مشهد غريب يحدث أمام وزارة البترول جموع غفيرة من الشباب تقف فى طوابير للحصول على استمارة توظيف توزعها الوزارة وعلى جانب آخر تقف حشود أخرى من العمالة المؤقتة تطالب بحقها فى التثبيت بعد سنوات طويلة من العمل بمختلف الشركات التابعة للوزارة . وما يدعو للتعجب المنهج الذى تتخذه الوزارة تجاه هذا الشباب سواء الباحث عن فرصة عمل أو التثبيت والاستقرار فالوقت لا يتحمل بيع الوهم والاستهانة بعقولهم. وهناك ملفات خطيرة داخل قطاع البترول فجرتها هذه الأوضاع والتى تتطلب سرعة حلها حتى لا تتحول إلى بركان كما يقول الخبراء. ولدى الدكتور عمرو كمال حمودة خبير الطاقة عدد من الملفات التى يقول عنها: إنه يجب فتحها من جديد فى قطاع البترول قبل أن تحدث كوارث جديدة لا تستطيع الدولة تحملها وهى تعتمد على حقائق ولمن يريد التشكيك فيها - كما يقول - يذهب إليه وسوف يجد فى جعبته البحثية ما أهو أكثر من ذلك. ويطالب حمودة برحيل وزير البترول المهندس سامح فهمى لأنه صمت عن هذه الملفات طوال أكثر من 11 عاما منذ توليه الوزارة لأسباب يعلمها وحده أهمها ملف تصدير الغاز لإسرائيل والذى كان أحد الأسباب الرئيسية لتقليد فهمى المنصب الوزارى الرفيع . ويفيض د. عمرو حمودة قائلا: إن وزير الغاز سامح فهمى تسبب فى احتقان مجتمعى لإصراره على تصدير الغاز لإسرائيل بأسعار بخسة وكأنه يعيد عصور أسواق النخاسة ليس للبشر ولكن لثروة مصر البترولية وللنظر إلى الاتفاقية والتى تنص على تصدير الغاز لإسرائيل بواسطة عقود طويلة الأجل تصل إلى 20 عاما تبدأ من يوليو 2005 بسعر 1.25 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية فى حين كان السعر وقتها وفقا للبورصة العالمية دولارات وبكميات تبلغ 250 مليون قدم مكعب يوميا وهو ما يمثل إهداراً لثروة مصر البترولية والتى هى حق للأجيال القادمة وليست ميراثا لسامح فهمى أو غيره . ولا يكتفى د. حمودة بسرد الخسائر الناجمة عن تصديرالغاز لإسرائيل فقط بل يتطرق إلى العقود الأخرى إلى دول أخرى وهى الأردن وأسبانيا وإيطاليا وهى أيضا تحقق خسائر للدولة حيث لا يتجاوز سعر المليون وحدة حرارية 2.5 دولار فى حين تتراوح الأسعار العالمية الآن بين 9 دولارات و14 دولاراً. ويتابع : وجميع هذه العقود تمت بالأمر المباشر وليس عن طريق المزايدات الحكومية وبدون العرض على مجلس الشعب وهو ما يستوجب محاكمة وزير البترول لافتا إلى أن اتفاقية السلام مع إسرائيل لا تنص على تصدير الغاز لإسرائيل كما يشيع أصحاب المصالح والمنتفعين من هذه الاتفاقية وعلى رأسهم رجل الاعمال حسين سالم صاحب الشركة والتى يتم عن طريقها التصدير لإسرائيل ولكن الاتفاقية تنص على تصدير زيت خام بكميات تصل إلى 2 مليون طن سنويا ووفقا للأسعار العالمية ولأن الغاز لم يكن قد تم اكتشافه فى مصر لافتا إلى العلاقة القديمة التى تربط حسين سالم بوزير البترول سامح فهمى عندما كان عضوا منتدبا فى شركة ميدور ,, الشرق الأوسط لتكرير البترول '' المملوكة لرجل الأعمال حسين سالم قبل بيعها بالأمر المباشر للحكومة وهى محملة بديون تصل إلى المليار ونصف المليار تحملتها الدولة فى صفقة كانت السبب فى دعم الوزير الشاب والدفع به إلى وزارة البترول فكان عليه أن يحمل الجميل فى جنبات صدره لرجل الأعمال وإخراجه فى صورة عقود طويلة الأجل لتصدير الغاز لإسرائيل