24 باحثًا بجامعة بنها ضمن أفضل 2% عالميا    آخر فرصة للتسجيل في تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات المعادلة وموعد إعلان النتيجة    البورصة تخسر 11 مليار جنيه في ختام تعاملات بداية الأسبوع    الرمان والبطاطا يتصدران الصادرات الزراعية المصرية خلال أسبوع    إزدواج المعايير العربية    رئيس وزراء اسكتلندا عن اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين: يجب ألا يكون مشروطا    فتنة أفشة في الأهلي، كيف تحرك وليد صلاح الدين لحل الأزمة؟    القناة الناقلة لمباراة الأهلي السعودي وبيراميدز في كأس الإنتركونتيننتال    مباشر الدوري الإيطالي - لاتسيو (0)-(1) روما.. فرصة التعادل تضيع    الداخلية تكشف حقيقة فيديو خطف طفلة بالإسكندرية وتفاصيل مشاجرة طالبين بالسيدة زينب    صرف مدرب الأسود محمد الحلو بعد التحقيق في واقعة ضبط تمساح داخل مزرعته    الصحة تنظم زيارة لوزير الصحة السنغافوري إلى معهد ناصر    طريقة عمل النوتيلا في البيت، بالكاكاو وبدون بندق    محافظ مطروح يتابع انطلاق العام الدراسي الجديد    المتحدث باسم فتح: اعتراف بريطانيا بدولة فلسطين إنجاز كبير رغم تأخره    "الاتفاق تم مع منصور".. شوبير يكشف تطورات مفاجئة حول ترشح الخطيب للانتخابات    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال الاسرائيلي على غزة إلى 65 ألفا و283 شهيدا    28 سبتمبر الحكم في دعوى إبراهيم سعيد بضم حضانة بناته    إجراءات جديدة من السكة الحديد مع بدء العام الدراسي    الشرع يتوجه إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة    طالبان: أوضحنا لأمريكا أن استقلال أفغانستان هو أولويتنا    صور | انطلاق الدراسة بمعاهد الأزهر في الوادي الجديد بانتظام    جولات ميدانية واستعدادات موسعة بالمنيا لانطلاق المرحلة الثانية للتأمين الصحي الشامل    وكيل «تعليم بورسعيد» يشهد أول طابور صباحي بالعام الدراسي الجديد (فيديو)    في أول أيام الدراسة.. محافظ بني سويف يتفقد مدرسة السيدة عائشة الثانوية بنات    مانشستر سيتي ضد أرسنال.. كل ما تريد معرفته موعد والقنوات الناقلة وتاريخ المواجهات    "الغضب يزداد من هلال".. الغندور يفجر مفاجأة حول مدرب الأهلي الجديد    انطلاق معرض تراثنا 4 أكتوبر القادم بمركز مصر للمعارض الدولية    مصطفى جاد: أدوات المائدة المصنوعة من الستانلس ستيل تتحول من الاستيراد إلى التصدير    "أكرو مصر" تبرر أسباب رغبتها في الشطب الاختياري من البورصة    «سرقوها وسيحوها».. قرار جديد بحق المتهمين بسرقة الأسورة الذهبية من المتحف المصري    مبادرات الداخلية تكرّس الثقة.. خدمات رسمية للمرضى فى مواقعهم    من اليوم.. الداخلية تعدل اشتراطات الحصول على رخصة قيادة السيارة - مستند    وزيرة خارجية فلسطين: لا سيادة لإسرائيل على أرض دولتنا ويجب إنهاء الإحتلال    مي كمال الدين تكشف لأول مرة تفاصيل زواجها من أحمد مكي: استمر 3 سنوات ولم يكن سرًا (فيديو)    محاولة صلح فاشلة.. قرار عاجل من المحكمة بشأن مدربة الأسود أنوسة كوتة    ختام الورش المجانية في كتابة السيناريو بمهرجان بورسعيد السينمائي    ياسمينا العبد تصل إلى الأقصر لتصوير فيلمها كان ياما كان مع نور النبوي    طريقة صلاة كسوف الشمس 2025 كما ورد عن النبي.. موعدها وعدد ركعاتها    المدرسة القرآنية بقرية البعيرات تحتفل بتوثيق ختام القرآن الكريم.. فيديو وصور    جيش