ان نظام مبارك باع مصر و ثرواتها الطبيعية من موارد الطاقة ومياه، لمصلحة أعدائها، و قبض ثمن ذلك عمولات و نسب في احيان ، و دعم لنظامه السياسي المستبد من قوي خارجية في أحيانٍ أخري. ففي ملف المياه، ترك مبارك العدو الصهيوني يرتع في إفريقيا ( إثيوبيا و جنوب السودان و غيرها من الدول) ليحاصر مصر إستراتيجياً، ففي الوقت الذي جعل فيه مبارك السودان عدواً له يهدد حكمه و إيران شيطان أعظم و حاصر المقاومة الفاسطينية في غزة ، جعل الكيان الصهيوني "دولة صديقة" نتمتع معها بمعاهدات سلام. و قد نشأت في مرحلة الشباب بالجامعة و انا اقرأ لكثير من الوطنيين الذين كانوا يكتبون في أوائل التسعينات عن خطر التغلغل الصهيوني في جنوب السودان و اثيوبيا و افريقيا و ان الحرب القادمة هي حرب المياه من الكيان الصهيوني ضد مصر و منهم د.مصطفي محمود رحمة الله عليه، و لكن ماذا تفعل دولة تابعة سياسياً تستمد شرعية النظام الحاكم فيها من خارج حدودها و تتنازل عن كل شئ ممكن ليستمر دعم نظامها في الحكم من الخارج، بل و تسعي لتوريثه. لذلك، و في هذا الإطار فانه يجب ان تظل كل الخيارات مطروحة أمام الدولة المصرية، بالقوة الناعمة و الخشنة . و أنا هنا في هذا المقال اربط بين ثرواتين إستراتيچيتان لمصر من ثرواتها الطبيعية، الا و هما المياة و الطاقة..فالمتابع لتاريخ الامم و الشعوب يدرك تمام الإدراك ان الحروب بين الدول تقوم في كثير من الأحيان للسيطرة أما علي موارد المياة او الطاقة لانهما عمادا أي حياة و لا تقوم أي تنمية إلا بهما . اما في قضية الطاقة، فقد أعتمد أعداء مصر علي مبدأ " أرسل حكيماً و لا توصه" ..فقد كان حسين سالم، رجل المخابرات المصري الأسبق ، و رجل التعاون الاول مع العدو الصهيوني في مصر هو الصديق المقرب و المصدق من الرئيس المخلوع، في مفارقة لا تخلو من التخطيط!!! حتي إنه كان الوحيد الذي يستطيع الدخول علي مبارك حجرة نومة و يراه بالبيچاما، و لما لا و هو من أهداه منتجعات شرم الشيخ له و لأولاده و كان الواجهة التجارية له في صفقات الغاز و البترول. و هنا تكمن نقطة فارقة أيضاً حينما نعلم أن حسين سالم هو من أتي بسامح فهمي بطائرته الخاصة و قدمه للمخلوع مبارك في شرم الشيخ ليعينه وزيراً للبترول، بعدما نجح سامح فهمي في إثبات ولائه لحسين سالم ، بعد ان أتي به سالم من الهيئة العامة للبترول ليعينه منصب رئيس شركة "ميدور" -و هي المصفاة التي انشأها حسين سالم مع شركة ميرهاف الإسرائيلية و ممثلها يوسي ميمان رجل الأعمال و المخابرات الإسرائيلي و التي هي قصة فساد مالي رهيب ضالع فيها فهمي و سالم ( و مبارك بالطبع). عين حسين سالم، بتبصيم مبارك المخلوع، سامح فهمي وزيراً للبترول بعد وزير بترول مصري كفء شريف هو المهندس حمدي البنبي، و في تخط واضح لرئيس هيئة البترول المصري الشريف الكفء أيضاً المهندس عبد الخالق عياد، حيث كان المعمول به ان رئيس هيئة البترول هو من يشغل منصب وزير البترول ( سامح فهمي كان نائباً لرئيس هيئة البترول قبل ميدور). و قد روي لي صديق شخصي لسامح فهمي فترة طفولته دخل بيته و لعب معه في الطفولة و الشباب، و هو حي يرزق حتي الآن، ان والدة سامح فهمي مصرية من أصل يهودي. مارس سامح فهمي سياسات