تناول كتاب مقالات الصحف الصادرة صباح اليوم الأحد، العديد من الموضوعات، أبرزها الحكم ببراءة مبارك ونجليه والعادلي وقيادات الداخلية في القضية المعروفة إعلاميا ب "محاكمة القرن". ففي مقاله بصحيفة "الأهرام" قال الكاتب صلاح منتصر: لا أتذكر جلسة أحكام مثل التي اختتم بها المستشار محمود كامل الرشيدي، رئيس محكمة جنايات القاهرة أمس، الجلسة 60 في قضية القرن، المتهم فيها الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي وكبار معاونيه خلال أحداث ثورة يناير 2011، فلم يسبق أن قدم قاض كما فعل المستشار الرشيدي، عرضا ارتجاليا يحفظه عن ظهر قلب للدعوى، التي نظرها وعرض الحكم الذي أصدره فيها في مجلد بلغت صفحاته 1430 صفحة لخصه حتي يمكن تداوله إعلاميا في 280 صفحة. تحدث رئيس المحكمة نصف ساعة قبل أن ينتقل إلي النطق بالأحكام، شكر خلالها زميليه اللذين شاركاه الجهد المضني في نظر القضية، كما شكر أيضا أعضاء النيابة العامة الذين ترافعوا ضد المتهمين، رغم أنه حسب الأحكام التي أصدرها لم يستجب لطلب واحد من الطلبات التي قدموها في مرافعاتهم. استطاع رئيس المحكمة بحديث قوي ونبرة حاسمة، أن يضبط إيقاع الجلسة ونظامها عندما أصدر تحذيرا واضحا قبل النطق بالحكم، من أن أي إشارة أو إيماءة تصدر من القاعة تعقيبا على ما يقوله من أحكام قبل أن يرفع الجلسة، سينال صاحبها أيا كان حكما بالحبس سنة، ونتيجة لذلك ساد الصمت والترقب طوال ربع ساعة نطق فيها بالأحكام التي يمكن تلخيصها في أنها لم تدن متهما واحدا في أي جريمة نسبت إليه. تضمن ما ذكره المستشار الرشيدي تحديدا قاطعا لعدد ضحايا ثورة يناير، في أيامها من 25 إلي 31 يناير 2011 (يوم خروج العادلي من الوزارة) وهم 239 متوفيا، و1588 مصابا لم يلصق الحكم الصادر ما جرى لهم إلى أحد المتهمين، مما يعني أن الفاعل مازال حرا مطلقا، والرد على ذلك أن البحث عن القاتل ليس دور المحكمة، وإنما مهمتها الأساسية النظر في إدانة أو تبرئة الماثلين أمامها في إطار الدلائل والقوانين والإجراءات. بقى تعقيب أخير، فسوف يختلف الرأي بالتأكيد حول الأحكام الصادرة، لكن المؤكد مما تضمنته أوراق الحكم سردا وشهودا ونتيجة وأسبابا وأحكاما، أن القاضي الجليل أجهد نفسه، ليس لإرضاء مخلوق، وإنما لنيل رضا ربه الذي يعتبر القاضي ظله في الأرض وجاهزا للقائه. وفي مقاله بصحيفة "الأهرام" أيضا قال الكاتب مكرم محمد أحمد: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو، يحسن اختيار أسوأ الأوقات والأزمنة لاستصدار أسوأ القرارات وأكثرها استفزازا للعرب والفلسطينيين، وأشدها سخرية من القانون الدولي والرأي العام العالمي فى نوع من العنصرية الكريهة والغرور البغيض، هدفه من ذلك تكريس روح الإحباط لدى الفلسطينيين والعرب وتأديب الأوروبيين وقمعهم. وهذا ما فعله أخيرا بتمرير قانون جديد يحدد هوية دولة إسرائيل بعد 66 عاما من قيامها، باعتبارها دولة يهودية ووطنا يخص الشعب اليهودي وحده، رغم أن إعلان استقلال إسرائيل ينص على المساواة السياسية والاجتماعية لجميع مواطنيها بمن في ذلك المواطنون العرب من فلسطينيي 48 الذين يشكلون 20% من سكانها، وبفضل هذه الفقرة في إعلان الاستقلال حظيت إسرائيل بقبول الأممالمتحدة، ورغم اعتراض حزبين من قوى تحالف الليكود الحاكم على مشروع القرار العنصري خلال مناقشته في مجلس الوزراء الإسرائيلي، الأمر الذى يمكن أن يؤدي إلى تفكيك التحالف الحاكم، يصر نيتانياهو على المضي قدما في عرض مشروع القرار على الكنيست، حتى إن تطلب الأمر طرد "تسيبي ليفني" وزيرة العدل ومائيير بليد وزير المالية من الحكومة لصالح تحالف جديد أكثر عنصرية وتشددا يحاول نيتانياهو صياغته الآن!