الاحتلال يعترض صاروخًا من غزة.. ودوي صفارات الإنذار جنوب إسرائيل    وزير الاتصالات يتوجه إلى الولايات المتحدة لبحث توسيع آفاق التعاون    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين للجيش (المستندات المطلوبة)    وزير الصحة يلتقي ممثلي مركز «نينغبو» للباثولوجيا الإكلينيكية التشخيصي بالصين    المركز الإعلامي لمجلس الوزراء: مدينة الدواء «جيبتو فارما» أمان دوائي لمصر واستثمار في صحة المواطن    وائل جسار يعيش انتعاشة غنائية شتوية بين لندن وباريس والمغرب وأمريكا    انضمام محمد الشاعر لعضوية اللجنة العليا لمهرجان الغردقة لسينما الشباب    العالم يشهد اليوم كسوفًا جزئيًا في الشمس| هل يظهر في مصر؟.. خبير يوضح    صور | مشروعات خدمية وحملات موسعة بالوادي الجديد    مواقيت الصلاة في المنيا اليوم 21 سبتمبر 2025.. كيف تعرف أوقات الصلاة بدقة    موعد أذان الظهر ليوم الأحد ودعاء النبي عند ختم الصلاة    أمين الفتوى يوضح أوقات استجابة الدعاء    الكرة الذهبية 2025.. لماذا يُترقّب محمد صلاح ودور ديمبلي؟    سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في عطلة الصاغة الأسبوعية الأحد 21 سبتمبر 2025    إياك وتداول الشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 21 سبتمبر    لم يزره أحدًا منذ أيام.. العثور على جثة متحللة لموظف في شقته بالبحيرة    ردا على "فيتو"، رئيس جامعة حلوان يكشف الوضع المادي للجامعة وحقيقة إنشاء فرع دولي خارج مصر    نتائج مباريات أمس السبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ارفع رأسك.. أيها المصري
نشر في القاهرة يوم 24 - 11 - 2009

ليس لدي زيت قليل أو كثير، أصبه علي النار المشتعلة في قلوب وصدور المصريين لتزداد اشتعالاً، بعد الترويع الذي تعرض له سبعة آلاف من مشجعي الكرة المصريين، ليلة الخميس الماضي.. ما كادوا يغادرون استاد نادي المريخ ب«أم درمان» مساء الأربعاء الماضي، بعد انتهاء مباراة التأهيل لكأس العالم بين مصر والجزائر، ويستقلون الحافلات في طريقهم إلي المطار ليعودوا إلي بلدهم وأطفالهم، حتي طاردتهم جحافل من البلطجية الجزائريين، يقذفون الحافلات بالطوب فيحطمون زجاجها، ويجبرون سائقيها ورجال الأمن السودانيين الذين يصاحبون ركابها علي مغادرتها، ويتخذون من ركابها المتحصنين داخلها هدفاً لقذائفهم، ومرمي لسكاكينهم وسيوفهم، ويُسمعونهم نماذج منتقاة من سفالة القول والفعل، وفيهم أطفال وسيدات فضليات، وعدد من ألمع الشخصيات الإعلامية والصحفية والفكرية والفنية والسياسية المصرية، ويقطعون طريق المطار علي بقية الحافلات، فيضطرون سائقيها للهروب إلي مسارب جانبية بحثاً عن ملجأ يحمي ركابها المصريين مما يحيط بهم من هول. أما وقد وصلت هذه النيران إلي ذروة اشتعالها، فهي ليست في حاجة إلي مزيد من الزيت.. حتي لو كان لدي منه قليل أو كثير.
وليس لدي - بعد هذا - ماء قليل أو كثير، لكي أحاول به إطفاء هذه النيران المشتعلة في قلوب وصدور المصريين، ليس فقط لأن ما لدي منه، لا يكاد يكفي لكي أطفئ النيران التي اشتعلت في قلبي وفي عقلي، ولكن - كذلك - لأن ما اشتعل منها، سيظل - علي الأقل في المدي المنظور - أعصي من كل محاولة للإطفاء.
ولا أستطيع - في هذه اللحظة تحديداً - أن أقول كل ما لدي، حتي لا أضطر لأن أعبر عن مشاعري قبل أن أصْقِلها، وأن أسوقها قبل أن أسوسها، وبعض ما يمكنني قوله هو: ارفع رأسك أيها المصري!
