يحتفل العالم فى الاثنين الأول من شهر أكتوبر من كل عام باليوم العالمى للمستوطنات البشرية، والذى ينظمه برنامج الأممالمتحدة للمستوطنات البشرية (المعروف اختصارًا الموئل) ويقام هذا العام تحت عنوان "أصوات من الأحياء الفقيرة"، حيث تتمثل مهمة البرنامج في تعزيز تنمية المستوطنات البشرية المستدامة اجتماعيًا وبيئيًا إلى جانب تحقيق هدف توفير المأوى المناسب للجميع، كما يهدف إلى تذكير العالم بمسئوليته الجماعية من أجل مستقبل الموئل البشري. يُذكر أن الاحتفال باليوم العالمي للموئل تم للمرة الأولى في عام 1986، تنفيذًا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 202/40 الصادر في 17 ديسمبر 1985، والذى نص على أن يكون الاثنين الأول من شهر أكتوبر من كل عام يومًا عالميًا للموئل، وكان الاحتفال فى ذلك العام تحت شعار "حقي في المأوى"؛ وقد استضافته مدينة نيروبي. وشملت الاحتفالات اللاحقة مواضيع أخرى مثل: "توفير المأوى للمشردين" (1987، نيويورك)، "المأوى والتحضر" (1990، لندن)، "مدن المستقبل" (1997، بون)، "مدن أكثر أمنًا" (1998، دبي)؛ "المرأة في الحكم الحضري" (2000، جامايكا)، "مدن دون أحياء فقيرة" (2001، فوكوكا)، "المياه والصرف الصحي للمدن" (2003، ريو دي جانيرو)، و"تخطيطنا الحضري في المستقبل" (2009، واشنطن العاصمة). وفى هذا الإطار، يأتى الاحتفال هذا العام تأكيدًا على الدور الذى تلعبه المدن كمحركات النمو نظرًا لأن الكثيرين يدركون أن أحلامهم فى المدن تكون حياة أفضل، وحتى لو لم يتحقق هذا، فلا يزال كثيرون يغادرون المناطق الريفية إلى المدن بحثًا عن مستقبل أفضل وحسب. ولذا، يريد موئل الأممالمتحدة أن يؤكد على الحاجة إلى تخطيط مدننا تخطيطًا أفضل لأن النمو العشوائي للمدن يؤدي إلى الفوضى والزحف العمراني، حيث تستطيع المدن مواصلة تقديم المزيد من الفرص للمقيمين على حد سواء في الحاضر أو في والمستقبل عندما يخطط لها جيدًا. ومن هذا المنطلق، أولت الحكومة البحرينية قضية التنمية الحضرية والعمرانية في كافة المدن والقرى أهمية خاصة، من خلال تركيز برامج عملها وخططها على الارتقاء بأوضاع كافة المناطق وفق أحدث الأساليب وبما يلبي طموحات المواطنين، وهو ما أكد عليه صراحة الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء فى رسالة بمناسبة هذا اليوم، وذلك بقوله: "أهمية بناء شراكة دولية من شأنها أن تسهم في القضاء على مظاهر التفاوت الحضري القائم بين الدول والشعوب، لأن ذلك سوف يقلل من مخاطر التحديات السياسية التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين.. وأن طبيعة التهديدات التي يمر بها العالم تحتاج إلى استجابات ديناميكية ونظرة مستقبلية من كافة أطراف المجتمع الدولي هدفها تعزيز النمو الحضري وفق معايير أكثر عدالة تستفيد منها الدول الفقيرة والأكثر احتياجًا". واتساقًا مع ذلك، اعتمدت المملكة على رؤية تنموية متكاملة تهتم بتعزيز البنية التحتية، والارتقاء بمعدلات التنمية الشاملة، وجودة مستوى الخدمات التعليمية والصحية، والإسكانية، ومستوى المعيشة، ودلل على ذلك الوضع المتميز والمتقدم الذى حظيت به المملكة فى تقارير التنمية البشرية الإقليمية والعالمية لسنوات عدة، وذلك لما حققته من طفرة حضرية وعمرانية في حافظت على التوازن بين متطلبات التحديث والقيمة التاريخية والتراثية التي تتميز بها هذه المدينة العريقة، مع عدم المساس بنسيجها العمراني، مما جعلها نموذجًا سيتم تطبيقه في العديد من مدن المملكة في المستقبل من ناحية، ويؤكد على نجاح منظومة التنمية الحضرية والعمرانية في البلاد من ناحية ثانية، ويترجم نجاح الحكومة في مساعيها المستمرة لتحقيق الرفاهية لجميع مواطنيها من ناحية ثالثة. ومن الجدير بالإشارة أن تلك الرؤية تأتى فى إطار تنفيذ الخطط الاستراتيجية التي وضعها برنامج "الموئل"، باعتبارها الأداة التي ستساعد على تهيئة الظروف المناسبة لوقف نمو الأحياء الفقيرة، وتلبية متطلبات التنمية المستدامة وبالتالي الإسهام بشكل مباشر في التصدي لظاهرة الزحف الحضري والنمو العشوائي للمدن، ضمن جهود العالم من أجل التوصل إلى آليات واقعية تتعامل مع ظاهرة التغير المتسارع في المدن، من خلال الارتكاز على التخطيط الجيد الذى يحقق المعادلة بين خصوصيات المدن تاريخيًا وثقافيًا، والضرورات التي تفرضها عمليات التطوير والتحديث، سعيًا إلى الارتقاء بالأوضاع المعيشية والحياتية للشعوب التي تعاني من وطأة الفقر والعوز والحاجة، وذلك من خلال شراكة أكثر فاعلية بين الدول والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني، وأن تضع في الاعتبار أن الأمن الجماعي الدولي مرتبط بتحقيق التنمية وديمومتها. خلاصة القول أن الحكومة البحرينية مستمرة وفق منهجية واضحة في تحقيق التنمية الحضرية في كافة مدن وقرى المملكة، أخذًا فى الاعتبار خصوصية كل المناطق، خاصة تلك التي تتميز بطابعها التاريخي والتراثي، وأن الإعمار والتنمية هي عملية ديناميكة ومستمرة، مستهدفة تحقيق جودة أرقى ومستوى أفضل لحياة جميع الموجودين على أرض المملكة، مواطنين ومقيمين.