- جعفر نميري.. من قصر الرئاسة بالخرطوم إلى مرسى مطروح. - منصور الكيخيا وزير الخارجية الليبي.. اللاجئ المختفي. - أطرف المواقف.. فريق كرة القدم الأثيوبي يرفض العودة لبلاده سنة 1992. في الوقت الذي تشهد فيه منطقة الشرق الأوسط تطورات على الساحة السياسية والأنظمة الحاكمة في دول الربيع العربي، تزايدت نسبة اللاجئين من تلك البلدان إلى مصر؛ كونها أولى البلاد التي شهدت ثورة ضد نظام الحكم فيها بعد تونس، هدأت فيها الأوضاع نسبيًّا، مقارنة بالدول التي تعاني من مواجهات مسلحة بين القوات النظامية والثوار من جهة، ووصول الأمر إلى الإضرار بالمدنيين من جهة أخرى. وكشف تقرير رسمي لمفوضية شئون اللاجئين بالقاهرة –مؤخرًا- عن تزايد عدد اللاجئين في مصر في الفترة الأخيرة ليصل إلى أرقام قياسية، وذلك بعد تدهور الأوضاع في سوريا، ولجوء الكثير من مواطني دول الربيع العربي، وتحديدًا ليبيا واليمن، بالإضافة إلى سوريا بطبيعة الحال.. ويشير التقرير الأممي أن العراق كانت تحتل المركز الثاني بعد السودان من حيث عدد اللاجئين إلى مصر، لكن يبدو أن هذا الترتيب سيتغير في ضوء تصاعد الأزمة السورية؛ حيث وصل عدد السوريين الذين قاموا باللجوء إلى مصر لما يزيد عن ال6000 لاجئ، حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن مصلحة الجوزات، لكن يبدو أن هناك بوادر لهجرة غير شرعية لعشرات الآلاف من السوريين إلى مصر، وذلك في الاحتمالات المرتقبة التي ستقدم عليها مصر خلال الأيام القادمة؛ بإغلاق السفارة المصرية في سوريا، وهو ما يعني إغلاق الباب الرسمي من قبل مصر لإعطاء تأشيرات للسوريين الراغبين لدخول مصر بشكل رسمي. يأتي هذا الموقف تجاه اللاجئين السوريين مع تغير وجهة النظر الرسمية تجاه النظام السوري، خاصة مع ظهور بوادر لاعتراف القاهرة بالتحالف الوطني المعارض، الذي ظهر مؤخرًا في الدوحة، والذي التقى بأعضائه مؤخرًا كامل عمرو وزير الخارجية المصري؛ وهذا سيؤدي إلى انعدام التواجد الرسمي في سوريا الأسد، على حد تعبير أكثر من مصدر دبلوماسي. غير أن هذا سينتج عنه بالضرورة إغلاق سفارة مصر في دمشق؛ وبالتالي زيادة الهجرة غير الشرعية للسوريين إلى مصر، بسبب التهديدات الأخيرة التي أعلن عنها الجيش الحر ضد كل البعثات الدبلوماسية العربية والأجنبية الممثلة في دمشق. اللاجئون أنواع.. هناك لاجئ لأسباب إنسانية، حيث تكثر في بلاده الأزمات والكوارث أو نزاعات الحرب، وتقترب أعداهم من النصف مليون. وهناك لاجئ لأسباب سياسية، ويقترب عددهم من العشرة آلاف لاجئ. واللاجئ -في تعريف القانون المصري والدولي- هو الشخص الذي يترك وطنه هربًا من الاضطهاد؛ بسبب اللون أو الدين أو الجنس، أو بسبب عضويته لجماعة اجتماعية معينة، أو إيمانه برأي سياسي معين، وهو في الإطار يطلب حماية هذا البلد والإقامة فيه. وقد استخدمت القيادة السياسية المصرية اللجوء السياسي كسلاح؛ لتحقيق بعض الأهداف السياسية في فترات معينة، فمثلاً استخدمه الرئيس عبد الناصر كسلاح لمحاربة الاستعمار ومساندة حركات التحرر الوطني؛ لذلك أمر بفتح الأبواب المصرية أمام كل الزعماء والقادة البارزين في الكفاح من أجل التحرر الوطني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكان في مقدمة كل هؤلاء الثوار العرب من أمثال بورقيبة، وبن بيلا، وغيرهما. وكانت القاهرة هي القاعدة التي تنطلق منها المشروعات السياسية لهؤلاء الثوار.. وعندما تولى الرئيس السادات تراجع عن هذه الظاهرة، وتحول لمحاربة الأنظمة العربية، التي ناصبته العداء بعد توقيع كامب ديفيد؛ ولذلك شهدت مصر وقتها موجة من اللاجئين المعارضين للعديد من الأنظمة العربية، وكان