تتحسب السلطات الأفغانية كثيرا للتداعيات التى قد تترتب على انسحاب الولاياتالمتحدة عسكريا من أفغانستان بنهاية العام الجارى وما قد يترتب على ذلك من آثار اقتصادية ، ويقول المراقبون إن الإنفاق الأمريكى البذخ على أفغانستان بهدف تثبيت ركائز نظام حامد قرضاى منذ العام 2001 والذى أدى إلى فورة نمو للاقتصاد الأفغانى عكسها ارتفاع النتاتج المحلى الإجمالى بنسب دارت حول 14 فى المائة سنويا قد لا يدوم، ويتوقع المراقبون ألا يتجاوز نمو ناتج افغانستان المحلى الإجمالى بنهاية العام الجارى نسبة 2ر3 فى المائة بمجرد انسحاب الأمريكان منه ، لكن حسابات المكسب العسكرى والأمنى هى جانب أخر من معادلة المكسب والخسارة فى افغانستان تطرح نفسها بقوة بعد إبرام صفقة التبادل التى رعتها قطر بين طالبان وواشنطن التى ينظر إليها على أنها داعم تقليدى لنظام حكم حامد قرضاى فى أفغانستان فى مواجهة طالبان . وتركز السلطات الأفغانية حاليا على تأمين الداخل الوطنى واستمالة عناصر طالبان قدر الإمكان ، وتلعب قطر دورا يثير علامات الاستفهام فى هذا الصدد وهى البلد الوحيد الذى أقام علاقات شبه دبلوماسية مع طالبان وافتتح على أراضيه مكتب تمثيل لطالبان فى العام الماضى يقع خارج العاصمة القطرية ، وفى مطلع يونيو توسطت قطر لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية والسلطات الأفغانية لتسهيل الإفراج عن خمسة من قيادات طالبان الموجودين فى جوانتانامو فى الولاياتالمتحدة وهو ما استجابت له السلطات الأمريكية بشرط الإبقاء عليهم فى قطر تحت المراقبة الأمنية لمدة عام وهو الشرط الذى انتقدته الحكومة الأفغانية . ويرى المراقبون أن صفقة مبادلة سجناء طالبان فى جوانتانامو مقابل إطلاق الحركة سراح العريف الأمريكى بوى بيرجاديل الذى اختطفته طالبان فى منطقة باكتيا الأفغانية عام 2009 قد حققت نصرا سياسيا لإدارة الرئيس باراك اوباما رغم عدم سعادة الحكومة الأفغانية بالشكل والشروط التى تمت بها الصفقة ، كما تعتبر الحكومة الأفغانية أن إطلاق سراح زعماء طالبان الخمسة بمثابة قنبلة موقوتة أهدتها إليها قطر والحكومة الأمريكية بما ينطوى عليه ذلك من احتمالات إثارة للعنف من جانب طالبان التى هى على عداء سافر مع نظام قرضاى ، وقد عبرت الحكومة الأفغانية عن مخاوفها تلك فى كتاب أرسلته خارجيتها إلى إدارة اوباما تطلب فيه إيضاحات عن حقيقة الدور القطرى فى الصفقة ودوافعه فى وقت أعلنت فيه طلبان الأفغانية أن صفقة التبادل التى أبرمتها مع الإدارة الأمريكية بوساطة قطرية شكلت مكسبا عسكريا وسياسيا كبيرا لها ووصفته بأنه سيكون فاتحة الانتصارات التى ستقارب بين طالبان و بين "نصر كبير" تنتظره الحركة لم تكشف عن مضمونه . ويتخوف المراقبون من إمكانية قيام طالبان الأفغانية بفتح قنوات اتصال بينها وبين قادتها الخمسة المفرج عنهم والمتواجدين فى قطر والقادة الذين وصفتهم بيان لطالبان الأفغانية بأنه "رجال حرب وقتال .. لا يسعدهم الجلوس إلى جانب أجهزة التكييف فى قطر" وهو ما اعتبره المراقبون على أنه إشارة إلى احتمال قيام المفرج عنهم الخمسة بتدبير عمليات عنف جديدة ، ويرى خبراء فى مكافحة الإرهاب أن فجوة المسافة بين قطروأفغانستان قد لا تشكل عائقا كبيرا أمام التواصل بين طالبان الأم وقياداتها الخمسة المتواجدين فى قطر. ويعتبر الخبراء أن طالبان قد أثبتت أن بعد المسافات لا يشكل عائقا أمام إجراء الاتصالات مع قيادتها ويدل على ذلك أن 95 فى المائة من قادة طالبان كانوا فى خارج أفغانستان إبان تفجيرات الحادى عشر من سبتمبر 2011 وكانت واشنطن قد بدأت مفاوضاتها مع طالبان الأفغانية للافراج عن عريفها المحتجز لديها مطلع العام الماضى وكانت الفترة التى سيقضيها قادة طالبان الخمسة المفرج عنها من جوانتانامو فى قطر هى موضع الخلاف فبينما تمسكت واشنطن فى بادىء الأمر بأن يكون بقاؤهم فى قطر مؤبدا تشددت طالبان على ألا تتجاوز مدة بقائهم فى قطر عاما على الأكثر ونجحت طالبان فى فرض مطلبها على واشنطن . ونقلت تقارير إخبارية عن الملا محمد فاضل أحد قادة طالبان قوله إن صفقة مبادلة العريف الأمريكى بقيادات طالبان الخمس لا تعنى موافقة طالبان على إبرام اتفاقات مصالحة مع نظام قرضاى . وجاءت صفقة المبادلة بعد أيام من زيارة الرئيس الأمريكى باراك اوباما للقوات الأمريكية المتواجدة فى قاعدة باجرام فى أفغانستان فى الخامس والعشرين من مايو الماضى والتى لم يقابل فيها اوباما نظيره الأفغانى حامد قرضاى ، كما أن هذه الزيارة شهدت ارتباكا تم فيه الكشف بطريق الخطأ عن اسم مسئول المخابرات الأمريكية فى أفغانستان الذى كان مديرا لمحطة عمليات كابول عاصمة افغانستان نتيجة خطأ بروتوكولى من الجانب الأمريكى أدى إلى ترحيله وعائلته خشية الانتقام منهم وكان موضوعا طريفا نشرته الواشنطن بوست فى حينها وكذلك أعقب زيارة اوباما نفسها حادث مؤسف سقط فيه خمسة من العسكريين الأمريكيين قتلى بنيران صديقة فى منطقة كابول الأفغانية أثناء تدريب مشترك بين قوات التحالف والقوات الأمريكية والقوات الأفغانية .