عندما تقرأ تبريرات الإخوان للوجوه الجديدة في التعديل الوزاري، لابد أن ترفع يديك إلى الله خاشعا داعيا: «الحمد الله الذي عافانا مما ابتلى به قوما آخرين». والحقيقة أن كل عضو في الجماعة في محنة حاليا، لا أحدثك عن ابتلاء الصالحين بالرزايا والمصائب، لكنه ابتلاء الطامعين الساعين للحفاظ على الغنيمة بأي وسيلة، لا يهم إن كانت أخلاقية أو متسقة مع مبادئ معلنة لجماعة روجت طوال عقود أنها جماعة إصلاحية أخلاقية، فإذا بها تجبر أعضاءها على الكذب، وتبرره لهم بأنه كذب مباح في وقت الخطر، وتشرعن لهم التحول والنفاق ونقض العهد وإخلاف الوعد، والفجر والفحش في الخصومة. لتحمد الله أن عافاك مما ابتلى به الإخوان، حتى لا تكون مضطرا أن تسب الشخص عن قناعة بأنه الشيطان، ثم تعود لتمدحه باعتباره الولي الصالح، وترفع المقربين إلى أعلى مراتب الشرف والعبقرية طالما أنهم مقربون، ثم تنهال عليهم بكل ما هو وضيع من صفات حين يبتعدون عن مسارك وأفكارك. لم يتعلم هؤلاء الدرس النبوي: «أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما.. وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما»، رغم أنهم أكثر من حاول احتكار الإسلام وادعاء أنه الممثل الصحيح لهذا الإسلام، ولأنهم لم يتعلموا هذا الدرس مازالوا يتراقصون على سلم الجشع للسلطة بقول الشىء ثم نقيضه، وتبرير القرار ثم تبرير إلغائه، والخوض في الخصومة بحرق كل مراكب الاعتبار، ثم العود عنها وكأن شيئا لم يكن. الحمد لله الذي عافانا أن نكون إخوانا، فتأمرنا قياداتنا أن نجمع التوقيعات للبرادعي وأن نحشد له، ثم تخرج ذات القيادات لتتهم البرادعي بالعمالة والخيانة، تحركنا اللجان الإلكترونية لنمتدح أحمد مكي ونشيد بكفاحه من أجل استقلال القضاء، ثم تحركنا ذات اللجان للتظاهر ضد مكي والمطالبة بإقالته، تملأ الجماعة عقولنا بتأييد جارف للقرارات الرئاسية قبل أن تصدر، وبالموت من أجلها بعد أن تصدر، وبالإشادة بحكمة الرئيس حين يتراجع عنها في هدوء، دون أن نسأله عن تقصير سبق صدوره، أو دم سال بعد صدوره، يحركنا كبارنا أن نستخدم مواهبنا في تلحين الأغاني التي تشيطن حاتم بجاتو وتحوله إلى «خائن وعميل ومرتشٍ وعدو للإسلام»، ثم يختاره الرئيس وزيرا فيصبح مطلوبا منا أن نبرر الاختيار، وأن نشيد بكفاءته وحاجة الوطن إليه. الحمد لله الذي عافانا أن نكون إخوانا، فنصدق أن الاكتفاء الذاتي من القمح قد تحقق، وأن نملأ الدنيا ضجيجا بالإنجاز الوطني الكبير، ثم نهلل لعزل وزير الزراعة الذي من المفترض أنه حقق لحكم الجماعة أول انجاز يستحق الفخر، ونصدق أن الاكتشافات البترولية تنهال حقلا وراء حقل، وأزمة السولار تنتهي بحسم، ثم نهلل لعزل وزير البترول الذي من المفترض أنه حقق إنجازا في وقت تتشبث به الجماعة بأي انجاز ينقذ تجربتها من حكم دامغ بالفشل. الحمد لله الذي عافانا أن نكون إخوانا، وأنعم علينا بنعمة العقل والتفكير، لنعرف الرجال بالحق ولا نعرف الحق بالرجال. المصدر: أصوات مصرية