شاه إيران أشهر من استضافهم السادات. وتفيد المعلومات التاريخية أن أول لاجئ إلى مصر في القرن العشرين كان أحد أفراد عائلة قيصر روسيا، والذي هرب من روسيا بعد الثورة البلشيفية، وطلب اللجوء السياسي لمصر في عهد السلطان حسين عام 1917. أما أطرف طلب لجوء سياسي لمصر فكان طلب فريق كرة القدم الإثيوبي تحت 17 عامًا، والذي كان موجودًا في القاهرة عام 1992 لأداء مباراة مع الفريق المصري، ورفضت بعثة الفريق بالكامل (35 فردًا) العودة إلى إثيوبيا باستثناء فرد واحد. ويعد الرئيس السوداني الأسبق «جعفر النميري» من أشهر اللاجئين السياسيين الذين لجأوا إلى مصر هو وزوجته بعد الانقلاب الذي قام به الجيش السوداني ضده، وظل يعيش في مصر في الخفاء لسنوات طويلة. أيضًا عبد الخالق محجوب، رئيس وزراء السودان الأسبق، الذي كان لاجئًا في عهد جمال عبد الناصر، وبعد فترة من إقامته في مصر طلب السماح له بالعودة إلى السودان، فكان له ما أراد، وكانت المفاجأة أن تم إعدامه بعد أسابيع قليلة من وصوله السودان. وهناك أيضًا الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان الأسبق، إلى جانب عدد من اللاجئين السياسيين في مصر والذين تعرضوا للاغتيال؛ منهم صبحي عبد الحميد، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، والذي تعرض لمحاولة اغتيال في مصر عام 1972، وكذلك عبد الحميد البكوش، رئيس وزراء ليبيا الأسبق، والذي تعرض لمحاولة اغتيال عام 1979، ويبدو أن الإثارة تلازم اللاجئين الليبين لمصر؛ فما زال الغموض يكتنف اختفاء وزير الخارجية الليبي السابق «منصور الكيخيا» الذي لجأ إلى القاهرة. والظاهرة الملفتة للنظر في عالم اللجوء السياسي لمصر أن عددًا من اللاجئين عادوا إلى بلادهم ليتولوا مقاليد الحكم، وآخرين لجأوا إلى القاهرة بعد أن فقدوا ملكهم. ومن بين اللاجئين الذين تحولوا إلى رؤساء بعدما عادوا إلى بلادهم، رئيس العراق الأسبق، صدام حسين، وشكري القوتلي، اللاجئ السوري الذي لجأ إلى مصر عام 1950، وعاد إلى سوريا عام 1954 كرئيس.. وكذلك الحبيب بورقيبة، الذي عاش في مصر فترة طويلة، قاد خلالها الكفاح ضد الاستعمار. أما أشهر من فقدوا ملكهم ولجأوا إلى مصر فيأتي على رأسهم الشيخ إدريس السنوسي، ملك ليبيا، ومحمد رضا بهلوي، شاه إيران، الذي استضافته مصر وتُوفي بها عام 1979، وأيضًا المشير عبد الله السلال، رئيس جمهورية اليمن السابق، كما تم استضافة أحمد زوغو، ملك ألبانيا، بعد سقوط عرشه على يد الألمان عام 1952، أما أشهر اللاجئين العرب فهناك سعد المريسي اليمني، الذى عارض دخول الشماليين لليمن الجنوبي، ولجأ إلى مصر عام 1992، وحضر إليها من إريتريا بتأشيرة مزورة. وهناك أيضا عرفان وجدي، وزير كلية الأركان العربية العراقية الأسبق والملحق العسكرى لسفارة العراقبالقاهرة، والذي قدم إلى مصر عقب قيادته حملة لتطهير الجيش العراقي فطرده النظام عام 1968، فلم يجد أمامه سوى مصر. أما أشهر وأبرز اللاجئين الأفارقة ففي المقدمة يأتي الزعيم الأفريقي لومومبا وأولاده، وأيضًا زوجة نكروما.. والقائمة طويلة للاجئين وجدوا في مصر الأرض التي تحتويهم بعدما عانوا في بلادهم.. وحسب رأي أكثر من باحث في القانون الدولي؛ فالاتفاقيات كفلت لهؤلاء اللاجئين ضرورة المعاملة المماثلة للمواطن العادي، لكل لاجئ هو وأفراد أسرته، وحقه مكفول في التعليم وممارسة شعائره الدينية. وعن جواز طرد هذا اللاجئ من أراضي الدولة التي لجأ اليها.. أجمع خبراء القانون الدولي على أنه ليس من حق الدول المتعاقدة في الاتفاقيات الدولية الخاصة باللاجئين طرد اللاجئ المقيم بصفة شرعية إلا لأسباب تتعلق بالأمن العام.