كتبت يمنى مصطفى محمود ساعة الصفر السؤال الآن هو كيف حدث ذلك! انه اللغز الذي لا يعرف أحد له جوابًا.. لماذا كانت هذه الوحشية في فض اعتصام من 40 شخصًا، لماذا لم يتدخل الجيش بعدة مدرعات ليقف حاجزًا بين الشرطة والشباب.. وما هذا الكم من الذخيرة والقنابل المسيلة للدموع والغازات السامة التى أطلقت على الشباب الثائر.. ان الأمر يبدو وكأن التسعة شهور الماضية قد مضت في الاعداد لهذا اليوم، وأن الداخلية كانت تعيد بناء نفسها لا لتعود الي دورها في حماية الشعب بل لتنتقم منه أن هدم النظام الذي أقسمت علي حمايته... هذه الضراورة والشراسة والغل في التعامل لا تبررها الا نزعة انتقام سيكوباتية.. ولكنها ليست بدون قيادة، ان قيادتها هي نفسها قيادات الثورة المضادة، التي ترك لها المجلس العسكري البلاد مرتعًا طوال الشهور الماضية وفي كل مرة يحدث أمر خطير كفتنة طائفية أو غيرها من القلاقل التى تهدد أمن المجتمع ويظهر تورط هذه الأفاعى فيها، يكتفى المجلس بأن يتظاهر بالقاء اللوم عليها، دون أن يأخذ خطوات جادة في محاسبة رموزها! ان الشواهد تدل على أن السيد صفوت الشريف (و معه نجلي الرئيس من وراء القضبان)، وهو العقل المخطط لأبشع عمليات الابتزاز الأخلاقي علي مدي نصف قرن والمسئول عن ما وصل اليه اعلامنا من دعارة أخلاقية، هم من أبرز قادة الثورة المضادة.. هل هي صدفة أن تسرب خبر يفيد بأن مبارك ما عاد متواجدًا بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة والواقع على طريق مصر-إسماعيلية الصحراوي. ورجح مصدر الخبر أن يكون مبارك متواجدا بالفيلا الخاصة به في قرية عرابي والواقعة على طريق مصر-إسماعيلية الصحراوي. هل يمكن الربط بين هذا وبين ما يحدث من عنف وانتقام بميدان التحرير؟ هل المجلس متواطئ أم أن مراكز القوي بالأمن الوطني وسكان سجن طرة بدءا من صفوت الشريف وانتهاءا بأنجال الرئيس أقوي منه! وكيف ذلك وتحت يده كافة السلطات.. اذن اما أنها مؤامرة من العسكري أو مؤامرة علي الرغم من أنف العسكري تركها تحاك تحت سمعه وبصره، وفي الحالتين هذا يجعله غير مؤهل لحكم البلاد (علي الأقل وحده) في هذه اللحظة الحاسمة.. موسي والبحر شاهدت اللقاء مع اللواء حجازي، وسمعت منه هذه الجملة التي هي برأيي محاولة لاستدرار عطف الرأي العام اذ قال أنه من الظلم تشبيه المجلس بمبارك.. والحق أني أتعجب من قدرته علي قول هذا بعد كل ما حدث، فان كان علي ترك البلاد مرتعًا للفساد والمفسدين فقد فعلوا بالتأخر بشكل مريب في عزل رموز الحزب الوطني واصدار قانون الغدر ، وان كان علي قتل المتظاهرين فهو ما حدث ببشاعة غير مسبوقة، بل هو ما يحاكم مبارك (صوريًا) لأجله.. ينادى البعض ببقاء الحال علي ما هو عليه وأن علينا الصبر لأنه ليس لنا الا الثقة به حتي تمر الانتخابات بسلام ولكني أتساءل عن السبب الذي يدعونا الي الثقة بالمجلس أكثر من مبارك ان كان قد فعل كل ما فعله مبارك.. ان كان الثوار يُسحلون تحت بصر أفراد الجيش المتواجدين بالميدان فماذا لو عادوا الي بيوتهم المعروفة العنوان؟ سيغتالون واحدًا واحدًا (ألم يكونوا مستهدفين من قبل بالمحاكمات العسكرية فما بالكم الآن!).. أتساءل أي انتخابات وأي سلطة ستكون لبرلمان يعلم أن المجلس العسكري يستطيع أن يقيم له "مذبحة قلعة "جديدة بالغاز السام، أي انتخابات نزيهة ستتم في هذا الجو من القمع والدماء.. ستجد من يقولون وما العمل ومن يمسك بالبلاد ان تنحي المجلس وهذه هي العقلية الجبرية المشهورة التي ينطق لسان حالها قائلًا "و حنعمل ايه، أدي الله وأدي حكمته!" دون أن تكلف نفسها عناء التفكير في حلول بديلة ودعوني أذكركم أن نفس هذه الجملة كانت تقال قبل تنحي مبارك ومن سيمسك البلاد بعد مبارك؟ الا أننا بالرغم من ضبابية الموقف ثبتنا علي موقفنا وعلى ضرورة أن يتنحي مبارك حقنًا للدماء.. علينا أن نفكر خارج الصندوق ونخرج بحل، لا يستطيع أن يقدمه أي منا بمفرده ولكن باجتماع العقليات السياسية والقانونية والتشريعية مع اخلاص وحماس الشباب. و لقد طرحت بالفعل عدة خيارات ومنها تكوين حكومة الانقاذ الوطنى التى تحدث عنها الكثيرون، ولكن ممن؟ يجب أن يكون معيار الاختيار الكفاءة المطلقة وعدم الانتماء للنظام القديم وأن تطلق يد الوزراء فى العمل دون تدخل من المجلس العسكرى الى حين انتخاب رئيس جديد للبلاد.. وأظن أن مصر تعج بالكفاآت التى غيبت طويلا لأنها لم تكن على هوى النظام ولم تمش فى ركابه. لاينبغى بأى حال أن تعود الينا حكومة على طراز حكومة شرف التى كانت سكرتارية للمجلس العسكرى بل يجب أن يكون لها صلاحيات لا تحتاج بت المجلس العسكري في كل أمر(و كأن له حق الفيتو في مجلس الأمن)، لنكون مثل الدول التي يكون فيها لرئيس الوزراء صلاحيات أكثر من الرئيس، فلقد نالنا من هذا النظام المركزي ما نالنا من قرارات دكتاتورية ووقف حال لكل قرار يتعارض مع مصلحة الفرد الرئيس.. والحق أنه هناك من الحلول الكثير، فقط لو صدقت النوايا. كذلك ينبغى احداث تغيير شامل في سياسة العسكري لكى لا تكون استمرارا للنهج المباركى، وفوق كل شئ يجب أن يكون هناك اخلاص في احداث التغيير فلا يكون تغييراَ صورياَ يأتى بأشخاص علي شاكلة السيد البدوي أو عمرو موسي ممن هم محسوبون علي النظام السابق، في منصب رئيس وزراء وكأننا نقوم بعمل قص ولزق لسيناريو مبارك وشفيق! حتي كمال الجنزوري وان كان طاهر اليد فانه لا يمثل الا رجلًا لا تاريخ نضالي له بل كان جزءًا من حكومات عهد مبارك فما اختلافه اذن عن عصام شرف.. ان المرحلة القادمة بحاجة الي فكر ثوري ودماء شابة تستجيب بسرعة لاحتياجات المرحلة.. وصل موسي الي البحر الأحمر وجيش فرعون من خلفه، فقال بنو اسرائيل "انا لمدركون" فرد عليهم موسي بيقين المؤمن الثابت "كلا، ان معي ربي سيهدين".. تري هل تساءل أي منهم وماذا بعد البحر الأحمر؟ لا، بل لم يكن أمامهم الا الصمود والمضي وأن يأخذوا بكل الأسباب وسيجعل الله بفضله فرجًا ومخرجًا..