من حين لآخر تطالعنا الأنباء بالخسائر الجمة التي تتكبدها مؤسسات صحفية عريقة في أوروبا والولايات الأمريكية، بسبب انتشار الإنترنت، واتجاه القراء لمطالعة صحفهم من خلال مواقعها الإلكترونية، وبالتالي هبط توزيعها بشكل كبير، فضلاً عن تراجع المعلنين عن منح إعلاناتهم للنسخ الورقية ونزوحهم نحو الإنترنت، وكنتيجة، بدأ الحديث في الخارج عن «وفاة الصحافة الورقية»، خاصة أن مؤسسات عريقة وصحفًا تصدر منذ أكثر من مائة عام لم تتمكن من الصمود فاضطرت لإيقاف إصدار نسختها الورقية والاكتفاء بالإلكترونية مع فرض رسوم للاطلاع عليها. والسؤال: إلي أي مدي تأثرت الصحافة المصرية الورقية بالإنترنت، وهل كان لاطلاق الصحف المصرية المختلفة لمواقع تتيح الاطلاع عليها مجانًا أثر علي معدلات التوزيع، وإذا لم يكن هناك أثر ملموس في الوقت الحالي، هل سيظهر ذلك علي المدي الأطول؟ توجهنا بأسئلتنا لعدد من مسئولي التوزيع في الصحف المصرية.. فتباينت إجاباتهم بشكل كبير فمنهم من أقر بتأثير الإنترنت علي توزيع الصحف ومنهم من نفي فنجد أنور محمد مدير الشئون المالية والإدارية لجريدة صوت الأمة يؤكد أن شبكة الإنترنت ليست لها أي تأثير علي توزيع الجريدة بل إن العامل الأكثر تأثيرًا هو اسم رئيس التحرير ومدي ثقله في عالم الصحافة بالإضافة إلي فريق العمل الصحفي الذي لا بد وأن يضم محررين يحظون باهتمام شريحة عريضة من القراء. في المقابل يؤكد محمد عبدالعزيز مدير توزيع وجه بحري بجريدة الشروق أن توزيع الصحف تأثر بسبب الإنترنت بنسبة تصل إلي 15% وأنه من المحتمل أن تزيد تلك النسبة خلال الفترة القادمة لكنه عاد وأشار إلي أن عرض العدد علي الإنترنت سلاح ذو حدين بمعني أنه قد يؤثر بالفعل علي نسبة توزيعها لكنه في ذات الوقت يعد نوعًا من أنواع الدعاية. يوافق علي نفس الرأي أحمد أبو صالح نائب رئيس تحرير جريدة الأسبوع ومدير تحرير الأسبوع أون لاين الذي أكد أن الصحافة الإلكترونية بدأت تستأثر بنسبة كبيرة من القراء ولذلك قامت جريدته من حوالي سنة ونصف السنة باطلاق موقع «الأسبوع أون لاين» والذي يختلف تمامًا في مادته الصحفية عن الموقع الرسمي للجريدة وبسؤاله عن الجدوي من وجود موقعين للجريدة أجاب بأن الشريحة العمرية لقراء الأسبوع من المتوسطة وكبيرة السن أما الفئة الأقل سنًا فهي تهوي متابعة الأخبار لحظة بلحظة وهذا هو ما تقدمه الأسبوع أون لاين والتي يتم تحديثها وتزويدها بآخر الأخبار بشكل مستمر. في جريدة المصري اليوم لم يختلف الوضع حيث أكد أحد مشرفي التوزيع- رفض ذكر اسمه- أن الصحافة الورقية تواجه مشكلة كبيرة في الآوانة الأخيرة بتراجع بنسبة التوزيع حتي وإن بدت النسبة قليلة الآن إلا أنه من المتوقع زيادتها خلال السنوات القادمة. في النهاية توجهنا إلي صحيفة الأهرام وهي من أعرق الصحف العربية فضلاً عن كونها الموزع الأكبر لأغلب الصحف المصرية وأكد لنا أحمد علاء مدير الشئون المالية ونائب مدير عام إدارة التوزيع أن توزيع الجريدة لم يطرأ عليه أي تغيير وعندما سألناه عن سر صمود الأهرام بينما تعاني مؤسسات عملاقة كالواشنطن بوست فأجاب بأن طبيعة القارئ المصري تختلف عن أي قارئ في دولة أخري حيث لا يزال يفضل أغلب المصريين الصحافة الورقية عن الدخول علي شبكة الإنترنت وهي خدمة ليست متوفرة لأغلب الناس وإن توفرت يكون الاهتمام بموضوعات أخري. أما عن مستقبل الصحافة الورقية في مصر ومدي تأثرها بالإنترنت، أكد علاء أنها ستظل علي مكانتها وإن حدث تغيير سيكون بشكل بطيء وعلي المدي البعيد.