جهاز القلب - الرئة الاصطناعي الذي استخدم أول مرة على البشر عام 1953 والذي أحدث ثورة في مجال جراحة القلب والشرايين الإكليلية وجراحة صمامات القلب, هل يمكن أن يكون لهذا المنقذ للحياة جانب مظلم..؟ لمحة عن عمل هذا الجهاز: يقوم جهاز القلب - الرئة -بتدوير الدم المؤكسد أثناء جراحات القلب, وعادة ما تستخدم مضخات (دحروجية) يرتحل الدم الوريدي إلى خزان ومن ثم إلى وحدة التزويد بالأوكسجين حيث يحصل الدم على الأوكسجين ويحرر ثنائي أكسيد الكربون وتزيل مصفاة حطام الخلايا والفقاعات الغازية. وابتداء تقوم وحدة التبادل الحراري بتبريد الدم لحماية النسج من الأذى وبعد ذلك يحكم الأطباء قفل الأبهر بقامط clamp ثم يوقفون القلب باستخدام محلول البوتاسيوم المبرد. ويتولى الجهاز الآلي مهام القلب والرئتين أثناء العملية وبعد الانتهاء من الجراحة تعيد وحدة التبادل الحراري تدفئة الدم ويرفع الجراحون القامط ويعيدون تشغيل القلب كهربائياً وذلك بإجراء صدمة كهربائية. التغيرات الذهنية التي قد تحصل بعد جراحة القلب المفتوح: وذلك بسبب إحكام غلق الأوعية أو بعد تمرير الدم خلال جهاز القلب - الرئة الآلي قد تتكون جسيمات ضئيلة أو فقاعات غازية قد تسبب بدورها انسداد الأوعية الدقيقة ومن ثم حرمان النسج المجاورة من الأكسجين بسبب سكتات دماغية خفيفة قد تسهم في حالة الإعاقة الذهنية المؤقتة لدى المرضى, إذ قد يشعر المريض بأن الأمور حوله أصبحت ضبابية غير مترابطة حتى وأنه قد يشعر أحياناً بالضياع وبحالة من بعض الاكتئاب لمدة من الوقت وعوز الانتباه أو تغير في المزاج يراوح بين التبرم والقنوط وفقدان القدرة على التركيز اللازم للتعامل مع مشكلات الحياة. وقد أطلق الجراحون على هذه الأعراض بذهان المضخة وهو وصف عام ملائم لحالة البلادة التي تصيب بعض المرضى بعد وصلهم بجهاز القلب - الرئة الآلي أثناء عملية القلب المفتوح. ومن الأعراض الأخرى صعوبات في العلاقات الاجتماعية وتغيرات في الشخصية وقد تحدث هذه المشاكل من خلال تغير جريان الدم أو إطلاقها (جزئيات الدهن والخثرات الدموية والفقاعات) إلى دم المريض, وقد تتخرب خلايا الدم الحمر أثناء رحلتها عبر الجهاز الآلي بحيث تفقد قدرتها على حمل الأوكسجين الكافي إلى الدماغ وسائر الجسم, وقد تسهم عوامل أخرى خلال عملية القلب المفتوح أو فور انتهائها في احداث التراجع الإدراكي مثل تكون الفقاعات والقطع المتخثرة من خلايا الدم وجسيمات دقيقة تنتج من تآكل الأنابيب ومن اللويحات المتراكمة على داخل جدر الشرايين قد تجد طريقها عبر المضخة والقنيات إلى داخل الجسم يطلق عليها جميعاً اسم الصمات وكذلك بسبب الالتهاب ونقص الأكسجة (عدم وصول الكمية الكافية من الأوكسجين إلى النسج) وانخفاض الضغط الشرياني وعدم انتظام ضربات القلب, وتغير درجة حرارة الجسم التي إما أن تكون مرتفعة جداً أو منخفضة جداً والمرضى الذين أصيبوا بارتفاع درجة الحرارة خلال ال24 ساعة الأولى بعد العملية كان احتمال إصابتهم بالتراجع الإدراكي بعدها بستة أسابيع أكبر من غيرهم. لقد تمكنت التقنية الحديثة تقريباً من إزالة كبرى هذه الصمات فقد تم تزويد مرشح الجهاز بغرابيل مصنوعة من خيوط بوليمر منسوجة, أمكنها تصفية الدم من الجسيمات التي يراوح حجمها بين 0.2 و0.5 ميكرون, كما أن استخدام موصلات بدون درزات قلّص من دخول اللطخات إلى مجرى الدم وأصبح من الممكن اختفاء الفقاعات الضئيلة الهائمة عن طريق استخدام جهاز دوبلر فوق الصوتي وإذا ما ظهرت هذه الفقاعات فإنه بالإمكان التخلص منها ولكن قد تتمكن الصمات الميكروية microemboli التي قد يبلغ حجمها 10/1 حجم الفقاعات القابلة للكشف التي يبلغ عددها 200-300 بالساعة من التسلل بدون أن تكتشف.