"إغلاق دار ميريت مع سبق الإصرار والترصد علامة سوداء على سوء أحوال الثقافة المصرية".. هكذا عبر الروائى سعيد الكفراوى عن حزنه الشديد من الأزمة المالية التي تواجهها دار ميريت والتي تهدد صاحبها محمد هاشم بتغيير مقر الدار، مضيفا في شهادته حول "ميريت" أن صاحبها محمد هاشم حول المقر إلى مكان لتفعيل الثقافة المصرية فى زمن يتجاوز ال20 عاما استطاع خلالها أن يقدم الإبداع المصرى والعربى ويتبنى تيارات جديدة فى الرواية والقصة وفى النقد وفى الفكر الإنسانى، بل ومن خلال هذا المكان تكونت تيارات فى السياسة كانت مناصرة للمعارضة وللحرية ولفعل الحرية. ولفت "الكفراوى" إلى أن "ميريت" ظلت على مدى تاريخها مكانا لحركات الرفض التى كانت تنطلق منها لتظل بعدها مقرا وبديلا لعدد كبير من المثقفين عن مقاهى ثقافية منها مقهى ريش وفينكس ومكتبات اليسار فى الزمن الماضى حين عز المكان الثقافى. كانت ميريت هى الملاذ للشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم ومحمد البساطى ومحمد بدوى وإبراهيم منصور، وجاء صاحبها محمد هاشم هذا الرجل الطيب النبيل الذى يتصف ب"عناد الثيران" ليكون صاحب المحفل والمكان واللقاء الحسن لكل الكتاب من جميع الأجيال، مرددا قوله: سأحزن كثيرا أن تغلق "ميريت" لأنها دار نشر جيدة لأن غلقها بمثابة غلق نافذة من الجنة لأنها ظلت تحتفى بالرأى وتعارض ثم تفعل الثقافة المحترمة. واستطرد الكفراوى ليحكي عن المحبة التي غمرت الدار مؤكدا أنها طالت أجيال مختلفة، وهذا ما شجع أجيالا جديدة أن تمنح "هاشم" مؤلفاتها على الرغم من معرفتها بالأوضاع المالية التي تعانيها الدار وهى تشعر بالبهجة وتصر على النشر بها. أما عن الذكريات التي جمعته بأصدقاء" ميريت " يسترسل " الكفراوى " في التذكر: طرفة "نجم" كانت تضحكنا وكنا نستمتع بشاعرته وكانت جلساته حول البهجة تثير دهشتنا لقد كانت "ميريت" ملاذا لكتاب يأتون من قراهم البعيدة. أما عن الشخصيات التي لا يناسها الوسط الثقافي والتي ارتبطت بميريت فكان من بينها "إبراهيم أصلان ومحمد صالح" اللذين وصفهما "الكفراوى" بأنهما "قلب ميريت" لأنهما وقفا بشجاعة في مواجهة القهر وضد الثابت وهو ما جعل الدار رمزا للمعارضة التي أنتجت شعارات الثورة في 25 يناير "عيش حرية كرامة إنسانية" ومنها انطلق رموز التنوير المصري وهو ما أكسبها صورة مشرفة وضعتها في صدراة المشهد السياسي، وهذا تجلّى في كل المواقف الفكرية التي تبنتها من خلال تحمسها لنشر الفكر الطليعي الذى ظل طوال تاريخه يدافع عن فكر الهامش وكان شرارة في إشعال وعي منطقة وسط البلد، وهو ما سيجعلها في ذاكرة الكتابة هي وصاحبها ذو القلب واليد البيضاء.