الجريدة (خاص) كتب أحمد بحيري بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله.. اللهم افتح علينا حكمتك و انشر علينا رحمتك يا ذا الجلال و الإكرام.. و صل اللهم و سلم على حبيبنا و نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين. و آن الأوان نبدأ رحلتنا مع “أعز الناس”.. ياترى البداية تكون منين؟.. هل نبدا من مولد النبي”ص”؟.. والا من بداية البعثة؟.. والا من قصة سيدنا إبراهيم مع هاجر و إسماعيل.. البدايات كتيرة.. بس انا حابب ابدأ قبل كده بكتير.. من بداية البدايات.. البداية الحقيقية ماكانتش على الأرض.. تبدأ رحلتنا بحوار عجيب.. في مكان أعجب.. ((وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَة))[البقرة : 30] بس.. كده خلصت حكايتنا النهاردة... حكاية قصيرة و بسيطة.. بس فيها أهم معنى ممكن نتعلمه في حياتنا.. سألت سؤال في المنتدى قبل كده و قلت “هل أنت سعيد؟”.. و ناس كتير جدا جاوبت على السؤال.. مابين سعيد و راضي و تعيس.. و فيه اللي مش فاهم اصلا يعني ايه سعادة.. انما الشئ اللي كان واضح بالنسبة لي سواء في الردود أو في الناس اللي باشوفهم حواليا.. ان سبب تعاسة أي إنسان.. هو انه مش عارف اتخلق ليه.. أو مش فاهم معنى وجوده في الحياة و مش عايش ضمن المعنى ده.. فأصبحت حياته مالهاش أي معنى ولا قيمة.. و بالتالي .. فقد السعادة.. لأنه لما بيخلو بنفسه و يسأل نفسه “أنا عايش ليه؟”.. مابيلاقيش إجابة.. في حياتنا في عالم المادة.. إيه قيمة قلم مابيكتبش؟... أو عربية من غير عجل؟.. أو تلفزيون من غير شاشة؟.. الحاجة في عالمنا مابيبقالهاش قيمة.. إلا لما تكون بتؤدي الغرض اللي اتعملت عشانه أساسا.. فما بالك بالإنسان.. خُلق الإنسان لهدف.. و كُلِّف بمهمة في هذه الحياة القصيرة.. حياة الإنسان أطوار.. فيه حياة قصيرة.. و حياة طويلة.. الحياة الطويلة للإنسان.. بدايتها من ساعة ما نفخ الله سبحانه و تعالى الروح في جسد آدم.. و أودع ذريته في ظهره بعد أن أشهدهم على نفسهم “الست بربكم”؟.. فشهدوا على ذلك و قالوا “بلى شهدنا”.. فترة لا يذكرها أحد منا ولا يعيها.. تماما زي الواحد منا مايذكرش أي شئ عن حياته لما كان مجرد جنين في بطن أمه.. بدات حياتنا من اللحظة دي.. من ساعة نفخ الروح في سيدنا آدم.. و فضلنا تنتقل على مدار الزمن من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات.. لغاية ما يأذن الله سبحانه و تعالى ببدأ الحياة الثانية بولادة الواحد منا.. و انتهاءها بوفاته.. فتبدأ الحياة الثالثة عند وفاته و هي حياة البرزخ و تنتهي بقيام الساعة.. حياتنا طويلة جدا.. و اقصر مرحلة فيها هي اللي بنعيشها على الأرض.. من الولادة إلى الوفاة المرحلة اللي احنا عايشينها دلوقت.. اقصر مرحلة.. لكنها أخطر مرحلة.. لأن المرحلة اللي قبلها كانت مرحلة استعداد و تهيئ.. و المرحلة اللي بعدها ثمرة لها.. حالك في هذه الحياة القصيرة.. يترتب عليها حالك في بقية حياتك من حيث السعادة أو الشقاء.. عشان كده لازم نفهم كويس جدا ازاي نعيش الفترة دي صح.. و مش هانقدر نعيشها صح إلا إذا عرفنا الدور المطلوب مننا أداءه.. زي ماقلنا.. الله سبحانه و تعالى خلقنا لهدف.. و كلفنا بمهمة.. الهدف اللي اتخلقنا عشانه هو العبادة.. و المهمة و الوظيفة اللي كُلفنا بيها هي “الخلافة”.. “إني جاعل في الأرض خليفة”.. العبادة و الخلافة.. أهم حاجتين لازم نفهمهم لأن دول الأصلين اللي بنتعامل بيهم مع الله سبحانه و تعالى و مع الكون من حوالينا.. العبادة هي كل مابيننا و بين الله.. و الخلافة.. هل كل مابيننا و بين ماخلق الله.. عدم وجود الفهم ده بين المسلمين حاليا هو أحد اقوى اسباب التدهور اللي احنا عايشين فيه حاليا.. الناس تخيلوا ان العبادة هي مجرد إقامة الشعائر. من صلاة و صوم و حج و غيره.. و ان الخلافة هي الحكم و إدارة الناس.. و مش عارفين ان كل مسلم في كل لحظة من حياته مطلوب منه يكون عابد.. و خليفة في نفس الوقت.. الله سبحانه و تعالى لم يخلقنا إلا للعبادة.. مالناش مقصد ولا غاية في الوجود إلا العبادة.. فهل معقول ان الهدف اللي ربنا خلقنا من أجله.. ينحصر في ساعة واحدة في اليوم و الليلة؟.. لو جمعنا الصلوات كلها على مدار اليوم مش هاتزيد عن ساعة.. معقولة؟.. ساعة من 24 ساعة؟ و شهر واحد في السنة؟.. رمضان؟.. و ربع العشر من المال للزكاة؟.. و الباقي من أعمارنا و أموالنا مالناش فيه اي ارتباط بالله سبحانه و تعالى ولا بالهدف اللي خلقنا عشانه؟ يخلقنا عشان عبادته.. و يخلي 23 ساعة في اليوم مالهمش أي علاقة بيه؟ عمركم شفتوا شركة بتوظف موظف و تديله مرتب كامل و هو بيشتغل 10 دقايق بس في اليوم؟؟.. في القطاع العام صحيح هو ده الأصل.. لكن انا باتكلم في عالم العقلاء.. الناس اللي تعبانين في فلوسهم.. هاتلاقي حد حد يدفع مرتب لموظف بيشتغل 10 دقايق من أصل 8 ساعات المفروض يشتغلهم؟؟ و المضحك.. ان الموظف ممكن يكون في العشر دقايق دول بيعمل شغل تاني غير الشغل المطلوب منه اساسا.. زي واحد ييجي وقت الصلاة.. تقول له يلا نروح المسجد نصلي.. يقولك ل أنا باشتغل.. و العمل عبادة.. صحيح العمل عبادة.. لكن العبادات لها ترتيب من حيث الأولويات.. ماهياش مفتوحة كده تعبد ربنا على مزاجك.. لو العمل عبادة بمفهومك ده.. كان يبقى أعبد الناس النهاردة هم الكفار.. لأنهم أكثر ناس بيشتغلوا في زماننا ده! الناس 3 أنواع.. فيه إنسان بيعيش لنفسه.. و إنسان بيعيش للناس.. و إنسان بيعيش لله.. إنسان بيعيش لنفسه.. فكره و جهده ووقته و حاله و همه و كل حاجة في اتجاه واحد.. و هو هوى نفسه.. مطالب نفسه.. أطماعه.. شهواته.. رغباته.. كل ماتميل نفسه لشئ.. يسخر له كل ما أعطاه الله له.. و ربنا أعطانا الكثير و الكثير.. كل مافي الوجود عطاء من الله سبحانه و تعالى لك.. كل ما في الكون مسخر لك.. العقل اللي بتفهم بيه الكلام ده دلوقت عطاء من الله.. غيرك بيسمع ولا يفهم.. فيوم ما تحول العطاءات اللي ربنا أنعم عليك بيها لأدوات لخدمة أهواءك.. تصبح عبد لنفسك.. بالظبط زي شركة عينت موظف.. و وفرتله بعض الخدمات عشان تعينه على أداء وظيفته.. وفروله سيارة مثلا.. فقام ساب شغله و شغل العربية تاكسي بالنفر! انا الحقيقة مش لاقي صورة اكثر تعبيرا عن الفكرة دي من شخصية كانت في فيلم “lord of the rings” للي شافه.. شخصية gollum .. اللي أعجب بالخاتم فسرقه.. لكنه مع الوقت استحوذ عليه الخاتم و اصبح عبد له.. و فيه إنسان بيعيش للناس.. فكره و همه و عقله محصور في شكله ايه قدام الناس.. ازاي يعلى في عيون الناس.. ازاي يحظى باحترام الناس و تقديرهم.. تلاقيه يلتزم بمواعيده.. تلاقي رحمة.. حقوق إنسان.. كرم.. صدق.. بس ليه؟.. لأنه جرب ان اللي يعمل كده.. الناس يحبوه.. فبقى اتجاهه كله ناحية الناس.. لو الناس بطلوا يحبوا اللي بيعمل الحاجات دي.. هايبطلها و يشوف ايه اللي الناس بيحبوه.. و يعمله.. أصبح عبد للناس.. و النتيجة في الحالتين.. سواء كان الإنسان عبد لنفسه أو عبد للناس.. النتيجة واحدة.. غفلة عن الله.. جرأة على الله... و النتيجة النهائية هي تعاسة في الحياة.. إن فرح ساعة.. حزن سنة.. أن ارتاح ليلة تعب سنوات.. اللي عاش عبد لنفسه أو للناس.. اختار طريق البؤس.. مهما كان ظاهر للناس غير كده.. اللي يشوف الإحصائيات العالمية.. مين أكتر ناس بتنتحر في العالم؟.. الأغنياء والا الفقراء؟.. اصحاب الشهرة أم المجهولين؟.. مين أكتر ناس بتهمل و تضر صحتها؟.. المترفين اللي عندهم كل الملذات؟.. والا المحرومين؟.. عجيب.. المال و الشهرة و الملذات عندهم.. طيب ليه ينتحر أو يهمل صحته و يؤذي نفسه؟.. السبب ببساطة هو انه مش سعيد.. اتفرج على المشاهير في عالمنا العربي.. حتىاللي عاش منهم يسعد و يضحك الناس.. مات في النهاية تعيس.. وحيد.. القصة متكررة و هاتفضل تتكرر.. مايغركش الضحك اللي بتشوفه على الشاشة.. العبرة بالنهاية.. ياترى النهاية سعيدة؟.. والا تعيسة؟..