سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بعد تراجع بريطانيا وألمانيا.. نكشف أسباب رفض حلفاء أمريكا محاربة "داعش".. لندن تفقد الثقة في حليفتها الكبرى.. وبرلين تخضع للضغط الشعبي.. وخبراء يحذرون واشنطن من التورط مجددًا في مستنقع بلاد الرافدين
بعد الإعلان الأمريكي عن التحالف الدولى لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" بدأ هذا التحالف في الانفراط والتفكك واحدًا تلو الآخر في ظل تضارب المصالح بين الدول الغربية الكبرى، فأضحى موقف كل دولة من دول التحالف ملتبسا حول المساعدات العسكرية في الحرب وبه كثير من الغموض، وهو ما جعل بعض المحللين يرجحون أن تقف الولاياتالمتحدةالأمريكية بمفردها في هذه الحرب. وقد تراجع بعض الدول الأوروبية عن قرارها بالتدخل العسكري ضد داعش خشية تورطها في حرب يبدو عليها علامات الفشل مثل حرب العراق السابقة التي انتهت بالفشل الذريع، كما أن نظرة الغرب ليست دقيقة في محاربة الإرهاب بعد أن حصرته في ميدان أو ميدانين كالعراقوسوريا، وهو ما لن يحقق الهدف المنشود. ويكفي النظر إلى الخريطة العامة، بدءا من الشمال الإفريقي وصولا إلى ما وراء حدود بلاد الرافدين وإيران، مرورًا بشبه الجزيرة العربية وبلاد الشام كلها، والتي لا يقل المشهد فيها قساوة عن العراقوسوريا بل إنها تعتبر تهديدًا صريحا للسلم العالمي بسبب ما يجري على أيدي "داعش" و"النصرة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية. وحذر محلل سياسي أمريكي من مخاطر التدخل العسكري الأمريكي ضد تنظيم "داعش"، معتبرًا أن الولاياتالمتحدة تجذب بذلك انتباه التنظيم إليها وتساعده على تجنيد المزيد من المقاتلين، خاصة أن داعش ليس لديها خطط إقامة "خلافة" بأمريكا، ولا تهدد واشنطن. وأضاف أنه ليس من ضروري تدخل كل من أمريكا وأوروبا في هذه الحرب، لأن الجيش العراقي قوى ويستطيع أن يحارب تنظيم "داعش"، كما أنه حقق العديد من الانتصارات في العراق إضافة إلى جيش حزب الله والجيش الإيراني، فإذا تم التعاون بين الجيوش العربية فستنجح المواجهة وبالتأكيد سينتهى أمر "داعش" تمامًا. وقال نيك جيلسبي، كبير محرري مجلة "ريزون" الأمريكية: إن " تنظيم داعش يشكل خطرًا على العراقوسوريا والشرق الأوسط كله، ولكنه لا يهدد أمريكا، وهذا ما تقر به وزارة الأمن الداخلي الأمريكي ومكتب التحقيق الفيدرالي". وتابع جيلسبي بالقول: "بحال قمنا بشن حملة ضد التنظيم في سورياوالعراق فسنكون قد دفعنا التنظيم إلى المجال الدولي، فهو كان يطلق على نفسه اسم الدولة الإسلامية في العراق والشام، وليس الدولة الإسلامية في العراق والشام وميتشيجن"، مضيفا أنه "بتحركنا ضد داعش فنحن نشد انتباهه إلى أمريكا في حين أن في العراق هناك جيش من ربع مليون جندي، وفي إيران جيش من نصف مليون جندي، إلى جانب القوات الموجودة في سوريا والأكراد وهي جيوش قادرة على قتاله عوضا عن أن نقوم باجتذابه إلينا". وحذر جيلسبي من مخاطر تعزيز قوة التنظيم بحال قتال أمريكا له قائلا: "إن ذهابنا إلى الشرق الأوسط لقتال داعش يعزز قدرة التنظيم على تجنيد عناصر ويظهر نفسه على أنه يخوض حربًا مع قوى تقاتل بالوكالة عن أمريكا". من ناحية أخرى أعلن رئيس الوزراء الأسبق "تونى بلير" أنه