أجل: ارفع رأسك أيها المصري، وانفِ عن نفسك كل إحساس بأنك قد تلقيت إهانة متعمدة، حالت الظروف بينك وبين التصدي لها، لأن الذين فعلوا ذلك إنما أهانوا أنفسهم، وكشفوا عن معدنهم، ودللوا علي مدي ما يتمتعون به من تهذيب وتربية وتحضر، وأبانوا عن جبنهم لا عن شجاعتهم، لأن الشجعان لا يشهرون أسلحتهم في وجوه الذين يعلمون أنهم جاءوا ليشاهدوا مباراة في كرة القدم، لا لكي يخوضوا حرباً، وليس في جيب أحدهم مدية أو سيف أو طوبة، فاستغلوا ذلك، ليتوهموا أنهم يخوضون حرباً من النوع الذي يتقنه البلطجية لا المحاربون.. والصيّع لا الفرسان.. وهؤلاء لا هم جزائريين.. ولا هم عرباً ولا هم بشراً أصلاً.. إنهم فقط بلطجية وصيّع.
ارفع رأسك أيها المصري.. فليست هذه أول مرة يسلقك السفهاء بألسنتهم الحداد، ولا يجد الأقزام وسيلة لإطالة قامتهم إلا بمحاولة التطاول عليك والحط من شأنك، وتقزيمك، لكي تطول قامتهم قامتك، ولن تكون آخر مرة، لكن العقلاء منهم، وهم الأغلبية، كانوا يدركون بعد فترة أنهم أخطأوا فيعود الميزان لاعتداله.
ارفع رأسك أيها المصري.. فقد شاءت الأقدار أن تكون وارث حضارة، وصفها المؤرخ البريطاني «أرنولد توينبي» بأنها «لم تولد ولم تلد»، ولاتزال شواهد عبقريتها قائمة إلي اليوم في «الأهرامات» و«المعابد» و«المومياوات» والتوحيد الذي كانت أول من توصل إليه، وكان أجدادك هم الذين أحالوا هذه المنطقة من العالم من مستنقعات وأحراش تسكنها الوحوش والهوام، إلي أرض زراعية يسكنها البشر وينتشر الاخضرار علي شاطئيها، لذلك اكتشف المؤرخون المحدثون أن المؤرخ اليوناني القديم «هيرودوت» أخطأ حين قال إن «مصر هبة النيل».. إذ الصحيح أن النيل ومصر.. هما هبة المصريين!
ارفع رأسك أيها المصري.. فقد شاءت الأقدار أن تكون مركزاً لأمة، كان بلدك أعرق أقطارها حضارة، وأولها تقدما، وأسبقها للتوحد القومي ولبناء الدولة الحديثة، وللتعليم العصري والاستنارة، وشاءت الأقدار أن تقود شعوبها - باختيارها - إلي شيء من ذلك كله، يشدون إليها الرحال ليتعلموا أو يتثقفوا، أو يبدعوا ويتفننوا، أو يتاجروا ويستثمروا هرباً من جدب الحياة في بيئة صحراوية تغلب عليها البداوة والتخلف.. تضيف إليهم مصر ويضيفون إليها ثم يعودون إلي بلادهم فيضيفون إلي الأمة كلها رصيداً من الحداثة والتقدم والاستنارة.
ارفع رأسك أيها المصري.. فقد شاءت المقادير أن هذه الدول ما كادت تستقل، وتشرع في بناء دولتها الوطنية، حتي احتاجت خبرتك فقدمتها غير باخل، تشق الطرق وتبني العمائر وتصوغ الدساتير والقوانين وتؤسس المحاكم.. وتدرب قوات الشرطة والجيوش، وتفتح المعاهد والمدارس والجامعات والمستشفيات، وتترك في كل أرض عربية بصمة تدل علي طبيعتك كشعب عاش طوال التاريخ يبني ويعمر ويخضّر الأرض، ويصنع الخير والجمال والفرحة، حيثما حل.
ارفع رأسك أيها المصري.. فلا أحد يستطيع أن يهينك أو يمس كرامتك، أو ينتقص من قدر بلدك.. لمجرد خطأ بسيط لا ذنب لك فيه، هو أنك ذهبت إلي أم درمان لتحضر مباراة التأهيل لكأس العالم في كرة القدم، بينما ذهب آخرون وفي ظنهم أنها مباراة للتأهيل لكأس العالم في الصياعة والبلطجة.
نقلا عن المصري اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.