قارنت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، في تعليق للكاتب "ديفيد جادنر" على موقعها الإلكتروني الأربعاء، بين ما كان يطمح إليه العرب قبل ثلاثة أعوام، عندما اجتاحوا الشوارع وملأوا الميادين لإسقاط أنظمة استبدت بهم على مدار عقود مدفوعين بالرغبة في الحرية صوب القرن الحادي والعشرين، وبين ما وصلوا إليه الآن. ورأت الصحيفة أن الوضع الحالي يوحي بأن العرب قد تراجعوا نحو مائة عام إلى الوراء، وتحديدا إلى الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى عندما كانت الأراضي العربية ممزقة الأوصال تحت التاج العثماني. ونوهت الصحيفة إلى أن التطلعات الاستعمارية لكل من بريطانيا وفرنسا هي التي رسمت حدود ومستقبل دول المنطقة، محذرة من أن الحرب الأهلية الضروس التي تعبر الحدود السورية إلى دول الجوار باتت تنذر بإزالة تلك الحدود. وتساءلت «فاينانشيال تايمز»: " عما إذا كانت دول الشرق الأدنى بصدد التفكك؟.. لا سيما في ظل المواجهات المشتعلة بين السنة والشيعة من بيروت إلى بغداد، وعما إذا كانت الحدود في بلاد الشام على وشك الإزالة؟ ". ولفتت الصحيفة البريطانية إلى ما بات يراه المراقبون من أن حلقة النزاع المفرغة التي تعيشها سوريا وما ترتب عليها من تحطيم للحدود الداخلية والخارجية إنما يشير على الصعيد الجيوسياسي إلى نهاية اتفاقية "سايكس بيكو" المبرمة عام 1916 بين انجلترا وفرنسا بخصوص بلاد الشام التي تمتد من فلسطين على البحر المتوسط وحتى جبال زاجروس الحدودية بين العراق وإيران، بحيث تصبح مناطق نفوذ. وعن وكالة أنباء الشرق الأوسط، قالت الصحيفة إن وقود هذه الحرب هو الصراع الذي لا يعرف حدودا بين السنة والشيعة، فيما رصدت ما يراه البعض من أن هذا الصراع إنما ترعاه قوى إقليمية هي السعودية من جانب وإيران من جانب آخر. إلا أن الصحيفة أن يكون ما يراه هؤلاء كافيا لإشعال هذا الصراع العرقي الطائفي الضاري على نحو تجاوز ما شهدته يوجسلافيا من قبل إبان تفككها. واستبعدت الصحيفة في ختام تعليقها أن تشهد اللوحة التي رسمتها الأيدي الاستعمارية الأوروبية لبر الشام تغييرا جذريا، مرجحة ألا يتجاوز الأمر كونه مجرد تغييرات طفيفة سواء في داخل دول الشام أو حتى عبر حدوده.