"العالم يتغير.. أشعر بهذا في الماء، أشعر به في الأرض، أشمّ رائحته في الهواء.. ثمّة همسٍ خافتٍ يسري عبر غابات العالم أن الشرّ يتحضّر كي يعود!" (جي آر تولكين – ملحمة سيد الخواتم) يومًا ما، في بعض بقاع مصر الطاهرة، خرج شابٌ من بيته حاملاً روحه على كفه، لم يهتمّ بترتيبات عُرسِه بعد أسبوعين.. نزلت سيدةٌ من بيتها وفي قلبها أملٌ في غدٍ أفضل لابنتها التي تمسك بيدها، ولجنينها الذي تحمله في بطنها.. قطع رجلٌ مصريٌ رحلة كفاحِه وصناعة مستقبله في بلاد الغربة وقرّر العودة، لا لشئٍ إلا تلبية لنداء الوطن والمسئولية.. تراجع عاطلٌ عن قراره بالانتحار لما رأى بعينيه وطنًا يتحرّر يمكن أن يحيا لأجله.. أقبَل صبيٌ وكهلٌ وفتاةٌ وعجوزٌ على الموت بصدور رحبةٍ ووجوهٍ غاضبةٍ حالمةٍ متفائلة.. ارتقى منهم من ارتقى، وعادَ منهم مَن عاد. ربما أكون واحدًا من هؤلاء، وغالبًا أنت واحدٌ من هؤلاء، وتعرف كثيرين منهم، كما تعرفُ جيدًا ذلك الإحساس بالحسرة التي باتت تتهادى بين جنبات وجدانك، مرددةً أنشودتها الخانقة البائسة (يومًا ما كانت عندنا ثورة)!! في العام 1990م، استقبلت مكتبة أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية بحثًا قدّمه الباحث "أحمد عزّ الدين مصطفى" لنيل درجة الدكتوراة.. البحث كان تحت عنوان "في مواجهة التمرّد المدني"، والذي قدّم فيه خمس مراحل للتعامل مع الثورات الشعبية: التأييد، التهدئة، التبريد، التجميد، ثم عودة النظام. وذلك مع مراعاة مقدار من التداخل الانتقالي بين كل مرحلة والتالية لها يسهّل إنجاز المراحل الخمس بسلاسة ونجاح. وبالنظر إلى هذه المراحل فإن مرحلتي التهدئة والتجميد تمثلان المراحل الأكثر دقةً وخطورة؛ لأن كلاهما توجد له أكثر من عملية عكسية كفيلة بإفشال المخطط بأكمله.. التهدئة يمكن عكسها بالحراك والتصعيد، والتجميد يمكن عكسه بحالات تشبه عمليتي الانصهار والتسامي فيزيائيًا (الانصهار ينتقل بالكتلة الجامدة من الحالة الصلبة إلى السائلة، والتسامي ينتقل بالكتلة الجامدة من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية مباشرة)، ويعتمد هذا – في تقديري- في موضوعنا هذا على الكتلة الشعبية ومدى تأثيرها، ومقدار تراكم الطاقة المشحونة بها. قبل ثورة 25 يناير كان الشعب المصري في مرحلة تجميد تامّة.. وكانت أهمّ ملامح الشعب حينها: (غيبوبة الوعي وخاصة الوعي الثوري، الافتقاد إلى وجود قائد – حتى بعد ظهور البرادعي لم يثبت جدارته بالقيادة-، شيوع فكرة الجُبن لدى الشعب، والخوف الكامن في اللاوعي الجمعي للشعب أن أي تحرك لا يعجب أمريكا سيجابَه بمعاناة شديدة في سبيل تحقيقه، وأخيرًا تغوّل وتوحّش القوة البوليسية حيث كانت وزارة الداخلية قد وصلت ميزانيتها إلى 12 مليار جنيه، وارتفع عدد أفرادها إلى 750 ألف جندي تقريبًا منهم 500 ألف أمن مركزي).. وبسبب اتساع الكتلة الشعبية وقلة تأثيرها احتاجت قدرًا كبيرًا من الطاقة المتراكمة؛ لتنتقل من حالة التجميد بالانصهار أولاً عبر أحداث 25 يناير، لتتبعها