جامعة بنها ضمن أفضل 10 جامعات على مستوى مصر بتصنيف كيواس للتنمية المستدامة    وزير التعليم العالي يبحث سبل تعزيز التعاون مع السفير السعودي بالقاهرة    أسعار النفط تهبط بعد تقرير ارتفاع مخزونات الخام والوقود في أميركا    19 نوفمبر 2025.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    رئيس الجمارك: وزير المالية يسعى لتخفيف الأعباء عن المستثمرين لتيسير حركة التجارة    التضخم في بريطانيا يتراجع لأول مرة منذ 7 أشهر    تداول 97 ألف طن و854 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    منال عوض تترأس الاجتماع ال23 لمجلس إدارة صندوق حماية البيئة    ما هي مبادرة الرواد الرقميون وشروط الالتحاق بها؟    "الأونروا" تؤكد استعدادها لإدخال مساعدات لغزة وتحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية    حريق هائل يلتهم أكثر من 170 مبنى جنوب غرب اليابان وإجلاء 180 شخصا    رئيس القابضة لمصر للطيران في زيارة تفقدية لطائرة Boeing 777X    برشلونة يعود رسميا لملعب كامب نو في دوري أبطال أوروبا    ضبط 5.4 طن دجاج وشاورما غير صالحة في حملة تموينية بأجا بالدقهلية    أخبار الطقس في الإمارات.. ارتفاع نسب الرطوبة ورياح مثيرة للأتربة    الحبس 15 يوما لربة منزل على ذمة التحقيق فى قتلها زوجها بالإسكندرية    6 مطالب برلمانية لحماية الآثار المصرية ومنع محاولات سرقتها    معرض «رمسيس وذهب الفراعنة».. فخر المصريين في طوكيو    مهرجان مراكش السينمائى يكشف عن أعضاء لجنة تحكيم الدورة ال 22    وفد من المجلس العربي للاختصاصات الصحية يزور قصر العيني لاعتماد برنامج النساء والتوليد    جيمس يشارك لأول مرة هذا الموسم ويقود ليكرز للفوز أمام جاز    اليوم.. أنظار إفريقيا تتجه إلى الرباط لمتابعة حفل جوائز "كاف 2025"    موعد مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدوري أبطال أفريقيا.. والقنوات الناقلة    تنمية متكاملة للشباب    إطلاق أول برنامج دولي معتمد لتأهيل مسؤولي التسويق العقاري في مصر    وزير الري يؤكد استعداد مصر للتعاون مع فرنسا في تحلية المياه لأغراض الزراعة    ندوات تدريبية لتصحيح المفاهيم وحل المشكلات السلوكية للطلاب بمدارس سيناء    الإسكندرية تترقب باقي نوة المكنسة بدءا من 22 نوفمبر.. والشبورة تغلق الطريق الصحراوي    مصرع 3 شباب فى حادث تصادم بالشرقية    أبناء القبائل: دعم كامل لقواتنا المسلحة    زيلينسكي: الهجوم الروسي أدى لمقتل 9 أشخاص    بولندا تستأنف عملياتها في مطارين شرق البلاد    هنا الزاهد توجه رسالة دعم لصديقها الفنان تامر حسني    «اليعسوب» يعرض لأول مرة في الشرق الأوسط ضمن مهرجان القاهرة السينمائي.. اليوم    رحلة اكتشاف حكماء «ريش»    بعد غد.. انطلاق تصويت المصريين بالخارج في المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    الصحة: «ماربورج» ينتقل عبر خفافيش الفاكهة.. ومصر خالية تماما من الفيروس    صحة البحر الأحمر تنظم قافلة طبية مجانية شاملة بقرية النصر بسفاجا لمدة يومين    المنتخبات المتأهلة إلى كأس العالم 2026 بعد صعود ثلاثي أمريكا الشمالية    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    أسعار الفاكهة اليوم الاربعاء 19-11-2025 في قنا    بعد انسحاب "قنديل" بالثالثة.. انسحاب "مهدي" من السباق الانتخابي في قوص بقنا    الضفة.