المرض والموت من أصعب اللحظات التي تمر في حياة أي منا، ولم تخلُ حياة أحدنا من المعرفة بشخص يحتضر أو يعاني من مرض خطير، سواء كانت هذه المعرفة مباشرة لأحد المقربين إلينا أو غير مباشرة إذا كان المريض قريب لأحد الأصدقاء أو الجيران مثلًا. وتتطلب منا مثل هذه الأوقات حكمة وفهمًا لنتصرف فيها بالشكل السليم، ونتجنب أكثر الأخطاء شيوعًا التي يقع فيها أغلبنا وقد تؤذي نفسية المريض. ولأن التصرف السليم مبني على الفهم، فإننا نبدأ بمحاولة لفهم نفسية المريض عند اكتشافه إصابته بمرض خطير. 5 مراحل يمر بها من يكتشف إصابته بمرض خطير: 1. الإنكار: يحاول المريض التصرف كالمعتاد، ويتردد على عدة أطباء محاولًا إثبات خطأ التشخيص، وقد يحاول إخفاء الأمر على أسرته مثلما يسعى إلى إخفائه على نفسه. 2. الغضب: حيث يتساءل "لماذا أنا؟" 3. المساومة: يخشى المريض اقتراب الموت، فيسعى محاولًا تأجيله من خلال وعود بتحسين سلوكه والإقلاع عن الذنوب. 4. الاكتئاب: وهنا يبدأ المريض في الندم على أخطاء وخسائر الماضي، وتتنقلص دائرة من يهتم من الأشخاص وما يأبه له من الأشياء. 5. القبول: أخيرًا يستطيع المريض تقبل الأمر ومواجهته بسلام. ويختلف كل مريض عن الآخر في السرعة والطريقة التي يمر بها بهذه المراحل. كما تمر أسرته أيضًا بنفس المراحل، ولكن ليس بالضرورة في نفس الوقت معه. 4 أخطاء شائعة نقع فيها عند التعامل مع المرضى والمحتضرين: 1. التعامل معهم كأشياء لا كأشخاص، واتخاذ القرارات نيابة عنهم. قد يكون ذلك بحسن نية، ولكن هذا يشعر المريض أن نهايته قد أوشكت ويقلل من تقديره لذاته، وهو الشئ الذي يظل مهمًا بالنسبة إليه حتى اللحظة الأخيرة. 2. أن نطلب من الشخص أن يكتب لنا رسالة أو أي شئ كذكرى منه، لأن هذا ينقل إليه نفس الرسالة السابقة من أن حياته قد أوشكت على الانتهاء. 3. الطمأنة الزائفة التي تؤكد للمريض رغم حالته المتدهورة أنه "هيبقى زي الحصان وزي الفل" فهذا – كما ينصح ديفيد كيسلر، خبير بالتعامل مع الموت والأحزان- يشعره بأنه على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. 4. الإلحاح على الشخص في النطق بالشهادة. 5 نصائح للتعامل مع المرضى والمحتضرين: 1. الصدق: فمعظم الناس يرغبون في معرفة حقيقة حالتهم. لذلك علينا أن نتجنب محاولة خداعهم. وهنا يجب توضيح أن الصدق الرقيق جدًا مفيد للمريض، وهو ما يختلف بالطبع عن تفجير الأخبار السيئة بطريقة صادمة وفجة. هذا الكلام ينطبق على أهل المريض أيضًا، لأنه سيمكنهم من توقع بعض المشاكل المتعلقة بالفقد، والاستعداد للإجراءات التي يجب اتخاذها وقت الوفاة. 2. إن هذا الوقت هو وقت المشاعر الصادقة المتفهمة الحساسة أكثر من أي كلام، والقيام باللفتات الإنسانية التلقائية كاللمس أو العناق هو الشئ المطلوب في هذه الظروف. 3. تقديم كل مساعدة ممكنة للمريض ليعيش حياته حتى آخر لحظة، فالحياة تظل مرغوبة لدى مرضى كثيرين. 4. إعطاء المريض فرصة أكبر للكلام وهو لايزال واعيًا بدل من الإكليشيهات التي نملأ بها الفراغ أحيانًا، فالمحتضر يريد أن يتحدث لا أن يحدثه الآخرون، فهو يسعى إلى استخدام الوقت القليل المتبقي له في الحياة ليوصل إلينا رسائل هامة، وربما يكون دورنا هو مساعدته على صياغتها والتعبير عنها أو فقط الاستماع. 5. إن المحيطين بالمحتضر يمرون بمشاعر مشوشة، لذا سيكون مفيدًا جدًا مساعدتهم على التعبير عنها ومحاولة الاستجابة إلى احتياجاتهم التي كثيرًا ما يُغفَل عنها في ظل هذه الأجواء الضاغطة. ماذا لو كان المريض/ المحتضر طفلًا؟ من الملاحظ أن الأطفال من سن العاشرة يظهرون إدراكًا لمعنى الموت ويطرحون أسئلة تدل على عمق نظرتهم نحوه. لذا ينصح عند التعامل معهم بالآتي: 1. غالبًا يكون من الأفضل إعطاء الطفل الفرصة ليجيب على هذه الأسئلة بنفسه. 2. مساعدته على التعبير عن مخاوفه هي خدمة عظيمة. 3. تقديم بعض المعلومات البسيطة مثلًا عن سقوط الشعر مع بعض العلاجات يساعد الأطفال أحيانًا على التعامل بنجاح مع هذا التطور الذي قد يكون مزعجًا إذا لم يفسره أحد. 4. الاعتدال في التعامل مع الطفل بلا تجاهل لحالته وبلا تدليل مفرط. ما هي الآداب الشرعية للتعامل مع المحتضر؟ 1. الأخذ بالأسباب وتقديم العلاج للمريض حتى آخر لحظة عملًا بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتتداووا ولا تتداووا بحرام" فمشيئة الله بشفاء المريض نافذة مهما كانت حالته. 2. الإكثار من الدعاء وقراءة القرآن له. 3. وضع الفراش جهة القبلة إن تيسر ذلك. 4. تلقين المحتضر الشهادتين، مع مراعاة عدم الإلحاح عليه حتى لا يضجر ويقول كلامًا لا يليق، ولكن تقال أمامه بحيث يسمعها ويقولها. 5. ستر المحتضر وقصر الاطلاع على هيئته المتغيرة على من يعتنون به. 6. يستحب أن يعتني بالمريض أرفق أهله به وأقربهم إليه وأتقاهم لله. 7. في حالة رؤيته متعبًا يبلَّ حلقه بتقطير ماء أو شراب فيه، ويندى شفتيه بقطنة؛ لأن ذلك يهون عليه ما يمر به من الشدة، ويسهل عليه النطق بالشهادة