عن طريق شركة حسين سالم وكل ذلك يتم دون رادع أو مساءلة لوزير البترول . ويواصل الخبير البترولى فتح الملفات المسكوت عنها فى قطاع البترول قائلا إن عقود تصدير الغاز انعكست بآثار سلبية على قطاع الكهرباء والذى شهد انقطاعا متواصلا فى شهور الصيف الماضية وتبين بعد ذلك أن السبب الرئيس وراء هذه الانقطاعات هو عدم حصول القطاع على الكميات المطلوبة من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء واستبدل الغاز بالمازوت والذى ثبت سوءه وقلة جودته وهذا تناقض غريب ندعم المواطن الإسرائيلى ونؤمن الكهرباء لبيته والمواطن المصرى صاحب الحق فى ثروته يلعن الظلام فى شهور الصيف . ويخرج حمودة أمعاء قطاع البترول ويتوقف عند الإتفاقية الأخيرة الموقعة ببن الوزارة وشركة بريتيش بتروليم البريطانية فى صيف عام 2010 للبحث عن الغاز فى المياه العميقة متعجبا من رفض الكونجرس الأمريكى عمل الشركة فى أمريكا بعد حادث تفجير المنصات البحرية التابعه لها فى خليج المكسيك فى حين يتلهف الوزير على توقيع اتفاقية مع شركة منبوذة دوليا والأخطر من ذلك أن هذه الاتفاقية تعتمد على نموذج جديد فى الشراكة لا ينص على تقاسم الإنتاج مناصفة ولكن أصبح كل الإنتاج من نصيب الشريك الأجنبى فقط مقابل احتفاظ الدولة بالرسوم والضرائب بدعوى المخاطر التى ستعود على الشركة جراء البحث عن الغاز فى المياه العميقة ونجحت الوزارة فى الحصول على موافقة البرلمان السابق فى غضون 3 أيام دون عرض الاتفاقية على لجان استماع يشارك فيها خبراء ليكتمل مسلسل إهدار ثروات مصر. ويكشف حمودة عن تخصيص شركات لتوزيع الغاز محليا لأبناء الذوات والمقربين من السلطة على رأسهم باسل ابن أسامة الباز وأخرى لابن منير ثابت شقيق سوزان مبارك وغيرهما فالقائمة طويلة وعلى الجهات الرقابية حصرها. ويعرج الخبير البترولى إلى ملف آخر يقول إن وزراة البترول لا تستحى فى المجاهرة به ليل نهار وهو ما يتعلق بالبيانات المتعلقة بالإنتاج والاحتياطيات خاصة من الغاز حيث يقول إنها وهمية وتضلل الرأى العام فالوزارة تقول إن الاحتياطيات بلغت 76 تريليون قدم مكعب حتى تبرر تصديرها الغاز لإسرائيل بأسعاره البخسة التى تحققق خسائر بالمليارات يتحملها الاقتصاد المصرى فى حين الاحتياطيات الفعلية تصل إلى 26 تريليون قدم مكعب تكفى البلاد حتى عام 2012 أى بعد عام . وينتقل د. عمرو حمودة إلى ملف ديون قطاع البترول والذى يقدرها بنحو 6 مليارات جنيه مشيرا إلى أن وزير البترول سامح فهمى قام برهن احتياطيات كثير من الحقول مثل رأس غارب وجسيوم وغيرها لمدة 10 سنوات بسعر 10 دولارات للبرميل فى حين يتخطى سعر البرميل الآن 80 دولاراً وهو ما يعنى تكبد الاقتصاد خسائر فادحة على حد قول حمودة. ويعود إلى ملف آخر يتعلق بالعمالة داخل القطاع ويقول عنها: إنها تخطت عشرات الآلاف لأن التعيين يتم وفقا لأغراض سياسية للوزير فهو يخصص كوتة لأعضاء مجلس الشعب حتى يأمن هجومهم عليه تحت القبة إلى جانب أعضاء الحزب الوطنى والذى تولاه شقيقه هادى فهمى عندما كان نائبا لرئيس هيئة البترول وأمين الحزب الوطنى فى مصر الجديدة وكانت نتيجة هذه السياسات تزايد أعداد العمالة المؤقتة والتى لم يعرف القطاع بهذه الأعداد الغفيرة سوى فى عهده والأغرب من ذلك أن الوزير لا يزال يضلل الرأى العام حاليا حيث توزع الوزارة