الشرطة الإسبانية تعتقل بولنديين اثنين بتهمة قتل ألمانيين وإصابة ألماني ثالث    طارق الشيخ: الغناء موهبة من الله فخور بها    محافظ دمياط: قطاع الصحة يشهد طفرة غير مسبوقة فى أعمال التطوير    وزير السياحة يبحث مع سفير هولندا تعزيز التعاون الثنائي    وزير التعليم عن الاعتداء على الصغار في المدارس: حوادث فردية وبشوف حفيدي مع كل واقعة    تعليق حركة الطيران في مطار أنقرة بعد تحطم طائرة كانت تقل رئيس أركان حكومة الدبيبة    إدانة متهمين بالتخطيط لهجوم يستهدف مئات اليهود في بريطانيا    تفاصيل اجتماع وزير الرياضة مع مجلس إدارة الزمالك    وزير التعليم: 750 ألف طالب يمثلون نحو 92% من الثانوية اختاروا نظام البكالوريا بكامل إرادتهم    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    لا كوتة للمصريين أو الأجانب.. تفاصيل أول اجتماع لمجلس إدارة المتحف المصري الكبير    جامعة مصر للمعلوماتية: تخريج أول دفعة فى مجالات تحليل البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعى    مقتل 5 من رجال الشرطة في هجوم شمال غرب باكستان    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    «طلقنى» للجمهور من اليوم !    جامعة مصر للمعلوماتية وتيراداتا تخرّجان أول دفعة متخصصة في تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي    وزير الدفاع الإيطالي: لا خلافات داخل الحكومة بشأن المساعدات المقدمة لأوكرانيا    رسميًا .. بلجيكا تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    رئيس الجمارك يوضح آلية التسجيل المسبق للشحنات الجوية «ACI» ويؤكد استمرارية دور المستخلص إلكترونيًا    «كوانتم إنفستمنت بي في» تزيد حصتها في شركة إيديتا للصناعات الغذائية في صفقة تبلغ قيمتها 1.26 مليار جنيه    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    غرفة العمليات الحكومية الفلسطينية تحذّر من خطورة الوضع الإنساني بقطاع غزة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    المصرية للاتصالات تختار "نايس دير" لإدارة خدمات الرعاية الصحية لموظفيها    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    محافظ المنيا يتابع الجاهزية الطبية ويشيد بجودة الخدمات المقدمة    إحالة للمفتي.. الحكم علي عاطل قام بخطف طفله وهتك عرضها في البحيرة    مؤتمر أدباء مصر يُكرم الدكتور أحمد إبراهيم الشريف تقديرا لمسيرته الإبداعية    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    وكيل تعليم القاهرة يتفقد مدارس إدارة منشأة ناصر التعليمية    استعدادا لعرضه رمضان 2026| انطلاق تصوير مسلسل «توابع» ل ريهام حجاج    نتائج مميزة لاتحاد الطائرة في البطولات الدولية للشباب والكبار بموسم 2025    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    حكام مباراة الثلاثاء ضمن منافسات الدوري الممتاز للكرة النسائية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    قائد السودان: نتطلع لتحقيق نتيجة إيجابية في ضربة البداية بأمم أفريقيا    ميناء دمياط يضخ 73 ألف طن واردات في يوم حيوي    أمم إفريقيا - مؤتمر محرز: لا أعذار.. نريد كتابة تاريخ جديد لمنتخب الجزائر    محافظ شمال سيناء يفتتح عددا من الوحدات الصحية بمدينة بئر العبد    كيان تعليمى وهمى.. حيلة "مستريح مدينة نصر" لاستقطاب ضحاياه    إدارة ترامب ترفع مكافأة الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى ثلاثة آلاف دولار    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    ضبط شخصين بالمنيا لاتهامهما بالنصب على المواطنين    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    الأهلي في اختبار صعب أمام المحلة بكأس الرابطة    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    جرى عزلهم 2016 بتهمة ممارسة السياسة : «قضاة من أجل مصر » يعودون إلى المواجهة مع مجلس القضاء الأعلى    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زياد بهاء الدين يكتب: ما أهمية قانون التظاهر؟ ولماذا ينبغي تعديله؟ وما البدائل المتاحة؟
نشر في الجريدة يوم 17 - 04 - 2014

كتب: زياد بهاء الدين: تصاعد الاحتجاج مرة أخرى ضد قانون التظاهر في الأيام الماضية في أعقاب صدور الحكم بتأييد حبس المتهمين الثلاثة بمخالفة أحكامه، بعدما كان هذا الاحتجاج قد خفت مع انشغال الناس بأمور أخرى على رأسها الانتخابات الرئاسية.