، وبالطبع لم يأبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بانتقادات الخارجية الأمريكية التي دعت إسرائيل إلى مراعاة مبادئ الديمقراطية، والحرص على أن يتمتع جميع مواطنيها بحقوق متساوية. وجاء رد نيتانياهو، الفوري يرفض تدخل واشنطن فى شئون إسرائيل الداخلية التي لا يحق لأية دولة الخوض فيها، كذلك لم يأبه نيتانياهو باعتراضات أحزاب المعارضة وشخصيات إسرائيلية عديدة ترى فى مشروع القانون الجديد خطرا على سلامة إسرائيل كدولة ديمقراطية، وخطرا على علاقات إسرائيل بالأقلية العربية التي تشكل 20% من سكانها يمكن أن يؤدي إلى تفكيك دولة إسرائيل ويزيد من قبح وجهها العنصري، و يؤدي إلى مزيد من عزلتها الدولية. من جانبه وفي مقاله بصحيفة "الأخبار" قال الكاتب جمال الغيطاني: إنه عندما ازدحم ميدان التحرير مساء الجمعة، بمئات المواطنين الذين يرفعون أعلام مصر وراحوا يهتفون وينشدون الأغاني كذلك حدث في الإسكندرية ظهرا، وفي الإسكندرية استدعيت العديد من المشاهد المعبرة عن الحركة الخاصة للشعب المصري بتكوينه الخاص وإرثه الحضاري العريق، في الوقت الذي كانت فيه غرف العمليات في تركياوالدوحة وربما عواصم أخرى تتابع بدء تنفيذ السيناريو السوري وتؤجج دعوات التحريض؛ لبدء العنف على نطاق واسع، وتطلق شبكة قنوات الجزيرة أقصى ما لديها من تحريض وإفك وتذاع نفس اللقطات من قنوات الدوحة والمحطات الداعية للإرهاب التابعة للجماعة من إسطنبول، نفس اللقطات في نفس الوقت، كان الشعب المصري يواجه الحرب الدولية المعلنة عليه بثبات وكانت الدولة المصرية تبدو في أفضل حالاتها، مع ترسيخ هيبتها وحضور أعمدتها الرئيسية جيشها الباسل وشرطتها. رغم حضور الدولة الذي يبعث على الثقة فإن الحذر واجب، خاصة أن يوم الجمعة، شهد حدثين خطيرين لأول مرة في القاهرة والمدن الكبرى، إذ جرى إطلاق نار من عصابات مسلحة على ضابط كبير بالجيش، برتبة عميد، الرصاص الذي وجه إليه وهو يمشي في الشارع هدفه القتل، اغتيال إنسان لمجرد أنه ضابط بالجيش، أي قتل على الهوية، في نفس اليوم أطلق النار على ضابط بالبحرية، أيضا لأنه فقط ضابط بالجيش، وكذلك على مجندين في القليوبية، وجرى استشهاد ضابط وجنود في العريش، رغم محدودية هذه الحوادث إلا أن خطورتها لا تخفي في إطار الحرب المعلنة ضد الدولة من أطراف خارجية وداخلية، دولية وعربية، لقد جرى التعامل إعلاميا مع تلك الحوادث التي استشهد فيها ضباط وجنود كأنها حوادث عرضية أو عابرة، وهذا خطأ يقع نتيجة غياب منظومة الإعلام الخاصة بالدولة تماما، وتأخر الحكومة في إيجاد بديل لإلغاء وزارة الإعلام، وكان المهندس محلب، قد عقد عدة اجتماعات مع إعلاميين ومتخصصين في رمضان الماضي، ولكن لحق هذه الجهود ذلك البطء الذي يسم حركة الحكومة فلم يحدث شيء حتي الآن. موقف شبكة قنوات الجزيرة طوال يوم الجمعة، كان يتضمن التحريض المباشر على الإرهاب والعدوان المسلح، وصل الأمر إلى حد الفجر الإعلامي، مثل تجاهل استشهاد ضباط وجنود الجيش وإبراز مصرع مواطن في المطرية لا علاقة له بالتظاهر، وذلك لتأكيد أن الجيش والشرطة يوجهان رصاصهم ضد المواطنين، هذا يستدعي رؤية أكثر وضوحا وقوة بالنسبة لما يسمى بالمصالحة مع قطر، ومما يدعو إلى الاستغراب أن يوجه بعض الأشقاء، نداءات إلى مصر للتسريع بالمصالحة، وكأن مصر هى التي تبادر بالعدوان على قطر وليس العكس، أتمنى من الدولة أن تعلن تكاليف الاستنفار الأمني الذي تسببت فيه الدعوة إلى الثورة المسلحة التي دعت إليها الجماعة ومن والاها، وأن تخصم من أموال الجماعة وقادتها المجمدة أو الموضوعة تحت الحراسة. أخيرًا، تثبت أحداث العنف التي ارتكبت رغم محدوديتها ولكن دلالتها خطيرة أن أي حديث عن مد اليد إلى الجماعة أو المصالحة لن