أعلن متمردون اليوم الخميس أنهم اطاحوا بالرئيس المالي امادو توماني توري الذي لجأ إلى معسكر للجيش في العاصمة مع رجال النخبة من الحرس الرئاسي. ودانت دول ومنظمات عدة الانقلاب في هذا البلد الواضع في منطقة الساحل ويشهد حركة تمرد للطوارق وناشطين إسلاميين في الشمال، بينما كان يفترض أن تنظم انتخابات رئاسية فيه في ابريل. وأعلنت فرنسا خصوصا التي كانت تستعمر هذا البلد، تعليق تعاونها. وصرح مصدر عسكري موال للرئيس ومصدر آخر قريب منه لوكالة فرانس برس أن امادو توماني توري في معسكر للجيش مع اعضاء من الحرس الرئاسي. وقال المصدر الموالي لتوماني توري ان "الرئيس موجود فعلا في باماكو وليس في سفارة. انه في معسكر للجيش يتولى القيادة منه". وأكد مصدر قريب من الرئيس هذه المعلومات موضحا أنه موجود مع أفراد من الحرس الرئاسي. وكان مصدر عسكري موال للرئيس المالي صرح لوكالة فرانس برس قبل ذلك أن امادو توماني توري الذي يقول عسكريون أنهم أطاحوا به "في حالة جيدة" و"في مكان آمن". ولم يوضح المصدر في اتصال في باماكو ما إذا كان الرئيس موجودا في العاصمة أو خارجها أو خارج مالي. وقرابة الساعة الرابعة من الخميس ظهر عسكريون يرتدون الزي الرسمي على التلفزيون الحكومي الذي احتلوه منذ الاربعاء ليعلنوا "إسقاط النظام غير الصالح" في باماكو وحل "جميع المؤسسات" وتعليق "الدستور" وفرض حظر للتجول. وقال المتحدث باسم الجنود المتمردين اللفتنانت امادو كوناري أنهم تحركوا حيال "عجز" نظام الرئيس امادو توماني توري عن "إدارة الأزمة في شمال بلادنا" حيث تقوم حركة تمرد يقودها الطوارق وتنشط جماعات إسلامية مسلحة منذ منتصف يناير. وتحدث كوناري الذي أحاط به قرابة عشرة عسكريين بالنيابة عن اللجنة الوطنية لاصلاح الديموقراطية واعادة الدولة. وبعده بقليل، انتقل الكلام إلى الكابتن امانو سانوغو زعيم العسكريين ليعلن فرض حظر للتجول اعتبارا من الخميس. وبرر المتحدث الانقلاب ب"عدم توفر المعدات اللازمة للدفاع ارض الوطن" بأيدي الجيش لمحاربة التمرد والمجموعات المسلحة في الشمال وب"عجز السلطة على مكافحة الإرهاب". وأضاف أن العسكريين "يتعهدون إعادة السلطة المدنية وإقامة حكومة وحدة وطنية". وقد أعلن أحد العسكريين بعد ظهر الخميس أنهم أغلقوا "كل الحدود حتى إشعار آخر" بينما ذكر مصدر ملاحي مالي لوكالة فرانس برس أن مطار باماكو أغلق الخميس وألغيت الرحلات الجوية. وفي باماكو سمع إطلاق نار متقطع في عدد من الأحياء، كما ذكر صحافي من وكالة فرانس برس وشهود. وعلق عدد من وزراء الخارجية الأفارقة الذين توجهوا إلى باماكو من أجل حضور اجتماع حول إطلاق النار بين الحرس الرئاسي ومتمردين طيلة ساعات عدة من ليل الاربعا. وبدا يوم الاربعاء بانقلاب في معسكر في كاتي بالقرب من باماكو قبل أن يمتد إلى العاصمة نفسها حيث جاب الجنود الشوارع وهم يطلقون النار في الهواء مما أثار الذعر بين السكان. وقال أحد الجنود "سئمنا الوضع في الشمال". وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الخميس أن فرنسا علقت تعاونها مع مالي التي شهدت انقلابا عسكريا، لكنها تبقي على مساعدتها الانسانية للسكان. وقال في بيان مكتوب أن "فرنسا تعلق كل تعاونها مع مالي. نبقي على مساعدتنا للسكان وخصوصا المساعدة الغذائية ونواصل عملنا في مكافحة الارهاب". وأوضحت باريس أن قرار تعليق التعاون يشكل كل الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية لكن السفارة الفرنسية في باماكو ستواصل نشاطها على الرغم من تجميد المبادلات السياسية. من جهة اخرى، دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى "احترام سلامة" الرئيس توري". ولقي الانقلاب إدانة من جانب المنظمة الفرنكوفونية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الافريقي والاتحاد الاوروبي. كما أعربت الجزائر عن قلقها الشديد من الوضع في مالي ودانت "بشدة" اللجوء إلى القوة مؤكدة أنها "ترفض التغييرات المنافية للدستور". وكان من المقرر أن تشهد مالي المستعمرة الفرنسية السابقة الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 29 أبريل. وفي مطلع فبراير تظاهرت نساء واقارب لجنود في العديد من المدن من بينهما باماكو للتنديد بالصمت حول وضع هؤلاء الجنود وب"تراخي السلطة" ازاء التمرد. وانتهت بعض تلك التظاهرات بأعمال عنف وتم تدمير ممتلكات تعود إلى طوارق وغيرهم الماليين والأجانب من ذوي البشرة غير السمراء. ونجح الرئيس توريه آنذاك في تهدئة النساء من خلال التعهد بأنه سيكون بإمكانهن الحصول على معلومات عن أزواجهن المنتشرين على الجبهة. وتواجه مالي منذ أواسط يناير هجمات تشنها حركة تحرير أزواد ومتمردون من الطوارق من بينهم مسلحون حاربوا إلى جانب نظام معمر القذافي وسيطروا على العديد من المدن في شمال البلاد. وكانت حركة أنصار الدين الإسلامية المسلحة من الطوارق والتي تطالب بفرض الشريعة في البلاد أعلنت السيطرة على ثلاث مدن في شمال شرق البلاد بالقرب من الحدود مع الجزائر هي تنزاوتن وتيساليت واغولهوك. واتهمت حكومة مالي من جهة أخرى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي الذي يقيم قواعد في شمال البلاد يشن منها هجمات على العديد من دول الساحل بالمحاربة إلى جانب حركة تحرير أزواد. كما اتهمت التنظيم بإعدام قرابة مئة جندي مالي دون محاكمة في اغولهوك.