عملية تبخّر وضغط نتج عنهما انفجار 28 يناير وما تلاه من أحداث في الثورة المباركة. وبدأ النظام في التعامل مع الثورة بمنطق المراحل الخمس التي ذكرناها، وذلك كما يلي: 1- التأييد: (فبراير ونصف مارس الأول تقريبا) 2011م إذ تمّت تنحية مبارك، وتولّى المجلس العسكري شئون البلاد، مع تأكيده على أنه ليس بديلاً عن الشرعية التي يرتضيها الشعب، ولم يصرّح قطّ بأنها "الشرعية الثورية"! وصاحب هذا نشوء هيئات أغلب أعضائها من منتفعي النظام البائد، أعلنت انضمامها للعمل الثوري، ك"لجنة الحكماء" و"المجلس الوطني المصري". وتضمنت عملية التأييد إلقاء القبض على بعض أكبر رءوس الفساد السياسي والاقتصادي في النظام البائد والتحقيق معهم ومنع بعضهم من السفر، والموافقة على تأسيس أحزاب جديدة، وكان آخر مظاهر هذا التأييد إلغاء مباحث أمن الدولة في 15 مارس. وبالرغم من أن هذه المرحلة شهدت جُمعات مليونية تجميعية حقيقية (الصمود 11/2، النصر 18/2، الخلاص والتطهير 25/2، الاستمرار 4/3، الوحدة الوطنية 18/3، الاستفتاء 18/3).. إلا أنها وتحت تأثير المدح والثناء المُغرِض والموجّه محليًا وعالميًا، وتحت الركون إلى تأثير "خلاص بقا، مصر بعد 25 غير مصر قبل 25"… كانت تتحرك في إطار "الإيتيكيت" (من البيت للميدان، ومن الميدان للبيت!) وهو ما مهّد للنظام جيدًا في الانتقال للمرحلة التالية. 2- التهدئة: (نصف مارس الثاني – إبريل) 2011م وتعتبر هذه المرحلة من أكثر المراحل دقة وحرجًا.. حيث كانت المظلّة هي خطاب المجلس العسكري القائم على حماية الشرعية، والإدارة بتدرّجية، بلا أي حزمٍ أو سرعة في إزاحة رءوس رءوس النظام السابق وأذرع الفساد في كافة القطاعات، وتعيين وزارة تسيير أعمال وليست وزارة ثورية. وبدأ رجال نظام في اجتماعاتهم وترتيب مخططاتهم عبر أندية روتاري وليونز وأنرويل (36 اجتماعًا مكثفًا في شهر مارس فقط)، كبديل للحزب الوطني الذي أُحرِق بعض مقاره، وراتفعت النداءات بحلّه. وترتّب على هذا أن بدأ يبرز خطاب "ثوار الحزب الوطني من الدخال" الذي يعيدون تقديم أنفسهم ككفاءات جيدة مستعدة لخدمة النظام الجديد، مع بثّ الإعلاميين والصُحفيين الموالين للنظام ونشرهم على عدة جبهات، وتجنيد وإنشاء قنوات فضائية وصحف خاصة من أجل إنجاح تنفيذ مرحلة "التهدئة". وصاحب ذلك إثارة حالة من عدم الأمن وعدم الاستقرار والمصادمات الطائفية المصنوعة بما يعني ارتباك التحرّك في اتجاه التغيير السياسي المنشود.. واستثمر رجال النظام عبر قواهم المتنوعة (الحزب الوطني قبل الحلّ، أندية روتاري وليونز وأنرويل بعد حلّ الوطني، المحافظون، رؤساء المؤسسات والقطاعات المفصلية "الجامعات- الإعلام- البنوك- النقابات") هذه الحالة – في مجموعها- في التلوّن والتحوّل والالتفاف وإعادة تنظيم الصفوف.. عبر عدة استراتيجيات كان أبرزها إنشاء أحزاب سياسية فلولية بامتياز، واختراق وتجنيد – والانضمام إلى- أحزاب أخرى قائمة بالفعل. وما كانت بعض الإجراءات الثورية التي تمّت خلال هذه المرحلة (حبس زكريا عزمي ومبارك ونجليه والعادلي، وحلّ الحزب الوطني) إلا ترسيخًا لحالة التهدئة، وضمانًا لعدم تعرضها لخلخةٍ قد تؤدي إلى تصعيدٍ ثوريٍ على الأرض يؤدي إلى إفشالها. 