استمارات للتعيين أمام أحد أبوابها فى حين يقف أمام الباب الآخر المئات من العمالة المؤقتة من كافة الشركات التى تطالب بحقها فى التعيين والتثبيت حيث قضت أكثر من 6 سنوات وأقل دون حتى وعد بالتثبيت. ويطالب د. عمرو حمودة بتشكيل لجنة من رئيس محكمة النقض أو من ينوب عنه تضم فى عضويتها خبراء من وزارة البترول ومعهم آخرون مستقلون بجانب خبراء من المجالس القومية المتخصصة تكون وظيفتها جرد ومسح ثروة مصر البترولية خاصة وأن تقارير الجهاز المركزى للمحسابات تؤكد إهدار 2 مليار جنيه سنويا فى هذا القطاع. ويريد الدكتور إبراهيم زهران الخبير البترولى ومستشار حملة لا لنكسة الغاز أن يبدأ بفتح ملف تصدير الغاز حيث يقول إن الخسائر التى تحدث يوميا من عقود التصدير سواء لإسرائيل أوغيرها يدفعها المواطن المصرى من جيبه فى حين يتم تدعيم المواطن الإسرائيلى وهذه جريمة وطنية لابد من محاكمة هيئة المنتفعين من ورائها. ويتابع قائلا: إن هناك حالة من التعتيم على عقود تصديرالغاز لإسرائيل خصوصا الكميات المصدرة والأسعار ولكن الثابت أن أول عقد يتضمن تصدير 1.7 تريلون قدم مكعب سنويا بسعر 1.25 دولار للمليون وحدة حرارية لمدة 15 عاما فى حين أن الوزارة أبرمت عقدين آخرين تقول إنها قامت بتغيير أسعار التصدير ولكن زادت الفترة الزمنية إلى 20 عاما ولكنها لم تعلن عن هذه الأسعاروإن كانت تضاعفت لتصل إلى 2.5دولار إلى 4 دولارت فى حين أن دولة مثل روسيا تصدر المليون وحدة حرارية بنحو 14.6 دولار. ويقول د. إبراهيم زهران: إن وزارة البترول تتفاخر بأن لديها احتياطيا من الغاز يصل إلى 76 تريلون قدم مكعب وبالتالى فتصديرالغاز ضرورة لأنه زائد على حاجتها ووسيلة للدخل غير أن هذه الاحتياطات وهمية وكاذبة لاسيما وأن الاحتياطى المؤكد فى بيان الخبير الدولى وود ماكينزى لا يتعدى 41% من الاحتياطى المعلن وبالتحديد لم يتعد 28 تريليون قدم مكعب من الغاز عام 2008 ولا توجد دلائل على تغييره حتى الآن بالنسبة الى الاحتياطى المؤكد بل يتم السحب منه 2 تريليون تقريبا كل عام الاستهلاك المحلى والتصدير لافتا إلى أن إجمالى عقود التصدير بلغت حوالى 18 تريليون قدم مكعب من الغاز. ولما كان التصدير وسيلة وليس هدفا فى حد ذاته كما أعلنت وزارة البترول مرارا فإن الوسائل الأجدى نفعا المتبعة فى دول مجاورة لديها مخزون مؤكد أكثر ومع ذلك تمتنع عن تصدير الخام الا بعد تصنيعه والحصول على القيمة المضافة. ويتابع: وإذا كان التصدير يوفر تدفق عملات أجنبية لشراء منتجات أخرى وهى حقيقة ولكن التصدير يوجب استيراد بدائل مثل البوتاجازو البنزين والسولار والمازوت واذا كان سعر تصدير المليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى يتراوح بين 1,25 دولار الى 4 دولارات فى إعلان الوزارة فإن سعر استيراد المليون وحدة حرارية من البوتاجاز والبنزين والسولار والمازوت هى 8 و14 و15 و16 دولارا على التوالى أى أضعاف سعر التصدير فماذا يفيد التصدير وتوفير العملات ولماذا لا نستخدم الغاز محليا بدلا من استيراد المنتجات الغالية التى تشكل عبئا على محدودى الدخل؟ واحتياطى مصر المعلن من الغاز فى حدود 1% من احتياطى العالم وتعداد مصر تقريبا 1% من تعداد سكان العالم ولا تعليق؟ ويطالب د. زهران بفتح ملف ديون قطاع البترول والتى وصلت إلى 120 مليار جنيه عبارة عن استحقاقات للشريك الأجنبى عجزت هيئة البترول على الوفاء به إلى جانب قروض بنكية أخرى سواء من البنوك المحلية أو الأجنبية وبالتالى ما يحققه القطاع من عائد للخزانة هو مثل فقاعات البخار فالوزارة تتفاخر بأنها تضخ المليارت ووتتجاهل ما عليها من ديون وقروض. وفى رأى الدكتور محمد رضا محرم أستاذ هندسة واقتصاديات الموارد المعدنية وعميد هندسة الأزهر سابقا فإن جميع ملفات قطاع البترول مشحونة ومتخمة بسوء الإدارة وإهدار المال العام ويبدأ بالاحتياطيات حيث يقول إن احتياطيات الزيت الخام تتناقص وكذلك معدلات الإنتاج إلى حد أن حصة مصر لا تكفيها وتستوفى النقص من حصة الشريك الأجنبى بالشراء بالعملة الصعبة وبالأسعار العالمية ومع ذلك يتم تشويه وتزوير البيانات الخاصة. وينتقل إلى ملف التكرير ويقول: إن الطاقة القصوى لمعامل التكرير لم تعد تكفى للوفاء بالاحتياجات المحلية كما أن جزءا كبيرا من المنتجات المستهلكة فى الداخل يتم الوفاء بها من نصيب الشريك الأجنبى فضلا عن الخلل الذى حدث فى توفير الغاز إلى محطات الكهرباء وهو ما أدى إلى الانقطاع المستمر للتيار خلال فصول الصيف الماضية. ويعرج د. محرم إلى ملف تصدير الغاز لإسرائيل وغيرها من الدول ويقول: إنه ينطوى على كارثة وطنية حيث إن الخزانة العامة تتحمل أعباء فى حدود 8 مليارات جنيه سنويا يخص إسرائيل منها 3.6 مليار جنية لتغطية الفرق بين أسعار الشراء من الشربيك الأجنبى والتصدير والتى يصل متوسطها 4 دولارات للمليون وحدة حرارية وبعد الزيادات الأخيرة فى أسعارالتصدير التى أعلنت عنها وزارة البترول واصفا تصدير الغاز لإسرائيل بالجريمة الوطنية وغيرها من الدول الأخرى بالجريمة الاقتصادية مؤكدا على عدم وجود نص فى اتفاقية السلام مع إسرئيل بتصدير الغاز إليها ولكن بتصدير كميات من الزيت الخام المستخرج من حقول سيناء غير أن إسرائيل لم تعد تستورده منذ سنوات وبحثت عن مصادر بديلة أفضل جدوى اقتصادية لها. ويتعجب الخبير البترولى من ملف العمالة المتخم بها القطاع والمتسبب فيها سياسات وزير البترول حيث يحرص على إرضاء كافة أعضاء الحزب الوطنى من المنتفعين والمرتزقة فحمل القطاع بالعمالة المؤقتة وهى السبب فى المظاهرات المستمرة التى لم يعرفها قطاع البترول من قبل إلا فى عهد سامح فهمى محذرا من أنه لها بعد اجتماعى خطير سينفجر، لذلك على الوزير أن يجد حلا عاجلا لها ويكف عن الهراء الذى يفعله الآن بتوزيع استمارات وهمية للتوظيف فى هذه الأجواء التى لا تحتمل التلاعب بمشاعر الشباب . ويفتح د. رضا محرم ملفا يتعلق بعقود الشراكة مع الشريك الأجنبى خاصة فى الاكتشافات الأخيرة حيث تحولت من المشاركة بتقديرحصة لمصر وأخرى للشريك الأجنبى إلى الولاية الكاملة للشريك حيث يحصل على كل إنتاج الزيت الخام وذلك بسبب تعثر الأوضاع المالية للهيئة العامة للبترول على سداد نصيبها للشريك الأجنبى من مصروفات الاسترداد فى مقابل التماس ضعيف ومستذل يقبل فيه الشريك الأجنبى أن تحصل مصر على احتياجاتها من الزيت الخام بالأسعار العالمية بدلا من الاستيراد من الخارج وما يتبعه من تكلفة فى النقل والشحن. ويختتم قائلا: إن وزارة البترول تحتاج لإعادة هيكلة والاعتماد على قيادات تتمتع بالكفاءة وإلا سيتحول قطاع البترول إلى عبء على الدولة بدلا من أن يصبح قوة دفع للاقتصاد الوطنى.