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 100 فلسطيني شمالي الخليل    شهر جمادي الثاني وسر تسميته بهذا الاسم.. تعرف عليه    زيلينسكي يزور تركيا لإحياء مساعي السلام في أوكرانيا    بحضور ماسك ورونالدو، ترامب يقيم عشاء رسميا لولي العهد السعودي (فيديو)    زيورخ السويسري يكشف حقيقة المفاوضات مع محمد السيد    انقلاب جرار صيانة في محطة التوفيقية بالبحيرة.. وتوقف حركة القطارات    ما هي أكثر الأمراض النفسية انتشارًا بين الأطفال في مصر؟.. التفاصيل الكاملة عن الاضطرابات النفسية داخل مستشفيات الصحة النفسية    النائب العام يؤكد قدرة مؤسسات الدولة على تحويل الأصول الراكدة لقيمة اقتصادية فاعلة.. فيديو    أبرزهم أحمد مجدي ومريم الخشت.. نجوم الفن يتألقون في العرض العالمي لفيلم «بنات الباشا»    حبس المتهمين في واقعة إصابة طبيب بطلق ناري في قنا    آسر نجل الراحل محمد صبري: أعشق الزمالك.. وأتمنى أن أرى شقيقتي رولا أفضل مذيعة    دينا محمد صبري: كنت أريد لعب كرة القدم منذ صغري.. وكان حلم والدي أن أكون مهندسة    مشروبات طبيعية تساعد على النوم العميق للأطفال    داعية: حديث "اغتنم خمسًا قبل خمس" رسالة ربانية لإدارة العمر والوقت(فيديو)    هل يجوز أداء العشاء قبل الفجر لمن ينام مبكرًا؟.. أمين الفتوى يجيب    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 18نوفمبر 2025 فى المنيا....اعرف صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جرعات تحصين ضد التدخين
نشر في البداية الجديدة يوم 27 - 07 - 2013

لقد انتهى الأمر، واعتبر التدخين من أشكال الاضطهاد والإيذاء المنتشرة في المجتمعات اضطهاد الذات واضطهاد الغير (أو الإساءة لهم)، إذ وجد أنه يقتل الناس أكثر من حوادث السيارات بسبع مرات، وأنه سبب في عام واحد في الولايات المتحدة الأمريكية عدداً من الوفيات فاقت خسائر القوات الأمريكية في الحروب العالمية الأولى والثانية وحرب فيتنام مجتمعة.
. تدخين الأجنة.
يتعرض الإنسان لهذا الإيذاء منذ لحظة الخلق الأولى التي تنغرس خلالها البيضة الملحفة في رحم الأم بإذن بارئها.
الأم الحامل المدخنة بنفسها، أو باستنشاق مخلفات تدخين زوجها، تقدم لجنينها نسبة أقل من الأكسجين (سيجارة واحدة تنقص الأكسجين المناخ له بمقدار الثلث) ونسبة أعلى من أكسيد الكربون ( وهو كما نعلم غاز قاتل ينتج عن الاحتراق الناقص، وهو الغاز الذي تنفثه عوادم السيارات، وأهم أسباب الوفاة في المرائب المقفلة).
وهذه النسبة تؤثر على نموه، وتطوره وعى جاهزية أعضائه كالقلب والغدة الدرقية، والجهاز المناعي ممثلاً بالفلوبولينات المناعية.
إنها تدخن لاثنين، ثانيهما لا يملك الاعتراض، ولا أن يرفع بدء ملوحاً ليبعد سحب الدخان التي تكاد تخنقه.
ولا زلنا نشعر أن نسبة التدخين بين النساء في مجتمعاتنا ليست كثيرة جداً ولكن خطورة ارتفاعها قائمة، ونسبتها الحقيقية غير معروفة– تدخين المرأة الشرقية (غالباً وليس دائماً) ليس مقبولاً عرفاً، فيتم إخفاء هذا الأمر– وفي الدول الأخرى، نصف النساء الشابات تقريباً مدخنات، وهم نظراً للحقائق الإحصائية التي بين أيديهم صاروا يعلمون أنه إذا اختفى التدخين من الولايات المتحدة مثلاً، فإن نسبة 19% من حالات انفصال الشيمة (القاتلة للجنين غالباً) ستزول، وستنقص نسبة المواليد ناقصي وزن الولادة (أقل من 2,5كغ) بمقدار 22% وكذلك ستنقص وفيات الأطفال المفاجئة يعد الولادة (وفيات المهد) وعموماً ستنقص وفيات جميع الأطفال بين شهر وخمس سنوات بنسبة 41% وهي نسبة كبيرة حقاً، تستحق الجهد المبذول في علاج الأمهات المدخنات.
