لم تكن استقالة طارق عامر، من رئاسة البنك الأهلي المصري، مفاجئة لأولئك المحيطين بالرجل، خاصة وأنه طرح من قبل رغبته في الرحيل من البنك الأكبر في مصر. لقد كان السبب المباشر في الاستقال، كما أشار بعض المصرفيين إلى صدور قرار من رئيس الوزراء بوضع حد أقصى للرواتب بالبنوك المصرية، بحيث لا يتجاوز الراتب والبدلات والحوافز مبلغ المائة ألف جنيه شهرياً، في حين يتجاوز ما يحصل عليه “,”عامر“,” من منصبه في البنك مبلغ الربع مليون جنيه شهرياً. لكن لا شك أن هناك أسبابا أخرى عديدة ربما من أهمها ذلك التوافق والتشابه في الرؤى الذي جمع طارق عامر بالدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزي المستقيل، والذى ليس بنفس الدرجة بين “,”عامر“,” وهشام رامز المحافظ الجديد للمركزي. فضلا عن ذلك فإن خروج طارق عامر من المشهد الاقتصادى المصري في ظل الظروف الحالية التى تقف عائقا أمام تحقيق أي إنجازات مصرفية مثل تلك التي حققها خلال السنوات الثلاث الأولى لرئاسته بالبنك. لقد تولى “,”عامر“,” رئاسة البنك الأهلى عام 2008 بمباركة من الدكتور فاروق العقدة محافظ البنك المركزى، خلفا لحسين عبدالعزيز، حيث عملا معا في الولاياتالمتحدة في بنك أوف أمريكا، ثم استعان به “,”العقدة“,” للعمل كنائب له في المركزي. إن طارق عامر يستحق بجدارة لقب “,”العمدة“,” بين المصرفيين المصريين نظراً للتغيير الكبير الذي استطاع أن يحققه في البنك الأهلي والذي تمثل في تطور مذهل في الخدمات المقدمة للعملاء بما يفوق كثيرا من البنوك الأجنبية. ولا شك أن انفتاح الرجل على الصحافة والإعلام واتساع لقاءاته بالصحفيين الاقتصاديين، فضلا عن كتابته لمقالات عديدة في الصحف جعلت منه شخصية محورية لها ثقلها وحضورها الإعلامي. فضلا عن ذلك فإن دخوله حلبة السياسة من باب رد الاعتبار إلى عمه المشير عبدالحكيم عامر، وتقديمه مستندات وأوراق ترفض قصة انتحاره وتحاول أن تحولّه إلى ضحية للنظام الناصري ساهم في تعظيم ذلك الحضور. طارق عامر ذلك المصرفي الصارم الذي استطاع ببعض المودة والدعابة أن يحوز رضا ومحبة كثير من القيادات الوسطى في البنك الأهلي، فضلا عن لقاءاته القوية بالمستثمرين ورجال الأعمال، كسب موقعاً متميزاً في تاريخ العمل المصرفي لينضم بذلك إلى قائمة المصرفيين المخضرمين أمثال عبدالمنعم رشدي، وعبدالمنعم القيسوني، وعلي نجم، ومحمود عبدالعزيز، وعادل اللبان.