حينما يضع أحدنا لقمة من الطعام في فمه أو يتناول كأساً من الماء ليشربه، فإنه غالباً لا يُفكر في عملية البلع، بل تجري لديه العملية تلقائياً. ولكن بالنسبة للبعض ممن يُواجهون صعوبات في البلع، تُمثل عملية الأكل أو الشرب تحدياً عليهم التغلب عليه في كل مرة. والبلع عملية معقدة، والعنوان الأبرز لنجاح بلع لقمة من الطعام أو جُرعة من الماء هو التناغم في ما بين التنسيق والسيطرة للجهاز العصبي من جهة وبين الاستجابة والعمل لعشرات من العضلات في الفم والبلعوم والمريء. وتتطلب السيطرة من المراكز العصبية العليا في الدماغ، والمراكز العصبية المحلية، من النوع اللاإرادي، في مسرح العمليات، العملَ سوياً لاستشعار وجود ما يجب بلعه، ولتوجيه عشرات العضلات على البدء في العمل بتناغم لتنسيق أداء عمليات مقطعية متعاقبة من الانقباض والانبساط، كي يتم دفع الكتلة من الفم إلى الحلق، ثم دفع الكتلة على طول المريء، وصولاً إلى المعدة. وبالمراجعة، تتم عملية البلع وفق المراحل التالية: مرحلة التهيئة والدفع من الفم: ويتم فيها مضغ قطع الطعام ومزجها بسائل اللعاب، وجعل بنيتها وحجمها مناسبة للمرور عبر البلعوم pharynx والمريء esophagus، ثم يتم دفع اللقمة إلى مؤخرة اللسان. وهنا تبدأ مستقبلات عصبية موجودة في البلعوم بالإحساس أن ثمة لقمة من الطعام قد دفعها اللسان إلى خلفية الفم بغية بلعها. وترسل هذه المستقبلات العصبية رسائل لمناطق عدة في الدماغ بوصف ما هو حاصل من أخبار في الفم والبلعوم. وتأتي التوجيهات من مناطق الدماغ المختلفة عبر العصب الدماغي الخامس والسابع والثاني عشر كي تقوم عدة عضلات في الفم بقفل أعلى الحلق، لمنع دخول اللقمة إلى خلفية الأنف، وبتيسير دفع اللقمة عميقاً إلى جزء الفم من البلعوم. مرحلة البلعوم: وتتم في هذه المرحلة عدة خطوات: اتساع البلعوم لاستيعاب لقمة الطعام القادمة، ومن ثم دفعها إلى مدخل المريء بحجم أصغر قفل المجرى الذي يُؤدي إلى الحنجرة والحبال الصوتية والقصبة الهوائية كي لا تدخل اللقمة أو أجزاء منها إلى الجهاز التنفسي توقف التنفس لبرهة يسيرة خلال مرور لقمة الطعام في تلك المنطقة الحساسة وتتم هذه العمليات الثلاث وفق رسائل عصبية واضحة، يحملها العصب الدماغي الخامس والعاشر والحادي عشر والثاني عشر إلى مجموعات من العضلات الصغيرة في منطقة البلعوم والتراكيب المتصلة به كي تقوم بالمهام الثلاث في تناسق وتناغم. مرحلة المريء: تبدأ العضلة العاصرة العلوية لبداية المريء بالارتخاء كي يُسمح للقمة الطعام بدخول المريء. ثم تبدأ مرحلة من تتابع الحركات الدودية peristalsis ذات التناوب ما بين ارتخاء مقطع وانقباض آخرعلى طول المريء، والذي بمحصلته النهائية تمر كتلة الطعام بسهولة حينما ترتخي أولاً حلقة عضلية لتستقبل كتلة اللقمة، ثم تنقبض تلك الحلقة بمجرد ارتخاء الحلقة العضلية التي تحتها، وهكذا دواليك إلى حين وصول اللقمة إلى أسفل المريء، حيث ترتخي العضلة العاصرة هناك لتصل كتلة الطعام إلى فوهة المعدة وتدخل إلى تجويفها.