كشف وزير الخارجية الروسي لافروف أن نظيره الأمريكي جون كيري نصحه بعدم الاكتراث بما أعلنه الرئيس الأمريكي أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكي لا يصرف لافروف النظر عن قضايا تحتاج الولاياتالمتحدة إلى من يساعدها على حلها. وأوردت وكالة أنباء سبوتنك الروسية أن لافروف قال، "إن كيري نصحه ألا يلقي بالاً إلى ما أعلنه الرئيس الأمريكي من أن روسيا أصبحت في عداد المخاطر الرئيسية الثلاثة إلى جانب ظاهرة الإرهاب وحمى إيبولا". وأبلغ لافروف أعضاء الدوما (مجلس النواب الروسي) اليوم الأربعاء، أنه سأل كيري عن معنى ما أعلنه أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي، حينما أعلن إدراج روسيا على قائمة المخاطر الرئيسية إلى جانب "إيبولا" و"الدولة الإسلامية"، فقال (كيري) له "لا تكترث". وفسر لافروف نصيحة كيري، "بأنه أراد وقتذاك أن يبحث معه التعاون في حل المسألة النووية الإيرانية والوضع في شبه جزيرة كوريا، أي أن كيري يريد أن تساعد روسيا بلاده عندما تحتاج الولاياتالمتحدة إلى من يساعدها، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يريد كيري أن يطيع الآخرون الرئيس الأمريكي وهو بصدد محاسبتهم. وتابع لافروف قائلا: "قلت لجون كيري، خلال لقائي به في بكين مؤخرا، إن مبعوثي الولاياتالمتحدة يجوبون العالم، ويحثّون كل الحكومات على تأييد الإجراءات ضد روسيا". وعلى جانب آخر صرح وزير الخارجية الروسي اليوم بأن الأزمة الأوكرانية هي نتيجة لسياسة الغرب الرامية إلى تعزيز أمنه على حساب الآخرين على مدى السنوات ال25 الماضية. وقال لافروف، خلال كلمة ألقاها في إطار "ساعة الحكومة" بمجلس الدوما (النواب) للبرلمان الروسي: "كانت الأزمة الأوكرانية نتيجة لسياسة الدول الغربية خلال ربع قرن لتعزيز أمنها على حساب أمن الآخرين، وتوسيع سيطرتها على الفضاء الجيوسياسي"، رافضا محاولات إلقاء اللوم على موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية واعتبرها محاولات ميؤوس منها. وأضاف، "إن محاولات تحميل روسيا مسؤولية تطورات الأزمة الأوكرانية هي محاولات ميؤوس منها، الحقيقة باتت واضحة لدرجة أنها شقت طريقها حتى إلى وسائل الإعلام الغربية المنحازة. لا يمكن الاختباء إلى الأبد خلف العقوبات المنافية للقانون التي فرضها الغرب بشكل أحادي، هذه العقوبات تقوض الجهود لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد العالمي ولا تسهم حتى بأدنى قدر في تقريب حل الأزمة الأوكرانية". كما رفض لافروف محاولات إظهار روسيا كطرف في النزاع الأوكراني. وأكد وزير الخارجية الروسي أن هذه السياسة هي "نهج هدام واستفزازي تماما، ولا توجد أي فرص لنجاحه. فقط الحوار المباشر مع الرافضين للانقلاب غير القانوني وغير الدستوري في العاصمة الأوكرانية كييف". وأشار لافروف إلى أن موسكو تعتقد أن الخطوة الأولى في حل الأزمة الأوكرانية تتمثل باقامة علاقات مستقرة بين كييف ودونباس. وتابع قائلا: "ندعو كخطوة تالية إلى إرساء علاقات مستقرة بين كييف ودونباس بهدف التوصل إلى اتفاق مقبول لطرفي النزاع. وعلى الغرب أن يحفز هذه العملية بدلا من السعي الأعمى إلى دعم كل ما يقوم به حزب الحرب في كييف، والتغاضي عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان، وجرائم الحرب المرتكبة ضد سكان دونباس". وردا على سؤال لأحد النواب إن كان امتناع سلطات كييف من طرف واحد عن تنفيذ التزاماتها في دونباس يعتبر خطوة في طريق حصول جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك على وضعهما القانوني الخاص، قال لافروف: "بالتأكيد، هذه حقيقة من الممكن أن تستخدم كأساس للمسألة التي أشرتم اليها". وأضاف أن روسيا تسعى إلى إبقاء اتفاقات مينسك التي تم التوصل إليها في سبتمبر الماضي أساسا للتسوية في أوكرانيا، لأن أهمية هذه الاتفاقات تأتي من أن الجميع قد توافقوا عليها بمن فيهم السلطات الأوكرانية وممثلو دونباس، إضافة الى أنها تلقى الدعم من روسيا والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمفوضية الأوروبية. وأضاف: "على الرغم من أنه لم يتم الالتزام بالجزء الأكبر من اتفاقات مينسك، إلا أن هذه الاتفاقات مازالت تحتفظ بقيمتها، لاحتوائها على مجموعة كاملة من الخطوات الضرورية لنزع فتيل الصراع في أوكرانيا". وتابع قائلا إن من يشكك في جدوى اتفاقات مينسك هو من يرغب بإقصاء جمهوريتي لوجانسك ودونيتسك الشعبيتين من المباحثات، الشيء الذي يظهر على وجه الخصوص من مواقف رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك. وأضاف أن صيغة جنيف للمباحثات حول أوكرانيا كانت جدية قبل بدء الحوار المباشر بين كييف وممثلي دونباس، أما اليوم فقد تم تجاوز هذه المرحلة. وقال لافروف: "إنها كانت مرحلة مجدية إلى حد معين عندما لم يكن هناك حوار مباشر بين كييف وجنوب شرق أوكرانيا، أما الآن فقد بدأ هذا الحوار المباشر وسيكون من الخطأ انتهاكه". يذكر بأن سلطات كييف كانت قد شنت، منتصف إبريل الماضي، عملية عسكرية خاصة ضد من وصفتهم بالانفصاليين من ممثلي سكان جنوب شرق أوكرانيا، الذين رفضوا نتائج انتخابات فبراير الرئاسية وأعلنوا عن قيام جمهوريتي دونيتسك ولوجانسك الشعبيتين عقب إجراء استفتاء. ووفقا لبيانات الأممالمتحدة، في 15 أكتوبر الماضي، فإن عدد القتلى في شرق أوكرانيا قد وصل إلى 3700 شخص من المدنيين، إلى جانب 9 آلاف مصاب.