يخدم إلا الإرهاب، مطلوب موقف أقوى من الدولة وسائر القوي السياسية والتعامل مع الإخوان ومن والأهم كما تعاملت ألمانيا مع النازي بعد الحرب العالمية الثانية، أما الكاتب فهمي عنبه، فرأى في مقاله "علي بركة الله": إن الأحداث تتلاحق منذ 25 يناير 2011 بوتيرة تجعل المواطنين يلهثون لمتابعتها، فكل يوم هناك جديد مظاهرات واعتصامات، رؤساء يتغيرون، وزراء يتبدلون، أسماء تلمع ثم تنطفئ، أخرى تنزوي ثم تعود، تحالفات تتجمع ثم تتنافر، أحزاب توارت وراء الشمس وعشرات غيرها خرجت للنور، قيادات في الحبس وأحكام إعدام وبراءة بالجملة. وقال الكاتب: إن الشعب أصبح أكثر وعيا، وزادت مشاركته، حتى يمكن أن نقول: إن في مصر الآن 85 مليون محلل سياسي وخبير استراتيجي، لذلك كان من الطبيعي أن يبدأ الاختلاف والاستقطاب، فكل فريق يريد أن يضم إليه لاعبين أكثر، وبدأ الانقسام ثم التناحر على المناصب والفوز بنصيب من "الكعكة". وأضاف الكاتب، أن الناس تركت أعمالهم وانصرفوا لجمع الغنائم والخروج إلى الشوارع في مظاهرات أو عمل وقفات احتجاجية بالمصانع والمصالح والمؤسسات للحصول على مطالب فئوية فكان من المتوقع أن تتوقف الماكينات عن الدوران ويقل الانتاج فيتدهور الاقتصاد. وأوضح أن المواطنون انشغلوا بالسياسة رغم أن جيبوهم أصبحت خاوية لعدم وجود موارد تدخل البلاد خاصة بعد توقف السياحة إلى جانب تراجع الانتاج، وتاهوا في مولد الاستفتاءات والانتخابات، وأصبحنا الدولة الأولى عالميا في عددها وفي سرعة تغيير الدستور، وقال: إن مصر عاشت أحداثا مؤسفة ابتداء من موقعة الجمل ومحمد محمود وماسبيرو مرورا بمذبحة بورسعيد، ثم جاءت الاتحادية والمقطم وبعدها النهضة ورابعة وقبلها وبعدها الاعتداء على الجنود البواسل في رفح، وأكد الكاتب أن "المحروسة" عرفت أخيرا طريقها نحو البناء والعمل والعجلة أخذت في الدوران، والحماس تملك المواطنين فقاموا بشق قناة تكون مع محورها شريانا جديدا للمستقبل، وبدأت العلاقات مع دول العالم تعود لطبيعتها، وعرفت مصر حجمها ودورها، ورأى الكاتب أن شبح الماضي بدأ يظهر من جديد كلما شعر أن المياه تجري والعجلة تدور، فهو ينزعج عندما يتخيل أن القوى السياسية تتقارب وتتصالح، وأن الشعب يعمل ويبني، ويشعل الفتنة ويهدد بالقنابل والدمار، ويعلن عن إحراق البلاد في جمعة 28 نوفمبر، وعندما تمر بسلام ويعرف حجمه ينتهز حكما متوقعا في قضية "فشنك" من البداية وقلنا أكثر من مرة أن من كان يريد أن يعاقب "مبارك ونظامه" فعليه أن يحاكمهم علي الفساد وتأخير البلاد 100 سنة للوراء، أما أن نقدمهم في قضية وهمية ونسميها "قضية القرن" فذلك عبث لم يكن يستدعي ترافع جهابذة القانون وكان يكفي وجود محام تحت التمرين ليخرجوا براءة. وخلص الكاتب إلى أنه في حال أردنا أن نبني مصر المستقبل علينا أن نطوي صفحة الماضي ونستمر في العمل ولا ننظر تحت أقدامنا ولكن إلى الأمام، أما الكاتب معتز بالله عبد الفتاح، فقال في مقاله بجريدة الوطن تحت عنوان "السياسة قتلت الإنسانية في مصر": إن مصر الآن فى حالة زواج بالإكراه بين طرفين يكره بعضهما بعضا، مشيرا إلى أنه لا يتحدث عن اختلاف فى وجهات النظر، فهناك حالة كراهية، ورغما عن كل محاولات الإنسان ألا يشرب من نهر الكراهية، وألا يبادل الآخرين الإساءة بالإساءة، فهناك من يدفعنا جميعاً دفعاً إلى حالة من الكراهية الجماعية، متسائلا ، كيف سنعمل معا من أجل مستقبل أفضل وأمامنا هذا الكم من التحديات؟. وأوضح الكاتب أن السياسة قتلت الإنسانية في مصر، ورأى أن نعتاد أن نرى مصريين غارقين فى دمائهم، فهذا مؤشر على "اللا دولة"، وأن نسأل "هل مننا ولا منهم؟"، فهذا مؤشر على "اللا مجتمع"، وأن نستخف بالأمر، فهذا مؤشر على "اللا إنسانية".