السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : يا أستاذة أنا اعاني من محنة كبير ة ، أنا يا أستاذة لدي عقدة من الزواج ولا أثق بالرجال كقوامين وحماة ، بسبب الظلم الذي وقع علي وعلى والدتي وإخوتي من أبي ، فقدت الأمان مع ابي فكيف اثق بالغريب ، أبي يصرح بكرهه لنا في كلامه وتصرفاته وإهماله، وأنا رغم حنيني للزواج إلا انني واثقة من نفسي بأنني سوف أظلم هذا الزوج ، ولولا خوفي من الله لما رفضت الخطاب وهاهو عمري يجري وأنا على مشارف الثلاثين وانا حزينة على نفسي لأنه لا سند لي من الرجال . هل قراري في الامتناع عن الزواج صائب يا أستاذة ، أعاني من مرض مزمن يمنعني من الخروج للعمل والحياة أنا حبيسة المنزل وأشعر بقهر شديد رغم أنني أثقف نفسي وأطلب العلم النافع من داخل بيتي ، وأهتم بنفسي وصحتي ومع ذلك أشعر بالخوف من المستقبل .أرجوك لا تهملي رسالتي وجزاك الله خيراً كثيراً . الاجابه .... طبيعي جدا أن تشعري بالخوف وطبيعي أن تشعري بعدم الأمان ، فأنت حبيسة مرضك وحبيسة رفضك للزواج ، وبالتأكيد ليس حولك صديقات يشتركن معك في الميول والاهتمامات فالمؤكد أنك وحيدة بائسة تجترين الخوف والحزن وتشعرين بعدم الأمان ، فحتي لو صح ما تروينه عن أبيك ، فمن قال لك إن كل الرجال سواء في ميزاتهم وعيوبهم ، ومن قال لك عن والدك امتلأ بكل العيوب ووالدتك كانت ملاك بريء بالطبع أنا لا أقصد الإساءة لوالدك لكنني فقط أريدك أن تضعي الأمور في نصابها السليم ، فمن الظلم أن تحكمي علي كل الرجال من خلال رجل واحد ومن الظلم أن تحكمي علي نفسك بالتعاسة لمجرد أن والدك لم يكن علي قدر المسئولية ولم تشعري معه بالأمان ، لقد عزلت نفسك عن الحياة الناس وفرضت علي نفسك الوحدة ، ولم تتركي نفسك للحياة الطبيعية والالتقاء بالناس فربما كان ذلك الاختلاط قد خفف عنك الكثير من المعاناة ، رغم أن هذه الخطوة لم تكن بالصعبة ولا بالمستحيلة ، بل كانت في إمكانك ولا زالت إلي الآن لأنها الطريق الوحيد لتخليصك من كافة المشاعر السلبية التي تعانين منها ، وهي السبيل لإعادة التوازن إلي حياتك وتمكينك من التفكير بشكل أفضل والنظر إلي الحياة بصورة اكثر إيجابية . حبيبتي الإنسان حيوان اجتماعي بتعريف علماء الاجتماع ، فنحن لا نعيش بمعزل عن الآخرين والقرآن الكريم علمنا ذلك "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا " ، إن حزنك واكتئابك وإصابتك بالإحباط كلها نتاج طبيعي لعزلتك وانكفائك علي ذاتك رغم أنك في حاجة إلي التفاف الناس من حولك ودعمك ومساندتك لزيادة الثقة في نفسك ، ثم من قال لك إن الأمراض المزمنة تمنع من العمل ومن الخروج ، ومن قال لك عن امتناعك وانعزالك سيحل مشكلتك، سلبيتك في تعاملك مع الحياة في حاجة إلي تغيير وفي حاجة إلي إعادة نظر ، وفي حاجة إلي استعادة سلامك النفسي ، ولا مانع من استشارة أحد الأطباء النفسيين ، والحصول علي دورات تدريبية لتمنية الذات وتطوير السلوك أو الانضمام لأحدي الدورات التدريبية الخاصة باللغة أو الكمبيوتر ، أو العمل من خلال المنزل المهم أن تغيري حياتك وتثبتي جداراتك واستحقاقك لحياة أفضل وتتأكدي من وجود رجل يستحق أن تكملي معه الحياة وأن كل الرجال ليسوا كأبيك ، غيري مفاهيمك الثابتة عن الرجال والحياة ، واخرجي بنفسك وفكرك إلي عالم أرحب ، انت لست في محنة ولا أزمة إنما انت في حالة عزلة ورفض لواقعك وعدم اندماج مع الحياة وعدم قدرة علي التغيير كل ذلك خلق بداخلك خوف وعدم شعور بالأمان ، واجهي حياتك بقوة وشجاعة وتخلي عن عقدك تجاه الرجال ، لأنك لن تعيشين عمرك وحيدة حبيسة ، وإلا فقد حكمت علي حياتك بالموت البطيء فمن قال لك إن الحياة المستقرة الهانئة تخلق أناساً سعداء ، بل العكس فالأشخاص الذين تعودوا الرثاء لأنفسهم وتعودوا الشعور بأنهم ضحية سيظلون علي حالهم حتي ولو نعموا في الحرير ورغد العيش ، كما يقول ذلك (هاري إيمرسون فوزديك ) في كتابه القدرة علي الإنجاز ، إن الحياة الحزينة الكابية التي تغلقين نفسك عليها يجب ألا تدفعك إلي اليأس ، بل يجب أن تدفعك إلي تحويل حياتك نحوالأفضل والمهارة ليست في الاستسلام للظروف بل في تغيير الظروف لصالحنا وتحويل السالب إلي موجب وان نصنع من الثمرة المرة إلي شراب حلو