تعد الجلطات الدماغية السبب الثالث للوفاة في العالم، بعد جلطات القلب ومرض السرطان، والسبب الأول للإعاقة المستديمة في العالم. شهد العالم في القرن الماضي وبداية القرن الحالي زيادة مضطردة في عدد نوبات الجلطات الدماغية ككل وفي دول العالم الثالث بالتحديد، خصوصاً بعد تغير نمط الحياة في كثير من المجتمعات الى النمط الغربي. تحظى الجلطات الدماغية بقدر كبير من الإهتمام، سواء من الناحية الطبية أو من الناحية الإجتماعية، لما لها من تأثير على صحة الشخص المصاب وعلى أقاربه، ولأن تأثيرها يكون دائماً مفاجئاً وعنيفاً . تنشأ السكتة الدماغية، إما نتيجة لإنسداد الشرايين الدماغية أو حدوث نزف في مكان ما من الدماغ، وهناك نوع أخر من أمراض الشرايين الدماغية أكثر إنتشاراً ولا يعرف عنه الناس الا القليل، ولا يشعر به المريض ويتسلل تدريجياً الى أنسجة الدماغ ويحدث تلفاً كبيراً، ولكنه بطيء الظهور. عادة يتم إكتشاف هذا النوع من الإصابة بعد تصوير الدماغ بالرنان المغناطيسي أو الطبقي المحوري، أو بعد فحص أنسجة الدماغ مخبرياً بعد الوفاة أو عند أخذ عينة من الدماغ لأسباب أخرى. ولأن هذا النوع من الجلطات لا يظهر بشكل جلي، سمي بالجلطات الدماغية الساكتة أوالصامتة، وهو عبارة عن تراكم لجلطات صغيرة في الدماغ تؤدي في النهاية الى تدهور القدرة العقلية للمصاب وتعرضة للخرف البطيء، وتساهم في ظهور وتطور وزيادة تأثير مرض الزهايمر، كما تؤثر على قدرة الشخص المصاب على الحركة والمشي والتحكم في البول. ويؤدي هذا الوضع الى زيادة الإمكانية بالجلطات الكبيرة بمعدل مرتين الى أربعة مرات عن الوضع العادي . أظهرت الدراسات الطبية أن نسبة 8 – 28 % من البالغين معرضون لهذا النوع من الإصابة، وأن النسبة تزيد مع تقدم العمر، وهي أكثر إنتشاراً بمعدل خمس مرات عن الجلطات الكبيرة وخصوصاً بعد عمر الستين . عوامل الخطورة (Risk Factors ) التي تؤدي الى حدوث الجلطات الدماغية الكبيرة هي ذاتها التي تؤدي الى حدوث الجلطات الصامتة او الكامنة، وهي في معظمها - وليست كلها - قابلة للسيطرة عليها ومنعها الى حد كبير، ومن ضمنها إرتفاع ضغط الدم والسكر والسمنة والتدخين وغيرها من العوامل المعروفة و التي يمكن بإستعمال الادوية المناسبة بالشكل الصحيح وتغيير نمط الحياة السيطرة عليها وتقليل مخاطرها. إن زيادة الوعي المجتمعي بإهمية هذه الحالة وضرورة الفحص الطبي الدوري وإتقاء العوامل المؤدية الى الجلطات الدماغية سوف يؤدي بالضرورة الى تقليل نسبة الإصابة بها، وبالتالي إعطاء الإنسان العادي فرصة لحياة صحية أفضل.