يرغب في التدخل في الحرب على التنظيم الإرهابى "داعش" بينما ترفض الحكومة البريطانية نهائيا التورط في هذه الحرب، لأنها دفعت ثمن انخراطها في حرب العراق سابقا. وأكد "بلير" أنه يرغب في رؤية جنود بلاده يقاتلون تنظيم "داعش" في العراق جنبًا إلى جنب مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، مضيفا أن الخبرات التي تعلمها الغرب توضح أنه لو لم تتم محاربة "المتطرفين" على الأرض فإنه لا يمكن هزيمتهم بل يمكن احتواؤهم فقط، مشددا على أنه سيكون من الافضل بالطبع لو أن الجنود المطلوب إرسالهم لمقاتلة " داعش" يتم تجنيدهم من دول الجوار. وكان بلير قد أكد قبل عدة أشهر أن العنف الذي يشهده العراق أمر "متوقع" وجاء نتيجة "تقاعس الغرب" في حل الأزمة السورية. وأوضح أن "الاستيلاء على الموصل من قبل المسلحين السنة كان مخططًا له من داخل الحدود السورية ". ويعد بلير من اشد الداعين لفكرة التدخل العسكري لحل الأزمات في الخارج وهو ما يعرضه لانتقادات متكررة، وبعد إعلان واشنطن أن دولًا أبدت استعدادها لشنّ ضربات جوية على متشددي داعش في سوريا، وقالت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سامانثا باور، إن الولاياتالمتحدة "لن تشنّ الضربات الجوية بمفردها. وتوقعت السفيرة الأمريكية في الأممالمتحدة سمانثا باور ألا تكون بلادها وحيدة في حال اتخذ قرار شنّ غارات جوية ضد تنظيم داعش في سوريا. ولكن جددت الحكومة الألمانية، على لسان وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير، رفضها المشاركة في توجيه ضربات جوية ضد مواقع تنظيم " داعش" أو نشر قوات على الأرض بالعراق. وأكد وزير الخارجية الألماني أن المشاركة ستكون في مراقبة جوية في شمال البلاد، معتبرا أن هذه المطالب "لا تتوافق بتاتا". وأضاف شتاينماير أن القرارات التي اتخذتها برلين كإرسال أسلحة إلى المقاتلين الأكراد للتمكن من الدفاع عن أنفسهم ضد هذا التنظيم الإرهابي "لم يكن من السهل اتخاذها"، ورفض الوزير الاشتراكي الديمقراطي فرضية أن الضربات الجوية الفرنسية الأمريكية ضد تنظيم "داعش" يمكن أن تضع برلين تحت الضغط. وفي سياق متصل كشفت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن الممول الحقيقي لتنظيم "داعش"، مؤكدة أن "أفرادا ورجال أعمال مسئولون عن تمويل هذا التنظيم المتشدد وليس الحكومات". وأضاف التقرير أن التنظيم استفاد من وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة للترويج لنفسه، ولتجنيد أتباع له وللحصول على أموال طائلة وكم هائل من الأسلحة" بحسب الدبلوماسي السابق في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، مارك ولس، رئيس شركة الأبحاث الجديدة. وأشار التقرير إلى أن العديد من الدبلوماسيين قلقون من تمتع تنظيم داعش بكم هائل من الأموال بحسب مسئول رفيع المستوى في الإدارة الأمريكية، مضيفًا أنه "تم الاستيلاء على بعض الأسلحة التي يمتلكونها من مخلفات الجيش العراقي، إلا أن الكثيرين يعتقدون أن الموالين للتنظيم هم المسئولون عن مده بالأسلحة التي يحصلون عليها من السوق السوداء، فعلى سبيل المثال، يعمل تنظيم الدولة الإسلامية على تهريب البترول من المناطق التي يسيطر عليها في شمال العراق ليباع في تركيا".