اختار اهداء برنامج الحفل لشهداء ثورة 25 يناير خاصة ان احد ابناء الاوبرا وهو زياد بكير استشهد اثناء الاحداث التي واكبت الثورة وعن البرنامج تقول الدكتورة ايناس عبد الدايم ان برنامج الحفل تضمن أحد اعمال المؤلف الموسيقي الشهير راجح داود التي قدمها لاول مرة وتحمل اسم "شهداء ثورة 25 يناير" وقد كتبها خصيصاً لتخليد شهداء الثورة بالاضافة الي السيمفونية التاسعة لبيتهوفن والتي تحمل في مضمونها مشاعر الرغبة في السلام، ولزياد تقول: ثمن الحرية غالي يازياد.. سنفتقدك، ولكن فنك باق. وقال راجح داود عن اشتراكه بها: شاركت منذ يوم 28 يناير في مظاهرات القاهرة والاسكندرية ورأيت اشياء لم اكن اتخيلها من اجرام وقسوة مارسها الامن المركزي والشرطة والبلطجية وغيرهم من العناصر المندسة لمواجهة الشباب النقي الطاهر المفعم بالحياة والحماس والحرية وسقط النظام وقررت اهداء عمل موسيقي لشهدائنا وحملته علي اليوتيوب وطلبت مني د/ايناس عبد الدايم عملا ليعزفه الاوركسترا في حفل تكريم الشهيد زياد بكير وها هو يقدم ثانيا اهداء الي روح زياد وبقية الشداء. وقد حضر الحفل والد زياد المهندس محمد بكير ووالدته المهندسة سوسن بكير وقالا عن هذا التكريم: هي لفتة مشكورة عليها الاوبرا وخاصة بعد تكريم وزير الثقافة لنا قبل الحفل بيومين في ختام الاسبوع الثقافي لمعرض سجل يازمان واقول ان حق زياد لن يعود الا عندما تضع مصر رجلها علي الطريق الصحيح اما حبيب العادلي فبيني وبينه طار شخصي لانه السبب في فقداني جزءاً مني وهو زياد. وعن سيناريو يوم نزول زياد تقول السيدة سوسن والدة الشهيد : زياد كان مريضاً جدا وحرارته مرتفعة يوم 25 يناير، وبالرغم من ذلك كان يرغب في المشاركة، وبدأت أخته ميريت تتواصل معه عبر الانترنت، في هذه الأثناء كان يشعر بالأسي لعجزه عن النزول مع الشباب، ونصحته بأن يرتاح إلي أن تتحسن صحته، وظل في فراشه إلي يوم "جمعة الغضب 28 يناير"، وبعد صلاة الجمعة قال لي إنه يشعر بالتحسن ويجب أن يشارك بالمظاهرات بالرغم من درجة حرارته المرتفعة، ثم ارتدي ملابس جديدة وكان يبدو أنيقاً "زي مايكون عريس ونزل جري" بالرغم من مرضه، كانت جميع وسائل الاتصال مقطوعة، وبعد نزوله بلحظات كانت لدي رغبة غريبة في أن يعود ابني في الحال وشعرت بإحساس غريب، ومن بعد هذا اليوم لم أره مرة ثانية. وتضيف : قال لي قبل نزوله لن أتأخر ثلاث ساعات وسأعود، ولكنه لم يعد، بدأت أشعر بالقلق، بعد ذلك علمنا من زميل له أن زياد كان معه بالقرب من جامع عمر مكرم، وأكد أن أثناء وجوده في المكان جاء خبر حريق المتحف المصري وهجوم البلطجية، وبسرعة تأكدت أن ابني لن يتواني وسيذهب علي الفور إلي المتحف وهذا ما حدث بالفعل، وهناك قتلته رصاصة القناصة نافذة من أعلي الصدر من اليمين إلي اليسار لتدخل من الرئة وتخرج من الكلي اليسري أثناء الجري باتجاه المتحف. وبعد انتظار طويل بدأت أسرة زياد في البحث عنه في جميع الثلاجات والمستشفيات بأقسامها، وهناك اندهشت الأم عندما وجدت أعداداً كبيرة من المصابين الشباب في كل الأقسام التي امتلأت عن آخرها بالمصابين وخاصة في قسم العيون والأعصاب، ودخلت في رحلة البحث لمدة طويلة من المشرحة والمستشفيات إلي أقسام الشرطة والاتصال بأكثر من جهة للتأكد إذا كان حياً معتقلاً أو ميتاً . تلقت الأسرة عدة اتصالات هاتفية من مصادر مجهولة وبأرقام خاصة تؤكد أن زياد علي قيد الحياة مفادها أن زياد محجوز في أحد المعتقلات لتأديبه "بقرصة ودن" لتبدأ رحلة الأسرة من جديد علي المعتقلات وأقسام الشرطة،وعمل استغاثات للبرامج والتنويه عنه، وبعد المناشدات الإعلامية بدأت التهديدات تصل إلي الأسرة من قبل عناصر أمنية . وبعد 43 يوماً، استقبلت أسرة بكير مكالمة تليفونية من السيدة رانيا زوجة الشهيد طارق عبداللطيف تبلغهم بأن هناك 7 جثث جديدة وصلت إلي المشرحة، وإنها عثرت علي جثة زوجها من بينها بعد أن تلقت هي الأخري مكالمات مجهولة بأن زوجها بأحد المعتقلات البعيدة في مصر، وللمرة الخامسة نزلت أسرة بكير للبحث في الجثث الجديدة بنفس المشرحة، وعلم أحد الأطباء هناك أن زياد مختف من يوم جمعة الغضب فأكد لهم أن هناك جثة بالثلاجة من يوم 3/2/2011، ودعا الأسرة للتعرف عليها. دخل أخوه سيف لرؤية الجثة في المرة الأولي لم يتمكن من رؤية الجثة لاختفاء معالمها،وفي المرة الثانية بدأ يتسلل الشك إلي نفسه بسبب شكل شعره، وفي المرة الثالثة وجدت الأسرة علامة في رجل الشهيد أكدت لهم مبدئياً أنها جثة زياد، بعد ذلك تم عمل تحليل الحمض النووي ليؤكد شكوكهم. وبين مشاعر القلق والتوتر والحزن والتفاؤل في الوقت نفسه وقالت السيدة سوسن : نفسي الآن أحس ان دم ابني مرحش هدر، وانا حسيت بكده بعد ظهور بوادر وسلوكيات جميلة بدأت تظهر من الناحية الأخلاقية مع الإصلاحات السياسية ولكني سأشعر بالأسي إذا لم تتم محاكمة الجناة والقضاء علي الفساد في مصر ومعاقبة المتورطين . اما د/إيناس عبد الدايم فقالت: زياد كان بالنسبة لنا اخاً صغيراً وكان صعباً علينا جدا بعد 3 شهور بعيدين عن المسرح اول حاجة نغنيها تكون لزياد لكن هو هيفضل مبدع وعمره ماهيتنسي. اما المايسترو نادر عباسي فرغم انه ليس القائد الاساسي للاوركسترا لكنه تطوع لهذا العمل دون تفكير وعن زياد قال: هو اخويا الصغير وكان موهوباً جدا وعمل لنا كلنا احسن تصميمات لشغلنا وبجد هنفتقده جدا.