قال رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، أن المخاطر التي تواجهها العراق تنعكس على الولاياتالمتحدةالأمريكية، مؤكدا رغبة بلاده في الشراكة مع الولاياتالمتحدة "للوصول إلى الديمقراطية والأمن والرخاء." واستهل المالكي مقالا -أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية الأربعاء بعنوان "اصبروا علينا"- بتوجيه تساؤل للأمريكيين قائلا "لنتخيل ماذا كنتم فاعلين لو أن منظمة إرهابية تعمل على أرضكم بحيث تقتل العشرات وتصيب المئات كل أسبوع .. ولكن الأمر بالنسبة للعراقيين ليس خياليا أو مسألة افتراضية؛ تنظيم القاعدة يعمل في العراق والتابعون للقاعدة يشنون حملة إرهابية ضد شعبنا". وأضاف "هؤلاء الإرهابيون ليسوا فقط أعداء العراق، إنهم أعداء أمريكا كذلك، ولهذا فإني أخطط أثناء لقائي الرئيس الأمريكي باراك أوباما الجمعة المقبل للمطالبة بتعزيز التعاون الأمني بين الولاياتالمتحدةوالعراق لمكافحة الإرهاب والتعرض لمخاوف أمنية إقليمية أوسع، تشمل الصراع في سوريا وخطر انتشار السلاح النووي والكيماوي والبيولوجي وما يفرضه من تهديد للمنطقة". وتابع " انقضى عامان على انسحاب الأمريكيين من العراق، وعلى الرغم من التهديدات الإرهابية التي نواجهها، لا نطالب بتواجد عسكري أمريكي على أراضينا، إنما نحن في حاجة ماسة إلى تجهيز قواتنا بما تحتاجه من أسلحة لمحاربة الإرهاب من مروحيات وغيرها من الطائرات المقاتلة بما يؤهلنا لتأمين حدودنا وحماية شعبنا، أليس من الصعب تصديق أن العراق لا يملك مقاتلة نفاثة واحدة لحماية مجاله الجوي!". وبحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط، فقد أكد رئيس الوزراء العراقي "الولاياتالمتحدة شريكنا الأمني المفضل، ولذلك نعمل مع الحكومة الأمريكية وشركات الدفاع الأمريكية لجلب ما نحتاج من معدات، ونرى ذلك سببا لتوطيد علاقاتنا التي نريد لها الاستمرار حجر زاوية في استراتيجيتنا الأمنية، إن العراقيين مقدرون للتضحيات الكبرى التي قدمها الأمريكيون من أجل بلادنا.. لكن العراق اليوم لم تعد تحت الوصاية؛ إنها غدت شريكا في علاقات قائمة على المصالح والاحترام المشترك على حد وصف الرئيس أوباما". وأوضح المالكي "هذه المصالح المشتركة تتضمن مكافحة الإرهاب وحل الصراع المشتعل في سوريا، إن الحرب في سوريا باتت جاذبا للمتطرفين على أساس طائفي والإرهابيين من شتى بقاع العالم بحيث جمعتهم في الجوار السوري وبعض هؤلاء الإرهابيين عبروا حدودنا المليئة بالثغرات .. نحن لا نريد أن تصبح سوريا أو العراق قاعدتين لعمليات تنظيم القاعدة ولا نظن أن أمريكا تريد ذلك". وشدد المالكي "بينما يرى العالم سوريا باعتبارها مأساة إنسانية، نرى أن ثمة خطرا داهما يتهدد أمن دولتنا، إن تنظيم القاعدة منخرط في حملة متجددة منسقة لتعميق العنف الطائفي وزرع أسافين بين أبناء شعبنا، ولن ندع ذلك يحدث مرة أخرى". وقال رئيس الوزراء العراقي "ولأننا لا نريد لسوريا الاستمرار في اجتذاب المتطرفين وما يترتب على ذلك من توتر إقليمي، فإن أولى أولوياتنا يتمثل في إنهاء سفك الدماء وتحقيق تسوية سلمية ، وإننا في الحكومة العراقية جادون بشأن عدم السماح لمواطنينا بتسليح أي طرف من طرفي الصراع في سوريا". وأضاف "إننا كذلك ملتزمون بحظر استخدام أراضينا ومجارينا المائية ومجالنا الجوي من جانب أي كيان لتمويل الصراع في سوريا، ولكن في ظل وجود العديد من دول الجوار الأفضل تسلحا منا وعدم وجود سلاح جوي أودفاعات جوية، فإن قدرتنا على تنفيذ هذه السياسة تظل محدودة .. وهذا أحد أسباب عدة وراء إلحاحنا على تحسين قدراتنا في مجال الدفاع الجوي". وأعرب المالكي عن سعادة الحكومة العراقية بالاتفاقية التي تم التوصل إليها للتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية، مؤكدا استعداد بغداد لدعمها بكل ما تستطيع من سبل، قائلا "ليس ثمة دولة كانت أكثر تهديدا من العراق لو سقطت هذه الأسلحة الخطيرة في أيدي الإرهابيين". وعلى الصعيد الداخلي، أكد المالكي سعي حكومته لإرساء الديمقراطية وتعزيز ممارستها، وقال إن العراقيين يدركون ويقدرون الفارق بين الهجمات الإرهابية والتظاهرات السلمية. وأضاف رئيس الوزراء العراقي"بينما تقاوم حكومتنا الإرهابيين والمسلحين فإنها تستجيب إلى المتظاهرين السلميين بالانخراط معهم في حوار موسع عبر تشكيل لجان على مستويات عالية من التنسيق وتسعى من خلال ذلك إلى نظر مطالب المتظاهرين". ونوه عن أنه منذ سقوط "الطاغية" صدام حسين في 2003، شهد العراق إجراء أكثر من خمس عمليات انتخابية حرة في عملية إرساء لمبادئ الديمقراطية وتشكيل ائتلاف حكومي يمثل كافة المناطق والطوائف الدينية. واستدرك المالكي مؤكدا على أن التعامل مع الإرهاب إنما يكون عبر التقدم، مشيرا إلى أن الاقتصاد العراقي هو أحد أسرع الاقتصادات العالمية نموا؛ حيث سجل ارتفاعا بنسبة 6ر9 بالمائة عام 2011 ونسبة 5ر10 بالمائة في 2012 . وأشار أيضا إلى ارتفاع الإنتاج النفطي للعراق بنسبة 50 بالمائة منذ 2005 منوها عن التوقعات التي ترشح العراق لاحتلال المركز الثاني عالميا في تصدير الطاقة بحلول عام 2030. وقال المالكي إن حكومته تعيد استثمار عائدات الدولة من مجال الطاقة في إعادة بناء البنية التحتية وإنعاش نظامي التعليم والرعاية الصحية، مضيفا "ونحن على طريق إعادة البناء، يستطيع العراقيون أن يكونوا بمثابة شركاء واعدين للشركات الأمريكية في كافة هذه المجالات". وتابع "إن العراق قد أصبح دولة ذات مؤسسات ديمقراطية، لكننا في حاجة لمزيد من التدريب والتعليم والممارسة والصبر" واختتم المالكي بالقول "إننا على الطريق المؤدية إلى الأمن والديمقراطية والرخاء، وبينما الشوط أمامنا طويل، فإننا نود أن نجتاز هذه الطريق جنبا إلى جنب مع الولاياتالمتحدة".