هل هناك علاج؟ ........نعم.---وهل التدخين مرض ..؟
أجل.. فمنذ أواخر السبعينات صنف التدخين على أنه مرض يسري عليه ما يسري على غيره من أمراض.. وقد ثبت أنه مرض صعب العلاج، وأن الوقاية منه تكتسب أهمية خاصة (وسنفصل هذا لاحقاً).
وقد تبين في عيادات معالجة التدخين، أن لأمهات الحوامل أسرع استجابة، فهن يقلعن عن التدخين مدفوعات بعاطفة الأمومة خلال فترة الحمل وقد تمت الاستفادة من سلوكهن هذا والعوامل الفيزيولوجية المرافقة له في الدراسات التي تناولت علاج مرضى التدخين.
ومما يثير الانزعاج وجود نسبة نكس عالية جداً لديهن، وقد وجدت الدراسات المختلفة أن سبب هذا هو أنهن أبرمن عقداً مع الطبيب على ترك التدخين خلال الحمل فقط!! وهؤلاء يجب أن تصحح معلوماتهن حول استمرار خطر التدخين على طفلهن بعد الولادة. وتدخين الرضيع:
بناء على ما سبق يجب التدخل مباشرة بعد الولادة حتى لو عادت الأم لتدخن، فهي قد حققت مهارة لا يستهان بها إذ انقطعت تسعة أشهر عن التدخين، مهارة لازالت غضة في ذهنها، تماماً كما أن رضيعها لازال غضاً رقيقاً..
ومعرضاً للوفاة المفاجئة، ونوبات الصراخ والبكاء غير المعللة والإنتانات التنفسية، وأمراض التحسس المختلفة، والحرمان من الإرضاع الطبيعي (حيث ينقص التبغ إفراز الحليب),والدخول المتكرر للمستشفى.... وغيره وغيره من الأضرار التي دعت الحكومة البريطانية على سبيل المثال لسن قانون يقضي بمنع المدخنين من تبني الأطفال، والتي ستدعو كل أم أن تراجع نفسها وتستمر بالامتناع عن التدخين بعد الولادة، ليس خوفاً من قانون أقسى يحرمها من رعاية طفلها، بل خوفاً على طفلها... فلذة كبدها...
. التدخين الفاعل عند الأطفال:
ولكن.. هل سن القوانين يكفي لحماية الأطفال من التدخين...؟ كالقانون الذي ذكرناه في بريطانيا، وغيره من القوانين التي انتشرت في كل الدول الأخرى مثل فرنسا والولايات المتحدة وإسبانيا ودول عربية من بينها بلدنا الحبيب سوريا.
(ضحايا أميركا من التدخين أكثر من ضحاياها من الحربين العالميتين وفيتنام )
إن سن القوانين يفيد.. ولكن قناعة المجتمع, ووازعه الداخلي أفيد حتماً.. وإليكم هذا المثل من الولايات المتحدة الأميركية:
حيث تم إقرار قانون يحظر بيع التبغ للأفراد دون (18) سنة من العمر في بعض الولايات.. وهذا حسن, والأقل حسناً منه ما وجدته دراسة(دي فرانزا) وآخرون, فلقد أرسل هؤلاء الدارسون فتاة عمرها أحد عشر عاماً إلى مائة محل لمحاولة شراء لفائف التبغ... وقد نجحت في خمس وسبعون منها .. فقط وبالرشوة غالباً...
إذن.. فلنبدأ بالاعتماد على أنفسنا في وقاية أطفالنا ضد التدخين...
أولاً- لماذا هو أمر مهم:
هل جربتم, أخي الأب وأختي الأم, هل جربتم تحصين طفلكم بإعطائه جرعات التطعيم ضد التدخين كما تفعلون إذ تحملونه منذ أيامه الأولى إلى الطبيب ليطعمه ضد السل وشلل الأطفال والتهاب الكبد و...إلخ وتكررون هذا مرات ومرات....