وتقديري أن عودة الاحتجاج لم تكن لمجرد صدور الحكم بل بسبب تراكم مجموعة من الاعتبارات التي جعلت القانون على حالته الراهنة، يتحول إلى محور للخلاف حول طبيعة المسار الديمقراطي الذي تنتهجه البلاد. ولذلك فحتى لو خفت الاحتجاج ضد القانون مرة أخرى فإنه على الأرجح سوف يعود ويتجدد كلما صدر حكم قضائي أو عادت سيرته للصدارة لأي سبب آخر.
شخصيًا، كنت قد عبرت عن اعتراضي على القانون بالشكل الذي صدر به خلال عضويتي في الحكومة السابقة، وكان صدوره أحد الأسباب التي دعتني للاستقالة منها في أعقاب إقرار الدستور الجديد. وكان اعتقادي أن هذا القانون الذي يتم تقديمه للرأي العام على أنه سيؤدي إلى وقف التظاهرات العنيفة والحد من العنف والإرهاب اللذين يهددان استقرار المجتمع وأمنه، لن يكون مؤثرًا في أي من ذلك، ولن تكون له نتيجة سوى تقييد حق التظاهر السلمي، وهدم تحالف 30 يونيو، واستعداء قطاع واسع من الشباب ضد الحكم الانتقالي.
وللأسف أن هذا هو ما حدث بالفعل. ولعل تجديد الحوار حول هذا القانون الخلافي يعطي فرصة لإعادة النظر فيه وتعديله بما يحقق الصالح العام للبلد.
ولتوضيح ما سبق فسوف أحاول هنا الإجابة على ثلاثة أسئلة: ما أهمية قانون التظاهر التي تجعله محورًا لكل هذا الجدل والاهتمام؟ ولماذا ينبغي تعديله؟ وما البدائل المتاحة للقيادة السياسية للبلاد في القيام بذلك؟
أهمية قانون التظاهر تأتي من أنه الوسيلة المتاحة للجماهير والقوى السياسية والاجتماعية في التعبير عن رأيها وإعلان تأييدها أو احتجاجها على مواقف وسياسات الحكومة بشكل سلمي ودون إثارة الشغب أو العنف أو استخدام الأسلحة أو البلطجة أو غير ذلك من وسائل الإرهاب والترويع. وحق التظاهر السلمي بهذا المعنى وثيق الصلة بحرية التعبير وحرية التجمع وكلاهما من أسس النظام الديمقراطي التي لا يستقيم بدونها.
ولحق التظاهر السلمي أهمية خاصة في مصر، لأنه كان وسيلة المصريين مرتين خلال الأعوام الثلاثة الماضية في الإطاحة بالحكم وفى مواجهة انحراف السلطة عن المسار الديمقراطي حينما لم تعد هناك وسيلة أخرى لمواجهة هذا الانحراف، فلم يتبق أمام الشعب في الحالتين سوى النزول للشارع والتعبير عن احتجاجه والمطالبة بالتغيير دون إراقة دماء ودون إشعال فتنة في البلد.
ولنتذكر أنه لو كان هذا الوضع قائمًا منذ عام بالضبط لكانت الاحتجاجات والمظاهرات التي أسقطت الحكم الإخواني كلها مخالفة للقانون ولكان المشاركون فيها جميعًا مهددين بالحبس لثلاث سنوات.
