في إحدى أماكن الاستقبال داخل مستشفى 57357 كان يجلس بجانب والده، نظراته كانت محدودة، ركعت على ركبتي في الأرض أمامه وبدأنا حديثنا سويًا والذي لم يتعد الخمس كلمات. رفع أصابعه الأربعة وخبأ الخامس مع ابتسامه مكتومه لتكن إجابته حين سألته عن سنه، وكنت قبلها قد سالته عن اسمه قال في حروف متقطعة "أنا حازم"، كان أغلب الوقت يجلس صامتا وكأنه لا يعرف شيئًا عن ما بداخله، هاجمه السرطان في دمه. والده عم سعيد السيد من الشرقية، لم يتخل عن زي أولاد البلد ليلبس زي المدينة ولكنه حضر بجلابيته الرصاصية ليعالج ابنه من مرض فتك بكثير من الأطفال، نظر لوالده وابتسم قائلا: "بص لعمو علشان تتصور ما تتكسفش، وقوله شكرًا على الفانوس"، تلك كانت كلماته لحازم ابنه حين استأذنته أن ألتقط لحازم صورة، لم يمانع على الإطلاق ونظر لي الولد وابتسم خصوصًا بعدما أخذ الفانوس. "لما ربنا يشفيه الأول أبقى أقول أنا نفسي أشوف إبني أيه، أنا أتمنى أنه يكون حاجة كبيرة بس أهم حاجة ربنا يشفيه الأول" بين كلماته تلك كانت الإجابة على سؤالي حين قلت له "نفسك ابنك يطلع أيه"، في النهاية أنهى حديثه قائلا: "ربنا إن شاء الله يعوضني فيه الأيام دي ويطلع دكتور أو محامي بعد ما يبقى سليم". رغم حزن والده هزم حازم هذا الحزن بابتسامة خفيفة كانت تقول دائمًا "الأمل"، وكما نقول دائمًا "صحيح الضنى غالٍ". الصورة القادمة مروان مبتسمًا.. أنا نفسي أطلع مهندس.