ومع الأسف, ليس التحصين ضد التدخين سهلاً كسهولة إعطاء الحقنة, ولكنه أمر يستحق بذل كل جهد لأنه ثبت بالدراسات العلمية الإحصائية ما يلي:
1- أن التدخين مرض سلوكي واجتماعي, قد تستشري عدواه وينتشر (والبعض يعتبره وباء).
وهو يؤدي إلى أمراض كثيرة ووفياته متزايدة.
وأنه ما إن يشخص, فإن المعالجة تصبح صعبة, لذا وجب الاهتمام بالوقاية.
وأنه قلما يصيب الإنسان بعد سن الرشد, فقلة من الناس يبدؤون بالتدخين بعد هذا السن.
وأخيراً.... ومع الأسف... ثبت أن التدخين في المراهقة المبكرة هو مدخل للسلوك المنحرف في المراهقة المتأخرة مثل الإدمان على الخمر وممارسة الجنس المبكر.... (فالأفراد الذين جربوا المخدرات وأدمنوا الخمر بعمر 18 سنة, كانوا غالباً قد خبروا تدخين التبغ بعمر 12 سنة ..).
ثانياً- جرعات التحصين ضد التدخين:
. الجرعة الأولى:
إن الطفل الذي ينمو في بيت يعتبر فيه التدخين سلوكاً عادياً يمارسه الأب أو الأم أو الضيوف.. بعضهم أو كلهم, هذا الطفل سيتقبل التدخين بالقدوة والاقتباس على أنه أمر غير مستنكر... بل وربما مستحب مثل الأكل والشرب.... وأنه ما إن يصبح قادراً على القيام بهذا العمل, فسوف يسمح له بالقيام به مثل إلقاء الكرة بحذق, أو مساعدة الأم في ترتيب المنزل, أو اللهو مع الأب وتقليده... وينتقل الطفل من المراقبة في السنوات الثلاث الأولى إلى التنفيذ في الرابعة والخامسة, فيضحك له البعض... ويعبس في وجهه البعض الآخر, ويُضرب إن فعلها في السادسة أو السابعة وقلد المدخنين.
وفي كل الأحوال ترى مؤسسات السرطان ومكافحة التدخين أن خط الدفاع الأول الممثل بالأهل فاشل تماماً إن كان الأمر كذلك, فدورهم الحقيقي يبدأ منذ لحظات الوعي الأول للطفل... ولكنهم عادة يبدؤون متأخرين جداً.. وبطريقة خاطئة يكذبها سلوكهم الذي كان القدوة لطفلهم على الدوام, فلا تنسوا أيها الأهل أنكم من سيزرع في الطفل كره التدخين ما إن يصبح قادراً على أن يحب....ويكره
. الجرعة الثانية:
في مرحلة المدرسة الابتدائية, (وقبلها في الصفوف التحضيرية) يبرز دور المعلمين والمعلمات وطبيب الأسرة وطبيب الأطفال.. وكذلك وسائل الإعلام الموجهة للطفل.. وهذا طبعاً مع استمرار دور الأهل..وهذه الجرعة أقوى في الظاهر من سابقتها, ولكنها ليست أشد مفعولاً.
1- يتم تبصير الطفل ببشاعة التدخين.. ويجب رسم الصورة القبيحة للمدخن وحالته الصحية.. فلقد كشفت الدراسات أن معظم الأطفال والمراهقين يبدؤون التدخين وهم لا يعرفون آثاره الخبيثة مثل السرطان الرئة، وسرطان المثانة, والتهاب القصبات المزمنة, وانتفاخ الرئة وفشلها في متابعة التنفس مما سيؤدي للقصور التنفسي والوفاة.
2- وتكون الخطوة التالية هي تبيان خطورة الإدمان.. لقد وجدت الاستبيانات الإحصائية أن الأطفال عندما يجربون التدخين لا يعرفون أن هذه العادة سوف تصبح ممسكة بخناقهم ..
والتدخل هنا ضروري لتأخير الخبرة الأولى بتجريب السيجارة أملا في منعها.. ولقد ثبت علمياً أن جميع من جربوا التدخين لا يرغبون في أن يصبحوا مدخنين باستمرار.
