امل علام البدايه الجديدة فقط ... الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. وبعد: أحبتى فى الله لا يشك عاقل ولا يمترى صاحب فهم اننا فى زمان فتن . نعم ولكن البلية الكبرى أحبتى ليست فى الفتنة نفسها ولكن المصيبة عندما يصاحب الفتن رقة الدين وقلة التدين فيخوض الناس فى الفتن بغير وعى ولا ورع ولاخوف ولا مراقبة لله عز وجل عندها تزداد الفتنة وتكبر وتعظم . وكما قال بعض السلف :لا تعظم الفتن حتى يخوض الناس فيها بالسنتهم. وخطورة الفتنة تكمن فى اسمها أنها فتنة . قال بعض العلماء ان حال الناس فى الفتن كمثل ركب يسيرون ثم عمهم الضباب فلم يرو الطريق ولم يعرفوا اين يتجهون فكلهم تائه الا من وقف حتى ينقضى الضباب ويرى الطريق من جديد. وهذا بالنص ما قاله سعد ابن ابى وقاص رضى الله عنه لما سال لماذا اعتزلت الناس وكان هذا فيما حدث بين على ومعاوية فقد اعتزلهم سعد رضى الله عنه ولم يشارك مع احدهم . فقال سعد مقالته الخالدة الواعية الموفقة : ان مثلى ومثل أخوانى كمثل قوم كانوا يسيرون فى طريق فاصابتهم سحابة سوداء . قفال بعضهم الطريق يمينا وقال بعضهم الطريق شمالا وفى لفظ قال الطريق من هنا وقال بعضهم لا بل الطريق من هنا وقلنا نحن نقف حتى تنكشف فلما انكشفت كنا على الامر الاول . نعم احبتى فما نجى منها الا من وقف حتى تنكشف . وهذه احبتى وصية غالية من خال رسول الله صلى الله عليه وسلم. ان الفتنة سحابة سوداء وضباب وغياب الحق فيها لا يكون ظاهرا لذلك لا ينجو منها الا من سكت . ولكن أحبتى نظرا لان هذا الزمان مع الاسف الشديد زمان رقة الدين وقلة التدين مع كثرة ما عندنا من المعلومات الدينية بل بعضنا مع الاسف قد يكون على علم ويقرا ويطلع وقد يكون ممن يتكلمون فى دين الله ولكن يخوض فى الفتنة . وتنزلق قدمه وهو لا يدرى . لذلك احببت ان اضع ايديكم على اهم اسباب الفتنة واهم اسباب انتشارها تحذيرا لنفسى ولاخوانى من الوقوع فيها . واسباب انتشار الفتن كثيرة احبتى ولكن هناك سببان هما كما قال العلماء مطية اى فتنة وهما وقود الفتن وسبب فى تأججها. فانتبهوا لهما احبتى حفظنى الله واياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.وقد كنت ذكرتهما فى مشاركتى فى موضوع اخى وحبيبى فضيلة الشيخ ايهاب ولكن لعل هذا مكانهما والحاجة تدعوا هنا لذكرهما اسال الله ان ينفعنى واياكم بهما: فاقول : السبب الاول سوء النقل نعم أحبتى سوء النقل عن الناس وعدم مصداقية النقل . قيل لبعض اهل العلم لماذا كبر الامر بين الصحابة وسار الى ما سار فقال هذا الرجل الموفق من الله : قاتل الله النقلة الكذبة : نعم احبتى من اهم اسباب الفتنة الكذب فى النقل عن الناس والكذب فى نقل الاحداث هذا الكذب فى النقل هو الذى جعل الناس حاصروا عثمان رضى الله عنه حتى قتل ظلما وهو الذى كان سببا فى الفتنة بين على معاوية رضى الله عنهما. سؤال لماذا الكذب فى النقل بهذه الخطورة ؟ قال العلماء لانه يعطى وصفا غير صحيح للأمر مما ينتج عنه خطأ فى الحكم على الحدث أو خطأ فى الحكم على الشخص المنقول عنه الخبر . ولعل حادثة مقتل عثمان رضى الله عنه أكبر دليل على ذلك فهؤلاء الكذبة لما اشاعوا ونقلوا الكذب على عثمان رضى الله عنه هم من قلبوا عليه الناس وجاءوا الى بيته وحاصروه . والسبب الثانى فى انتشار الفتنة وتوقدها أحبتى مبنى على السبب الاول وينتج عنه سوء الحكم على الشخص أو على الحدث وهو الحكم على الناس بما نسمع وينقل عنهم لا بما نسمع منهم. نعم هذا السبب الثانى أن تحكم على الناس بما ينقل عنهم وبما تسمع عنهم لابما تسمع منهم وهذا ايضا تجده جليا فى قصة عثمان فهؤلاء الذين حاصروه حتى قتل حكموا عليه بما سمعوا عنه وبما نقل لهم عنه من اكاذيب ولم يعطوا لانفسهم الفرصة ان يسمعوا منه رضى الله عنه فكان الحكم ظالما جائرا بعيدا عن الحق والصواب . لذلك أحبتى عند حلول أى فتنة أومشكلة أو أى أمر من أمور دينك لا تحكم على أحد بما تسمع عنه وينقل لك حتى لا تكون من اصحاب الاهواء. الذين يحكمون أهوائهم وشهواتهم فى الحكم فتكون العاقبة الضلال عن سبيل الله . قال تعالى ( وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ (26) نعم أحبتى فان الذى يحكم هواه تكون عاقبته البعد عن سبيل الله . لذلك اياك ثم اياك ثم اياك أخى الحبيب واختى الفاضلة ان تحكم على أحد من الناس عرف بالفضل والعلم وصحة الاعتقاد والبعد عن البدع والمحدثات بما ينقل لك عنه او بما تسمع عنه ولكن اذا سمعت عنه ما لا يرضيك ووجدت ان هذا الذى سمعت سيؤثر فى قلبك فاذهب اليه واساله وتبين منه واسمع منه ولا تسمع عنه هذا اذا كان ممن عرف بالعلم والفضل والدعوة الى الله وعرف باتباعه لاثار السلف واتباعه لسنة النبى صلى الله عليه وسلم وصحة الاعتقاد فاياك ثم اياك ان تصدق فيه ما ينقل اليك عنه من زلات او امور لا ترضى الله حتى تسمع كلامه فلعله لم يقل او كذب الناقل عليه او اخطأ الناقل بغير قصد .