ولنتذكر أيضًا أن حكومة هشام قنديل، حينما تقدمت بمشروع قانون للتظاهر، اعترضنا جميعا عليه خشية أن يؤدي إلى تقييد هذا الحق.
فإذا أضفنا الى ما سبق أن مصر لا تزال تمر بمرحلة انتقالية، لا يوجد فيها برلمان منتخب يمكن لنوابه أن يمثلوا قوة احتجاج ومعارضة شرعية للحكم، ولا توجد فيها مجالس محلية يمكن للمواطنين أن يعبروا من خلالها عن مطالبهم، ولا يوجد فيها رئيس جمهورية أو حكومة منتخبين، فإن الحاجة للحفاظ على حق الجماهير في التعبير عن رأيها بحرية وبسلمية تزداد أهمية، لأنها تصبح عندئذ الوسيلة الوحيدة لعرض مطالب هذه الجماهير ورغباتها على السلطة.
وبنفس المنطق فإن تقييد حق التظاهر السلمي، خاصة في غياب أية قنوات شرعية ومنتخبة تعبر عن الناس وتمثلهم، لابد أن يؤدي إلى حالة «انسداد» في المجتمع واحتقان يدفع بالناس إلى اليأس أو الإحباط، أو يدفعهم إلى البحث عن وسيلة عنيفة لتوصيل رسالتهم بعد أن صار الاحتجاج السلمي مقيدًا ومؤثمًا بالقانون.
وأبادر هنا بالتأكيد على أن كل ما سبق ينطبق على التظاهر السلمي فقط وليس على من يحمل السلاح أو المولوتوف ولا من يتعمد حرق الأبنية والمرافق ولا ترويع المواطنين ولا استهداف رجال الشرطة والجيش، فكل هذه أفعال لا شأن لها بالاحتجاج أو التظاهر السلمي وهي جرائم تعاقب عليها قوانين عديدة بعيدًا عن قانون التظاهر. وبهذا المعنى فإن التظاهر أو الإضراب أو الاحتجاج السلمي لا تسبب عنفًا ولا إرهابًا، بل هي الوسيلة الضرورية للتعبير عن المطالب والآراء، وبالتالي فهم في الواقع ضمان لتحقيق السلم الاجتماعي والأمن لأنه بدونهم لا يتبقى للناس سوى نبذ السلمية والاتجاه للعنف.
ونأتي للسؤال الثاني: لماذا يلزم تعديل القانون الحالي؟ أو بمعنى آخر لماذا لا يعتبر هذا القانون كما يدل اسمه قانونا لحماية حق التظاهر السلمي؟
والحقيقة أنه بغض النظر عن اسمه، فإن هذا القانون يقيد التظاهر السلمى لأنه يجعل قيام المظاهرة ولو كانت سلمية، رهنًا بموافقة وزارة الداخلية. وقد قيل وقت إصداره إن مثل هذه الموافقة ليست اختراعًا مصريًا بل معمول بها في العديد من القوانين الأوروبية.
ولكن الواقع أن هذه مقارنة غير سليمة. فالقيود المماثلة في القوانين الدولية تجعل اعتراض السلطات مرتبطًا بحالات محددة على سبيل الحصر ولا يمكن استخدامها لتقييد حق التظاهر، كما أنها تضمن التظلم أمام القضاء بشكل سريع ونهائي، والأمران غير متوافرين بالقدر الكافي في القانون المصري. والنتيجة العملية أن القانون جعل تنظيم التظاهر مشروطًا بموافقة وزارة الداخلية مما يخالف مبدأ حرية التظاهر السلمي.