التجريف و التخريب في ثروات مصر بكل السبل منذ أن تولي وزارة البترول في عام 2000 ، الي ان ترك الوزارة بعد الثورة مديونة بقرابة ال 10 مليارات دولار للشركاء الأجانب، و مرتبطة بعقود طويلة الأجل لتصدير ثروات مصر من الغاز بأبخس الأثمان ( المليون وحدة حرارية من الغاز تصدر من الدولة للكيان الصهيوني و إسبانيا ب 1،57 دولار أمريكي ) في حين كان يستورد "المازوت" لتوليد الكهرباء لان الغاز اصبح غير موجود لتوليد الكهرباء محلياً بعد تصديره، ( المليون وحدة حرارية من المازوت ب قرابة ال 20 دولار أمريكي ) . باختصار أدت سياسات فهمي هذة الي: 1- عجز مستمر في الموازنة المصرية قدرة 120 مليار جنية بسبب دعم المحروقات ، لم يكن هذا العجز موجوداً قبل عام 2000 الذي تولي في سامح فهمي الوزارة 2- ديون بمليارات الدولارات للشركاء الاجانب 3- ضعف في انتاج الغاز لا يلبي سياسات انتاج الكهرباء ( عندما توقف البحث عن الإنتاج و التنمية في الغاز لمدة عام و نصف بسبب تخفيض نشاط الشركاء الاجانب لنشاطهم حدثت فجوة مفاجأة في توليد الكهرباء وصلت 10٪" في الحين المفروض ان يكون هناك احتياطي استراتيجي. 4- قيادات ضعيفة غير كفء ، لم تعين برئاسة الهيئات الا لانها تابعة لا تهش و لا تنش " تبصم" علي أوامر سامح فهمي " ، او قيادات كفء لكنها لا تهتم الا بكيفية تلبية أوامر سامح فهمي حتي تترقي و تتقلد رئاسة الهيئات .. ..في حين ان قطاع البترول المصري في أكثر من 98٪ منه يتمتع بالكفائة و المهارة و الخلق الحميد و الانتماء لهذا الوطن ..لمكن للأسف كل الأكفاء أصحاب الرأي المستقل للمصلحة العامة كانوا يقصوا من مناصبهم عندما كانت أسهمهم ترتفع و أدائهم يظهر.. و كانت تتم تصفيتهم "إدارياً" لو تحدثوا برأي يخالف سيادة الحاكم بأمره في وزارة البترول سامح فهمي و قياداته التابعة … او اصبحوا يعملون في الشق الفني و لا يتدخلون في " السياسة" و يكتفوا بالأحاديث البينية الرافضة ..او هاجروا للخليج فساهموا في بناء صناعة النفط و الطاقة هناك و هم مكرمين. ان بلاغي المقدم ضد إتفاقيتي الهيئة العامة للبترول مع شركة بريتيش بتروليوم ( شمال الاسكندرية ، و غرب المتوسط مياة عميقة) المبرمتين بتاريخ 1992 و المعدلتين بتاريخ 2010، و الذي اتهمت سامح فهمي و اسامة كمال بالفساد و التستر عليه ، و الذي يسير التحقيق فيه علي قدم و ساق الآن في نيابة الاموال العامة و اتضحت مخالفات فساد جسيمة و عديدة به ، هو ليس فقط جهداً لوقف نزيف ثروات مصر من الطاقة ( هاتان الاتفاقيتان تتحكمان في 20٪ من انتاج مصر من الغاز في السنوات القادمة، و قيمة الثروة المهدرة تقدر ب 34 مليار دولار)، و لكنه أيضاً جهداً واجباً لان تصل الثورة الي مؤسسات الدولة حتي نوسس لمرحلة جديدة يتحقق فيها استقلال القرار الوطني لمصر في ثرواتها، نتعاون فيه مع جميع الشركاء الاجانب بلا تشنج فنحن بحاجة الي شركاء و شركائنا مهمين بالنسبة لنا، بل ونسعي لجذبهم و توفير المناخ الأمن لهم ، لكن هذا لا يجب ان يتعارض مع احتفاظنا بحقوقنا و عدم التفريط في ثرواتنا من الطاقة التي هي أمن القومي وإستراتيجي و إكتفائنا منها ذاتياً هو الهدف لتحقيق مخططات التنمية الصناعية و الاقتصادية و الاجتماعية.