وأهمية هذا الجزء من الجرعة الثانية للتحصين أن نفهم الأطفال أن عدم البدء بالتدخين أساسا هو الطريقة الوحيدة لعدم الوقوع في إسار الإدمان.
3- بعد أن قلنا للطفل: هذا هو التدخين، وهذه مضاره، وخير طريقة كيلا تدمنه هي أن لا تعبأ به، ننتقل للخطوة الثالثة والمهمة وهي (أنك لن تترك وشأنك أيها الطفل المسكين..)
وحسب درجة نضج الطفل ووعيه، نبدأ بمشاركته في الاطلاع على وسائل الخداع المختلفة للدعاية للتدخين، وبيان كم هي ضيئلة المعلومات المكتوبة حول ضرر التدخين (فقط تحذير قصير بخط صغير جدا) مقابل الإعلانات الضخة الداعية له..
وكم هي كاذبة إعلانات المتعة به التي تدعي أنه مفتاح الحرية والمدخل إلى الرجولة والاستقلال، والدليل على الجاذبية.. وما إلى ذلك..
وهذه الخطوة حساسة جداً ودقيقة.. إذ يجب القيام بها مع الحفاظ على توازن الطفل وثقته بمن حوله، وكلما كان الطفل أكبر سناً وأنضج إدراكاً كلما عرضنا عليه حقائق أكثر عن شركات التدخين، وصراعاتها في المحاكم في قضايا عائلات فقدت أشخاصاً أعزاء بسبب التدخين..
ولنحدث الأطفال عن الأحابيل التي نصبت لهم في هذا العمر ومابعده عن طريق الدورات الرياضية التي تقيمها تلك الشركات (مثل سباق ونستون للسيارات، ومالبورو للتزلج، وتركز تلك الشركات على نجوم الرياضة لتشوش ذهن الطفل والمراهق، فتربط التدخين بالصحة والنجاح بدل السرطان والمرض).
ويجب أن نوضح للطفل المراهق التناقض الصارخ بين الرياضة والتدخين علمياً وعملياً؛ بعرض نماذج واقعية وإحصائية حسب وعي الطفل، فالشركات التي تدفع المبالغ الضخمة لتلك الدورات، وتعرض إعلاناتها عن التدخين أمام صور اللاعبين المفضلين من قبل المراهقين كنماذج بشرية رائعة، هي نفسها الشركات التي تقتل بمنتجاتها ما يقرب من ألف شخص يومياً في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً.
4- وأخيراً.. لا ننسى ونحن نقدم أشواط الجرعة الثانية من التحصين ضد التدخين أن نبقى قدوة للطفل ومثالا يحتذى.
. الجرعة الثالثة: (سن المراهقة)
لاحظ الدارسون أن الانتقال من المدرسة الابتدائية للإعدادية (المتوسطة) هو الوقت الذي تقفز فيه نسب البدء بالتدخين..
وهذا يعكس إهمال التحصين بالجرعة الأولى والثانية.. هنا يصبح الوقت متأخراً جداً.. ولكن الوضع غير ميئوس منه.
وقد وجد أن الذروة تقع بين 12- 16 سنة ثم تبدأ بالهبوط بعد ذلك.. ويخضع المراهقون بسبب طبيعة تكوينهم النفسي بحساسية أكبر لما أشرنا له سابقاً من القدوة الوالدية والبيئة المنزلية، ووسائل الإعلام ويضاف لذلك ضغط الأقران في المدرسة والشارع، والعوامل الشخصية الفردية التي ترتبط بالعامل الأول (سنوات التربية الأولى التي ترسم شخصية المرء).
هنا يجب إتباع جميع الوسائل التي ذكرناها في الجرعة الثانية ولكن بقوة أكبر مع بعض الإضافات المباشرة، وهذه الجرعة يسميها الباحثون: الحقنة الاجتماعية، ويربطها مع ما سبق، فأنا أشبهها بالحقنة الداعمة أو المنشطة التي تعزز الجرعتين الأولى والثانية، وتساعد المراهق على إفراز الأجسام الضدية التي سيواجه بها العناصر السابقة، والهدف هو منع البدء بالتدخين.. ولاغرو أنه يصبح أصعب مساعدة المراهق على الإقلاع عن التدخين إذا كان قد بدأ فعلاً.