من جهة أخرى، فقد جاء تقييد حق التظاهر على النحو السابق متعارضًا مع الفقرة الأولى من المادة (73) من الدستور الجديد والتي تنص على أنه: «للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذى ينظمه القانون»، والمادة صريحة في أن تنظيم المظاهرات السلمية يكون بالإخطار وحده وليس بشرط موافقة وزارة الداخلية. لذلك فقد كان مدهشًا أن يصدر هذا القانون خلال الأيام القليلة السابقة على إقرار الدستور وبينما الدعاية الحكومية والشعبية له في ذروتها، الأمر الذي أعطى مؤشرًا سلبيًا بأن نصوص الدستور التي يجرى الاستفتاء عليها التي يفترض أن ترسخ وتضمن حريات وحقوق المواطنين، يمكن تجاهلها وإهمالها عن طريق إصدار قوانين تتعارض مع تلك الضمانات.
والأهم من كل ما سبق هو أنه وبعد ما يقرب من خمسة شهور على إصداره، فإن القانون لم يحقق أي أثر يذكر في وقف التظاهرات العنيفة والمسلحة، ولم يحم الشعب المصري من البلطجة، بل إن وتيرة العنف قد تصاعدت وارتفع معها عدد الضحايا وحجم الخسائر لأن من ينوي استخدام العنف والإرهاب لن يشغله كثيرًا قانون ينظم حق التظاهر، وكل ما حققه القانون هو ملاحقة من يتظاهرون سلميًا دون رخصة من وزارة الداخلية. وبينما كان يمكن الاعتماد على النصوص الجنائية القائمة من أجل التصدي للعنف والبلطجة، فإن تقييد حق التظاهر السلمي لم ينجح إلا في فتح هوة بين القوى السياسية التي كانت تمثل تحالف 30 يونيو، وفي تعميق الشعور لدى الشباب بأن الدولة تلاحقهم، بينما الإرهاب مستمر والعنف متصاعد والضحايا الأبرياء يسقطون كل يوم.
القانون إذن بحاجة للتعديل لأنه متعارض مع الدستور، ولأنه يقيد حق التظاهر السلمي، ولأنه غير مؤثر على الحد من أعمال العنف والبلطجة، ولأنه أثار انقسامًا بين القوى التي كانت حريصة على استكمال خارطة الطريق والعودة بالبلاد إلى مسار ديمقراطي سليم في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى الحد من الانقسامات وإلى إعادة بناء تحالفات جديدة تسمح بتأسيس دولة حديثة وديمقراطية بحق.
أما السؤال الثالث فهو ما البدائل القائمة أمام القيادة السياسية للتعامل مع هذا القانون؟
أمام الحكومة ورئيس الجمهورية ثلاثة خيارات: الخيار الأول هو تجاهل كل ما سبق والتمسك بأن قانون التظاهر في شكله الحالي يحقق الأمن والاستقرار، وأن احتجاج الشباب المطالب بتغييره غير ذي شأن، وأنها مجرد أزمة إعلامية يمكن تجاوزها دون أضرار كبيرة. ولكن أخشى أن يكون الضرر أكبر من مجرد «صداع» إعلامي يمكن تجاهله، يتمثل في استمرار الهوة بين الدولة وبين القوى السياسية والشبابية الحريصة على التمسك بحق التظاهر. أما الخيار الثاني فهو انتظار أن يتم انتخاب برلمان جديد لعله يبادر بتعديل القانون كي يتوافق مع الدستور، أو أن تقام دعاوى أمام القضاء الدستوري تطالب بالحكم ببطلان أحكامه ويصدر بالفعل حكم بالبطلان لتعارض القانون مع الدستور. وفي الحالتين فإن الحكومة والرئيس قد يكسبان المزيد من الوقت ولكنهما سوف يخسران جانبًا من مصداقية المرحلة الانتقالية. أما الخيار الثالث فهو أن تأخذ الحكومة ورئيس الجمهورية بالمبادرة ويتعاونان مع الداعين لتعديل القانون من أجل تعديله، على الأقل بإعادة النظر في نظام الإخطار، وفى إزالة القيود الإدارية التي يتضمنها، وفى مواد العقوبات، بحيث يصبح القانون بالفعل، كما يدل اسمه قانونًا لحماية حق التظاهر السلمي. فهل نستغل هذه الفرصة؟

المصدر: أصوات مصرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.