3- التبريد: (مايو – يونيو – يوليو – أغسطس) 2011م ربما تعجّل مبارك قليلاً عندما أرسل خطابه لقناة العربية لتذيعه في 10/4؛ منه إلى أن الثورة دخلت في مرحلة التبريد، كان عليه أن ينتظر حتى الشهر التالي، ولكن حتفَ الأحمق دائمًا يكون على يد نفسه! طالما أُنجِزت مرحلة التهدئة بدقّة ونجاح، فالتبريد الذي يليها يعتبر تحصيل حاصل.. وقد اعتمدت هذه المرحلة على عدة عوامل حاسمة، لا زلنا نعاني منها حتى الآن وسنظل، تمثّلت في: - الاحتجاج باحترام القانون كأساسٍ لتوجيه الاتهامات، أو للإبقاء على قيادات راهنة لم تتهم بعد. - الاحتجاج بالحكمة والخبرة المطلوبة لدى عواجيز قيادات المرحلة الانتقالية، والحجر على القوى الثورية الشابة الجديدة. - إعادة تشكيل (والتلاعب ب) مكوّنات شباب الثورة، والذي بدأ بالحوار الذي أجراه المجلس العسكري بمسرح الجلاء، مع شباب الثورة.. الذين كان أغلبهم – ويا للمصادفة(!!)- من الإخوان. - فصل الكتلة الشعبية عن القوى السياسية، وهو أخطر ما في الأمر، والعامل الحاسم في عملية "التبريد"، وثم ذلك عبر نقل مستوى الصراع إلى مستويين.. الأول: صراع بين القوى السياسية والمجلس العسكري متمثلاً في "وثيقة المبادئ فوق الدستورية". والثاني: صراع الاستقطاب العلماني الإسلامي الذي تمت تزكيته مع تنامي الاحتجاجات وأعمال البلطجة والفوضى.. ممّا أسهم في تشتيت تركيز الفعل الثوري، وتبريد الحالة الثورية لدى القوى العلمانية والإسلامية، وانصراف قطاعات واسعة من الجماهير تدريجيًا عن التحمّس للثورة والفعل الثوري. 4- التجميد (سبتمبر 2011م – فبراير 2012م) في سبتمبر 2011م، صدر قرار سرّي لرئيسة أندية إنرويل بالتعتيم الإعلامي التام على كافة اجتماعاتهم وتحركاتهم المقبلة.. وإن لم نتمكّن من التوصّل إلى فحوى هذه الاجتماعات والتحركات، إلا أن الدلائل كانت قائمة على أن أحداث هذه المرحلة (أحداث السفارة الإسرائيلية، أحداث ماسبيرو، أحداث محمد محمود، احداث مجلس الوزراء)، كانت – رغم تحفظنا على كثير من ملابساتها والجهات المحرّكة لها- الشرارات الأخيرة التي أعقبها انطفاء جذوة الثورة على الأرض. وهو ما يعني نجاح فعاليات مرحلة التجميد التي تخللتها الأحداث المذكورة، التي بدأت مع إجراء الانتخابات البرلمانية أواخر نوفمبر، ثم تشكيل المجلس الاستشاري من 30 عضوًا لا يُعرف عن أغلبهم انتماءً ثوريًا (تشكّل المجلس الاستشاري في 8 ديسمبر بعد خمس اجتماعات مكثّفة للروتاري في اليوم السابق مباشرة)، ثم استمرار الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية كأحد تجليات مرحلة "تجميد الثورة"، التي بدأت في التداخل مع مرحلة "عودة النظام" إذ شهدت محاولات محمومة متسعة النطاق لإعادة كثير من وجوه النظام إلى الحياة السياسية عبر بوابة هذه الانتخابات، وبكافة الوسائل المتاحة. 