كتب عمرو حسين في أسبوع واحد وقعت على فيديو لشخص يعلن قيام ما يسمى بالدولة القبطية في مصر، كما سمعت عن إمام مسجد القائد إبراهيم الذى دعى على العلمانيين والليبراليين في صلاته وأمن وراءه الآلاف! هذا بالإضافة لعدد من المقالات لبعض غلاة العلمانيين الذين ما زالوا يستخدمون فزاعة التخويف من كل ما هو إسلامى كما كان يفعل النظام السابق تمامًا. أضف إلى ذلك كله تصريح لأحد غلاة السلفيين الذى هدد الأقباط إما بالجزية أو الحرب !!! أجد أصوات المتعصبين من كل الإتجاهات الفكرية والدينية والسياسية تتعالى تدريجيًا مما ينذر بما قد يشبه العراك السياسى. وهدف كل جهة تجاهل وجود الآخرين ومحاولة فرض فكره على الكل مع إقصاء أى مخالف وتحقيره. وسط كل هذا الصراخ السياسى أجد فلول النظام القديم تبتسم إبتسامة رضا بعد أن نجحت في تحويل وجهة نظر المصريين من وحدة الهدف أثناء الثورة إلى معارك جانبية سيخسر فيها الوطن أكثر بكثير مما كسب بعد الثورة. لا يعنيني موقف الفلول من المشهد السياسى قدر إهتمامى بموقف المواطن المصرى. وأنا هنا سأسمح لنفسى أن أعبر عن شريحة كبيرة من المصريين. هذه الشريحة تتمتع بوضوح رؤيا ووحدة الهدف، هذه الشريحة تريد أن ترى مصر في طليعة الدول المتقدمة المتحضرة. هذه الشريحة تريد أن يختفي الفقر والجهل والمرض من مصر. هذه الشريحة ترى أن الإهتمام بالمواطن المصرى ومشاكله والشارع أهم من الدستور والإنتخابات والأيديولوجيات. الشريحة التى أعنيها فيها المسلم المعتدل الذى يبادل جاره المسيحى الود والبر بل ويشاركه في العمل والسكن. هذه الشريحة فيها المسيحى الذى يبادر بالمحبة لزميله السلفي. هذه الشريحة التى أعنيها فيها السلفي المعتدل الذى يعترف بحق المجتمع في الحريات العامة ويرفض تقييد هذه الحريات بالضبط كما يرفض أن تقيد حرية أخواتنا المنقبات ! هذه الشريحة لا يعنيها الأسماء والأحزاب والإئتلافات، هذه الشريحة تعنيها مصر... أعلم أنه في هذه اللحظة سوف يتبادر الآن إلى الأذهان أننى أتكلم عن كيان وهمى لا وجود له وأننى أستخدم كلمات وشعارات ليست موجودة في عالم الواقع ولكن على العكس تمامًا! أنا أعتقد أن الليبراليين متحكمون في أغلب وسائل الإعلام المقروئة والمسموعة. وغلاة السلفيين يستخدمون المنابر وسر وجودهم في الميادين والمليونيات والإنترنت أنهم نشطاء بطبعهم لإعتقادهم أن كل مجهود مبذول في هذا الإتجاه هو في سبيل الله. أما الغالبية العظمى من هذا الشعب الذى يقدر بأكثر من 80 مليون نسمة فهم من البسطاء الذين ينظرون بأسى لهذا العراك السياسى ويشعرون أنهم ما زالوا خارج الصورة. ربما كان ذلك السبب الرئيسى أننا لم نجد الزعيم أو القائد المنشود الذى يلتف حوله كل المصريين حتى الآن. الشريحة التى أعنيها فيها المسلم المعتدل الذي يبادل جاره المسيحى الود والبر، بل ويشاركه فى العمل و السكن. هذه الشريحة فيها المسيحى الذي يبادر بالمحبة لزميله السلفي. هذه الشريحة التى أعنيها فيها السلفي المعتدل الذى يعترف بحق المجتمع فى الحريات العامة ويرفض تقييد هذه الحريات بالضبط كما يرفض أن تقيد حرية أخواتنا المنقبات! و للمرة الثانية حتى لا تكون المقالة مجرد شعارات فلننظر مثلًا لأحد أهم أهداف ثورة يناير وهى " العدالة الإجتماعية". لم أجد أحد هؤلاء المتعصبين الأيديولوجيين يشرح بالتفصيل عن حلول عملية للقضاء على الفقر مثلًا. بينما وبمبادرة من بعض الشرفاء من الشريحة التى أعنيها ظهرت فكرة "حملة المليار للقضاء على العشوائيات". رأينا الفنان الإنسان المصرى "محمد صبحي" والإعلامي المصري المحترم "عمرو الليثي" والداعية التنموي المصري "عمرو خالد" ورجل الأعمال المصرى الإنسان " نيازي سلام" والفنانة المصرية المحبوبة "حنان ترك". تصدى هؤلاء لجمع التبرعات وإقامة الندوات والتخطيط الدقيق للحملة وجذب الرعاة والمتبرعين. هؤلاء فعلوا كل ذلك دون أن يكون وراء ذلك طمع في كرسى الرئاسة أو حتى عضوية البرلمان أو حتى أى مكسب شخصى. هؤلاء الوطنيون فعلوا ذلك ولم يتبادر إلى ذهنهم حث الناس على رد هذا المجهود بإتباع حزب معين أو إتجاه فكرى معين أو إنتخاب شخص بعينه. الخلاصة أن المحرك الأساسى والوحيد هو حبهم لمصر والعمل لوجه الله. ما زال الشارع المصرى ينتظر من يقوده ويقود مصر كلها نحو التقدم والرقى والحضارة. ما زالت الشريحة المصرية المنسية الكبرى تنتظر من يعمل لا من يتكلم. ما زال المصريون ينتظرون برامج حقيقية لا حملات دعائية! الشريحة المصرية الإسلامية القبطية الليبرالية المعتدلة التى تتقبل كل الإتجاهات ما زالت تنتظر من يمثلها ويعمل من أجلها ويقدم حلول عملية لمشكلاتها. كل ما أريده هو أن تعلو صوت هذه الفئة نبذًا للتعصب وتوحيدًا للصفوف مرة أخرى وراء أهداف كبيرة ومهمة...