قال هؤلاء يخونون أولئك فقال أولئك يخونون هؤلاء: د.أيمن الصياد " قفز من السفينة وتخلى عن واجبه ". في حين أنه نصح رئيس الجمهورية مرارا وتكرارا عندما كان مستشاره الإعلامي أن معركتي القضاء والإعلام خاسرتان لامحالة إلا أن الرئيس لم يستمع إلا إلى دائرة مغلقة وخاض المعركتين فاستقال الرجل عندما اقتتل المصريون وسالت دماؤهم وتفاصيل الإعلان الدستوري والاتحادية معروفة للجميع…!!! د.سيف عبدالفتاح المستشار السابق أيضا للرئيس والذي استقال أيضا لنفس الأسباب " خان المشروع الإسلامي باستقالته ومعارضته لمرسي وللإخوان ". في حين أن د.سيف له من المؤلفات عن الإسلام الحضاري وعن علاقة الإسلام بالسياسة ما تكفي للتخطيط لمشروع إسلامي كامل متكامل…!!! د.معتز بالله عبدالفتاح " طول عمره ماسك العصاية من النص، وعدينه بمنصب وبتاع العسكر ".في حين أن الرجل لم يتقاضى مليما عن عمله كمستشار لعصام شرف ورفض كل الحقائب الوزارية والمناصب التي عُرضت عليه وفي كل مرة يتم القبض عسكريا على متظاهرين أو نشطاء سياسيين يتدخل للإفراج عنهم ورأيت ذلك بنفسي كثيرا…!!! د.عمرو حمزاوي " الليبرالي عدو الدين الكافر ". والمتابع له بإنصاف سيعرف أن حتى جبهة الإنقاذ والليبراليين لم يسلموا من نقده وأنه سعى كثيرا لتقديم حلول عملية إلى السلطة ومقترحات لتخطي بعض الأزمات. أما عن كفره فالرجل يصلي ويصوم وحج بيت الله ولم أسمعه يوما يغتاب أو يخون أو يشوه فلان أو علان وبالمناسبة علاقته بربه تخصه وحده…!!! عبدالرحمن يوسف عندما يشيد بقرار لمرسي أو ينتقد حبهة الإنقاذ " أصله إخواني " وبلال فضل لما يعارض " أصله فلول " في حين أن الاثنين تاريخهما ثوري بامتياز وعانا بشدة في عهد مبارك من التضييقات الأمنية عليهما ولما جاءت الانتخابات الرئاسية انتخبا أبو الفتوح يعني لا بلال انتخب شفيق ولا عبدالرحمن انتخب مرسي وفي الإعادة قادا حملة عصر الليمون…!!! مصر القوية " طرية "…وهل ذنب الحزب وأبو الفتوح أنهم لم يسلكوا طريق الجبهة ولا طريق الإخوان، فلا هي معارضة مطلقة ولا تأييد مطلق بل حاولوا رسم طريق سياسي وسطي يناسب توجهاتهم الحزبية السياسية والاقتصادية…!!! وجبهة الإنقاذ " خراب " والإخوان " خرفان متأسلمين " رغم أن كلاهما لهما ما لهما وعليهما ما عليهما… !!! و6 إبريل المناضلون الأُول صاروا " 6 إبليس " رغم أنهم كانوا من الطليعة الثورية وأيدوا مرسي وحشدوا له في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية…!!! وعندما تؤيد قرار صائب للرئيس أو تمتدح وزير مثل باسم عودة إذن فأنت إخواني أو خلايا نائمة أو وعدوك بشئ وطبعا خونت الثورة…!!! أما الليبراليون فيظنون أن " السلفيين دعاة تطرف وتشدد وخطر على البلد " والسلفيون يعتقدون أن " الليبراليين دعاة تحرر وأعداء للدين وخطر على المشروع الإسلامي "…!!! ولا تنسى طبعا تخوين عدد من رجال الإعلام والأعمال وكل من يذهب إلى دولة خارج مصر مثل قطر والإمارات وأمريكا… ده غير البرادعي ووائل غنيم والقضاة والصحفيين والشيوخ والدعاة والفنانيين وحزب الوسط وحزب الدستور وحزب النور وغيرهم وغيرهم وغيرهم…!!! هذه الأمثلة البسيطة لشخصيات عامة من مجالات متنوعة ولأحزاب ولتوجهات سياسية متابينة ولتخصصات مختلفة ليس الهدف منها الدفاع عن مواقف هؤلاء أو تبرير أراء أولئك بل مقصدي من وراء هذه الكلمات والأمثلة المقتبسة والمنقولة صراحة من حياتنا اليومية هو إطلاق جرس إنذار لما آلت إليه أفكارنا وأخلاقنا في تعاملاتنا…
كل طرف يخوّن كل طرف مخالف له…يعني من الآخر كلنا خونة ولا أحد يخاف على البلد… للأسف صرنا نخون بعضنا لنثبت أننا لسنا خائنين أو مقصرين أو مخطئين…فأصبح التخوين بالنسبة لنا مسألة وجودية (أنا أخوّن إذن أنا موجود)… لا أحد ينكر أن الانقسامات التي حدثت بالمجتمع المصري بسبب الاختلافات والاستقطابات السياسية الأخيرة الحادة هي التي ساعدت على تبلور وتفاقم مثل هذه المشكلة الأخلاقية والفكرية لكن في نفس الوقت يجب الاعتراف أيضا أنه بداخل الشخصية المصرية بعض الأمراض المجتمعية المتأصلة إن لم نحرص على علاجها فستؤدي إلى انفجار مجتمعي قريب خاصة مع تصاعد الصراع السياسي، وتتلخص المشكلات في : أولا: تقدسينا لمن لا يٌقدس، فكلنا في النهاية بشر نخطئ ونصيب و" كلُ يؤخذ منه ويُرد إلا صاحب هذا القبر" كما قال مالك بن نبي… ثانيا :اعتقادنا أننا نملك الحقيقة المطلقة وأن كل أمر لا يحتمل إلا رأي واحد فقط وهو بالطبع رأيي… ثالثا : ظننا أن الثبات على الرأي مهما اختلفت الظروف والمعلومات والمعطيات هو عين الرجولة والشهامة… رابعا : اعتمادنا على نقائص الآخرين لنحقق كمالنا…فلا هم سيعيشوا دائما ناقصين ولا كنا نحن أبدا كاملين… بإيجاز هذه هي مشكلاتنا وبإيجاز أيضا حلها أن نفعل عكسها وإذا كانت معرفة سبب الخطأ هو نصف العلاج فالنصف الآخر البحث عن الدواء المناسب والحل الصحيح للخطأ . وَمُرَادُ النّفُوسِ أصْغَرُ من أنْ … تَتَعَادَى فيهِ وَأنْ تَتَفَانَى…أبو الطيب المتنبي