5- عودة النظام: (مارس 2012م – حتى الآن) بدأت عودة رجال النظام إلى الحياة السياسية وبزوغ مجهوداتهم على السطح والمجاهرة بها، مع بدء التحضير للانتخابات الرئاسية.. وربما يفضّل البعض هنا أن يذكر استبعاد بعض المرشحين بعينهم من سباق الرئاسة، كأحد تجليات وإرهاصات عودة النظام. ولكن ما حدث خلال هذه المرحلة يؤكد نجاح النظام في الوصول إلى أعتاب هذه المرحلة، وتمثّلت أمارات هذا النجاح في الأحكام على مبارك ونجليه والعادلي ومساعديه في قضايا قتل المتظاهرين، ثم دفع الفريق "شفيق" لخوض الانتخابات الرئاسية دفعًا تمت رعايته تحت أعين رجال النظام وتمويلهم، ثم حصول "شفيق" على هذه النسبة المرتفعة الصادمة في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.. ثم ما تلا ذلك من التخطيط الموسّع (بين رجال أعمال كبار وإعلاميين وسياسيين) لإسقاط الرئيس المنتخب "محمد مرسي" خلال مدة أقصاها (من 6 شهور إلى عام)، وشهدنا بعدها عمليات تشويه منظّمة لكثير من القوى الوطنية، تلتها وقائع التعدّي على رئيس الوزراء وبعض الوجوه الثورية في جنازة شهداء "حادثة رفح"، والترتيب والدعوة إلى وانطلاق مظاهرات 24 أغسطس، وتصعيد تطورات أحداث السفارة الأمريكية احتجاجًا على الفيلم المسئ، وصولاً إلى الحكم في قضية موقعة الجمل وحادثة النائب العام الأخيرة وملابساتها المرتبكة التي انتهت إلى إظهار الرئيس ومؤسسته في موقف ضعف.. في مقابل موقف انتصار من رجال النظام ووجوهه، وانتهاءً إلى ما أعلنه النائب السابق عصام سلطان عن كشف مخطط لإعادة مبارك للحكم يقوده مرشحو رئاسة يجتمعون بالمخلوع بمحبسه، والمخطط له نسخة أخرى احتياطية في حالة فشل النسخة الأولى(!!)، وما صرّح به بعض أعضاء الوطني المنحلّ (محمد بلتاجي وحيدر بغدادي) لليوم السابع عن محاولات قانونية وسياسية لإعادة الحزب الوطني للحياة السياسية مرة أخرى، أو إعادة رجاله الكبار ووجوهه الفاعلة للحياة السياسية مرة أخرى – على أقل تقدير- بعد ثبوت براءتهم (!!) هكذا بكلّ صفاقة وبجاحة، ناهيكَ عن انكشاف الوجوه على حقيقتها وسقوط الأقنعة عمّن ركبوا قطار الثورة في مرحلة "التأييد"، ليعودوا إلى قواعدهم الأولى في هذه المرحلة، مرحلة "عودة النظام". عزيزي القارئ.. أما وقد وصلنا – بكل خزيٍ وأسف- إلى مرحلة "عودة النظام"، وبعد أن ارتحلتُ بك عبر هذا العرض المكثّف الموجَز رغم طوله، فإنه يسعدني أن أذكّرك وأذكّر كافة من يهمّه الأمر: أن القيمة الحقيقية للسيناريو السينمائي تبرز عند تلك النقطة التي يصل فيها البطل إلى الاختيار المصيري بين "الكل" أو "لاشئ"! بين "الحياة" و"الموت"! النظام يعود، ولن نخدع أنفسنا أكثر من ذلك ونقول إنه لن يعود.. كلا، فالحقيقة أن كثيرين يرتّبون جيدًا لعودته، وآخرين يترقّبون هذه العودة المشئومة.. بعد أن وصلوا بنا إلى مرحلة "التجمّد" وعبروها بنجاح، تاركينا وراءهم في حالة تشبه كثيرًا الحالة التي كنّا عليها قبل الثورة.. وهو ما يقتضي منّا بشكل حتميٍ ومصيريٍ هدم "مرحلة التجميد" عبر عملية عكسية حاسمة؛ والتي إن تمّت فعليًا فسيهوي النظام البائد – بهدمها- إلى قرارٍ سحيق. ولعكس "مرحلة التجميد" نحن أمام خيارين، كلاهما ثوريّ: الأول: بطئ، يشبه عملية الانصهار، يرتبط بالكتلة الشعبية الضخمة التي لا زالت تحتاج إلى عددٍ – ربما هو قليلٌ- من الحوادث لتصل إلى مرحلة الشحن المطلوب، لتنصهر وتتحرك في اتجاه الفعل الثوري، الذي يقضي على مجهودات رجال النظام، ويدفع ويحفز ويجبر القيادة السياسية القائمة على اتخاذ إجراءات ثورية حقيقية إزاء هذه الترتيبات التصاعدية الخطيرة لإتمام عودة النظام. الثاني: سريع وفوري وحاسم، يشبه عملية التسامي (التي تنقلنا مباشرة من حالة التجمّد إلى حالة التحليق الغازي)، يرتبط بالرئيس مرسي وفريقه الرئاسي وحكومة قنديل، فهم يمثلون تركيبة "كثيفة الكتلة قليلة الحجم قوية التأثير".. وهذا هو الخيار الوحيد والأمثل في أزمتنا القائمة الآن، وهو ما يحتّم على هذه التركيبة اتخاذ اجراءات ثورية حقيقية، والاعتراف بالخطأ والعمل على تداركه وإصلاحه سريعًا. فالاستراتيجية التي اعتمدها الرئيس مرسي وجماعة الإخوان في التعامل مع النظام البائد المتغلغل عبر مفاصل الدولة ونظامها الإداري، كانت استراتيجية (خدني جنبك)، وهو سلوكٌ يكشف حجم الأنانية وضيق الأفق الإبداعي وضعف الثقة الثوريّة، في حين أن الإجراء الطبيعي بعد ثورةٍ كهذه هو (قوم اِمشي اِرحل، وأنا هاقعد مكانك). أي نعم نَحت الثورة منحىً إصلاحيًا جزئيًا – وليس هدميًا شاملاً- إلا أن هذا لا يعني أن نعود إلى نقطة الصفر من جديد، أو أن تبحث القيادة السياسية عن المصالحة – بدلاً من المحاسبة والمصادرة-، أو أن تعتمد المواءمة – بدلاً من الإقصاء- مع الفاسدين ورجال النظام الذي ثار الشعب عليه. وليس معنى أن تكون "رئيسًا لكل المصريين" أن يأخذ رجال النظام الفاسد مساحةً على قدم المساواة – وربما أوفر حظًا من غيرهم من الوطنيين والثوريين- في قيادة مؤسسات الدولة ومفاصلها. آن الأوان، ولا يصحّ التأخّر عن هذا ثانيةً واحدةً ولا مناصَ ولا مفرّ، أن تنتفض مؤسسة الرئاسة وحكومة قنديل، وتتحركان حراكًا ثوريًا فاعلاً في الشأن الداخلي.. وهذا ما يقتضيه الإصلاح حقيقةً، وليست هذه عجلةً أو تسرّعًا، بل هو عين الحكمة والمسئولية.. ما دامت المخاطر تطلّ برأسها هكذا. أعلمُ يقينًا، واطّلعتُ على ما سأذكره، أن فريق الرئاسة معه استراتيجيات شاملة وبسيناريوهات متعددة وناجزة، لمواجهة الفساد – وإصلاح الأوضاع جذريًا- في مؤسسات القضاء والإعلام والنظام الإداري للدولة والمحليات، وفي المجتمع الأهلي أيضًا.. فلماذا التباطؤ؟! سيادة الرئيس.. أخشى أنه لا عُذر لكَ في التباطؤ ما دام تحت يدك فريقٌ رئاسيٌ من الصفوة، وما دامت معك كل هذه الصلاحيات، وما دُمتَ ترى الخطر، وبين يديك ما تواجهه به، ومن ورائك أحلام شعب ودموعٌ.. ودماء !! سيادة الرئيس.. حتى نذكرك ويذكرك أبناؤنا وأحفادُنا بما يليق.. "إلحق نفسك، وإلحق بلدك وشعبك"! وإياكَ أن تقتربَ بنا أكثر، من حافة الهاوية! فارس الصغير 15 / 10 / 2012م