اتخذت العلاقات الدبلوماسية الأمريكية- الروسية طابعًا جديدًا من إعادة تدني العلاقات بين البلدين على نحو مماثل لحقبة الحرب الباردة بينهما، وذلك نظرًا للجوء عميل المخابرات الأمريكية إدوارد سنودين إلى روسيا بجانب مجموعة أخرى من القضايا الخلافية بينهما. مجلة "دير شبيجل" الألمانية كشفت عن إلغاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما للقاء كان من المفترض أن يجمعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، الشهر المقبل، وأوضحت في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني، اليوم الخميس، أن إلغاء اللقاء عاد بالنفع على السويد، التي أعلن البيت الأبيض أن أوباما سيقوم بزيارة لعاصمتها ستوكهولم يومي 4 و5 سبتمبر المقبل قبل أن يغادرها متوجهًا لمدينة سان بطرسبرج الروسية لحضور قمة العشرين. وأضافت أن اللافت للنظر في الإعلان عن زيارة السويد هو ما جاء فيه بأن "السويد صديقة مقربة وشريكة للولايات المتحدة"، ما يعني مجازًا أن روسيا ليست صديقة ولا شريكة للولايات المتحدة، والتي كان يعتزم رئيسها التوجه في نفس الموعد إلى سان بطرسبرج مباشرة لإجراء محادثات مع نظيره الروسي. وتابعت المجلة بالقول: "يبدو أن قرار الكرملين بمنح حق اللجوء لعميل المخابرات الأمريكية الهارب كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للعلاقات بين واشنطنوموسكو، وهو ما ظهر في رفض أوباما إجراء المحادثات التي كانت مقررة في وقت سابق مع بوتين بل والإعلان عن زيارة دولة أخرى في نفس الموعد. واستشهدت المجلة على ما سبق بالإشارة إلى تصريحات المتحدث بإسم البيت الأبيض، جاي كارني، والتي قال فيها "بعد مراجعة دقيقة للعلاقات بين واشنطنوموسكو، توصلنا لنتيجة مفادها عدم وجود ما يكفي من تطور العلاقات الثنائية لعقد قمة أمريكية روسية أوائل الشهر المقبل، مضيفًا: "قرار روسيا منح اللجوء لإدوارد سنودين كان بمثابة عامل إضافي". وأوضح كارني، حسبما ذكرت المجلة، أنه "وفقًا لضعف التقدم على صعيد ملفات الدفاع الصاروخي والحد من التسلح، وكذا العلاقات التجارية وقضايا الأمن الدولي وحقوق الإنسان والمجتمع المدني خلال العام المنقضي، فقد أبلغنا الحكومة الروسية بأنه قد يكون من الأفضل تأجيل القمة إلى أن نتوصل لنتائج أفضل على صعيد الاهتمامات المشتركة". كما نقلت "دير شبيجل" عن أوباما مقتطفات من حديثه في برنامج حواري قبل أيام، حيث قال: "على الرغم من عدم وجود اتفاقية بيننا في هذا الشأن، إلا إننا كنا نحاول احترام التقاليد في حال انتهاك أحد الأشخاص للقانون في بلاده"، موضحًا أن روسيا لم تتعامل بالمثل وموقفها جاء عاكسًا لمواضيع خلافية طرحت نفسها مؤخرًا بين البلدين. وأوضحت المجلة أن إلغاء أوباما للقمة الأمريكية الروسية هو الأول من قبل رئيس أمريكي منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، الأمر الذي دفع بعض المحللين للقول بأن الإلغاء أعاد إلى الأذهان ذكريات الحرب الباردة وتكتيكاتها، وعلى الرغم من أن بوتين لم يحضر قمة الثماني التي استضافها منتجع كامب ديفيد الأمريكي في مايو 2012، إلا أن عدم حضوره لم يكن تصرفًا نابعًا عن ضجر أو استياء كما هو الحال بالنسبة لأوباما. وقالت المجلة إنه حتى عندما اجتمع الزعيمان في يونيو الماضي في أيرلندا الشمالية، فإن عدم التوافق والانسجام بينهما بدا واضحًا على وجهيهما، وبالتالي فإن تصرف أوباما الأخير لم يكن مفاجئًا بأي حال من الأحوال. واختتمت المجلة تقريرها بالقول: "وسط أجواء من العداء المتصاعد، أدركت روسيا أن الولاياتالمتحدة بإلغاء القمة قد أدارت لها ظهرها، ما دفع الكرملين للإعراب عن خيبة أمله لهذا الموقف، ورغم إعلانه أن روسيا ستبقى على استعداد للعمل مع الولاياتالمتحدة بشأن القضايا الثنائية والدولية، إلا أن تصريحات مستشار بوتين للشئون الخارجية، يوري أوشاكوف، لم تعكس هذا الاستعداد، حيث أوضح أن تصرف واشنطن يعكس عدم استعدادها لتطوير العلاقات مع موسكو على أسس متساوية".