والدور الأكبر في هذه الجرعة يقع على عاتق الطبيب، يجب أن نوضح الآثار المباشرة السيئة للتبغ والتي تضاد صورة الحيوية والنضوج التي يدخن المراهق لتحقيقها، مثل التنفس السيء، والرائحة الكريهة، وتصبغ الأصابع والأسنان وهي صورة مقرفة ليس فيها أي حيوية أو بهجة..
من جهة أخرى هناك أجهزة خاصة تبين أثر النيكوتين المسرع للنبض، والرافع للتوتر الشرياني (ضغط الدم)، والمنقص للجاهزية، هذه الآثار كلها يمكن تجليتها للمراهق وكيف أنها تتضح بعد سيجارة واحدة..
وقد تبين أن المدخن اليافع الذي لمس هذا بنفسه وعبر الأجهزة الحديث، يتولد عنده قلق حقيقي بعد كل سيجارة يدخنها.
إن تولد القناعة بضرر التدخين يترافق بإقرار المراهق أنه يرغب بالانقطاع عن التدخين، ولكن ليس الآن..
وهنا يجب ألا يصاب الطبيب بالإحباط، وينصح الخبراء بإبرام عقد بين الطبيب والمراهق لإيقاف التدخين (أو عدم التدخين أساساً) ويحدد موعد يسجل على ملف الفتى يتفقان عليه، ومن الضروري جداً طرح بدائل للتدخين يشارك في تقديمها لليافعين المجتمع والأسرة.
فمثلاً إذا كان الفتى يدخن لأسباب يراها جوهرية حقاً، مثل التأهل لعضوية جماعة ما، أو إنقاص وزنه، أو الظهور بعمر أكبر من عمره.. فهنا تكون البدائل تشجيع الرياضات الهوائية، أو تنظيم الغذاء وإنقاص الدسم والصيام، أو العمل التطوعي في المجتمع..
وكلها أمور تقوم بنفس المطلوب، وهي غير متناسبة مع التدخين، كما أنها ترفع من معنويات المدخن ومن تقديره لذاته، الأمر الذي يبعث فيه الثقة والشجاعة لأن يواجه أقرانه، ويقول بجرأة "لا" عندما تقدم له السيجارة الأولى... وكذلك عندما تكرر المحاولة معه حتى عشرات المرات..
ولابد أخيراً من التأكيد على أن توليد كره التدخين في نفس الطفل المسلم ليس بالأمر الصعب إذا قرناه بطاعة الله وإرضائه.. وذلك منذ أن نبدأ بتلقينه الآيات الأولى والمبادئ الأولى للإسلام.
هناك طفل لا يزال يتعثر بمخارج الحروف.. وهو في سنته الرابعة، وقد تعلم أن الخطأ مرتبط بوسوسة الشيطان، فهو يقول مثلا: " الشيطان وسوس لهدى (أخته الكبرى) أن تضربني.."
"الشيطان وسوس لي أن لا أسمع كلام أمي.. ولكنني لم أطعه.." ومرة قال لي فجأة، بعد أن كان حديث الأسرة يدور حول (مشكلة) التدخين، وكان أبوه غائباً: " أتعرفين .. الشيطان يوسوس دائماً لأبي أن يدخن .. صح .. مو صح؟"
فقلت له: "بلى صح، وإن شاء الله سأبطل التدخين .."
قال لي: "لا.. هو لا يبطله.. فهو يدخن كثيراً.. كثيراً.. كل يوم.. وحتى الدخنة تملأ الدنيا وتدخل العيون.. والحلق.. و.."
نلاحظ أن الطفل عبر ببساطته أتفه أثر يسببه التدخين ولا نهتم به أبداً نحن الكبار مقابل الأضرار الحقيقية الكبيرة.. فرفقاً بأولئك البراعم الكبار..
وبعد.. هي دعوة لوالد هذا الطفل.. ولجميع الآباء والأمهات.. أن يتفرقوا على (وسوسة الشيطان) وأن يتفوقوا على مبدأ سن القوانين التي تفشل بالرشوة.. وأن يسهموا في حملة التحصين ضد مرض التدخين.. وليس مع الإيمان والإرادة مستحيل بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.