بدأت القوى الاوروبية الكبرى تستشعر خطر تمدد قواعد الارهاب المتأسلم فى افريقيا جنوب الصحراء و بخاصة فى مناطق كانت مستعمرات اوروبية فى السابق و صارت فى الوقت الراهن مناطق نفوذ تقليدية لتلك القوى ، فبعد ان اكتوت فرنسا على مدار العامين الماضيين بنيران الارهاب فى مالى والصحراء الكبرى من مقاتلى القاعدة فى بلاد المغرب الاسلامى و حلفائهم ، و بعد ان استطاع وكلاء القاعدة فى غرب افريقيا و تمثلهم حركة بوكو حرام الاصولية المتطرفة فى شمال نيجيريا التمدد الى الكاميرون و اختطاف 200 فتاة لشهور. شهدت باريس فى السابع عشر من هذا الشهر مؤتمرا دعا اليه الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند قادة دول غرب افريقيا وفى مقدمتهم نيجيريا لبناء تحالف مشترك لمكافحة الارهاب فى هذا الاقليم ، وتبنى القادة الافارقة و نظرائهم الغربيين و فى مقدمتهم رئيس فرنسا خطة عمل مشتركة تشمل التعاون فى مجالات تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنشيط عمليات الاستطلاع الجوى لمناطق استهداف عناصر التطرف المسلحة وممارسة جهد تعبوى دولى ضد ممارسات حركة بوكو حرام والقاعدة فى افريقيا و فضح جرائمهم المستترة خلف الدعاية الدينية. واكدت حكومات بريطانيا و فرنسا و الولاياتالمتحدة دعمها الكامل لقوى بلدان غرب افريقيا و جيوشها فى شن حرب اقليمية على الارهاب فى الاقليم و تطهيره من عناصر القاعدة و العناصر التكفيرية التى تمارس اعمالا ارهابية و مواجهة العنف بما لا يتنافى مع قواعد احترام حقوق الانسان و حرياته و تقنين اجراءات القبض و الاحالة الى قضاء عادل و اكد القادة الافارقة و نظرائهم من فرنسا و بريطانيا و الولاياتالمتحدة على انه من اوجب واجبات حقوق الانسان القصاص لضحايا الارهاب بتقديم قاتليهم الى العدالة و تحرير المحتجزين و الرهائن و المروعين فى اوكار عناصر الارهاب و اطلاق سراح الطالبات المختطفات فى شمال نيجيريا . و تشمل خطة العمل لمواجهة الارهاب فى غرب افريقيا انشاء وحدة مخابرات مشتركة بين اجهزة الدول التى شاركت فى اجتماع 17 مايو الجارى فى العاصمة الفرنسية واعتماد خطة عمل لمكافحة الارهاب مع بلدان تجمع تعاون الحوض التشادى العظيم التى تضم النيجر و نيجيريا و تشاد و تكثيف برامج التدريب لقوات مكافحة الارهاب فى هذه الدول و تزويدها بما يلزم من عتاد قتالى، وتعهدت الدول الغربية بتسريع اجراءات فرض عقوبات دولية على قادة حركة بوكو حرام التى تعد ذراع القاعدة فى غرب افريقيا و مناصريهم و مموليهم واية دول داعمة لهم وهى الحركة التى اعتمدتها واشنطن كمنظمة ارهابية فى مارس الماضى و العمل مع الاممالمتحدة بفاعلية فى هذا الاطار ، و تشمل الخطة كذلك وضع اليات ميدانية لمواجهة تهريب الاسلحة والذخائر عبر حدود دول الاقليم و تحقيق مراقبتها جويا و اليكترونيا و فضائيا لرصد اية انتهاكات لجماعات الارهاب وتشديد المراقبة على مستودعات الاسلحة التابعة لجيوش وقوى امن دول الاقليم . و تعهد الرئيس النيجيرى جوناثان جوودلووك – الذى تقف بلاده فى خندق المواجهة فى الصف الاول فى الحرب على الارهاب فى غرب افريقيا – باستمرار العمليات العسكرية لاجتثاث عناصر التطرف فى بلاده و التعاون مع دول جوارها فى هذا الصدد مؤكدا على ان ارهاب حلفاء القاعدة فى غرب افريقيا بات يشكل تهديدا خطيرا للسلم و الامن الدولى و ان حركة بوكو حرام لم يعد خطرها تهديد محلى يخص نيجيريا وحدها مؤكدا عزم بلاده على تحرير الفتيات المختطفات و تقديم خاطفيهم الى العدالة مشيرا الى ان عدد القوات الامنية المتمركزة فى شمال نيجيريا بحثا عن الخاطفين بلغ 20 الفا وهى قوات مدربة على حروب العصابات و مشيرا كذلك الى ان مواجهة نيجيريا مع مسلحى بوكوحرام ليست وليدة الساعة بل تعود الى العام 2009 عندما بدأ التنظيم فى تبنى اجندة عمل مسلح فى شمال نيجيريا . وقال رئيس الكاميرون بول باييه ان انشطة القاعدة باتت تشكل تهديدا لاستقرار بلاده بعد ان قام 30 مسلحا من حركة بوكو حرام المتحالفة مع القاعدة فى الخامس من مايو الجارى باقتحام قاعدة كيسورى العسكرية التى تقع فى شمالى الكاميرون وقتل احد ضباطها . و فى اجتماعات باريس كذلك تعهد الرئيس التشادى ادريس ديبى بملاحقة عناصر التطرف المتأسلم التى نفذت 200 عملية قتل فى بلاده من خلال عمليات امنية و عسكرية و استخباراتية مشتركة ، و تحدث الرئيس الكاميرونى باول باييه بذات اللهجة العنيفة ضد عناصر حركة بوكو حرام الاصولية المتطرفة التى تسللت الى بلاده مبديا كل الاستعداد لطى صفحات الخلاف التقليدى مع جيران الكاميرون و فى مقدمتهم نيجيريا على موارد المياه و ترسيم الحدود و العمل الامنى و الاستخباراتى المشترك معها لتحقيق النصر على الارهاب الذى كانت اخر عملياته فى الساعات القليلية التى سبقت افتتاح اعمال مؤتمر باريس لمكافحة الارهاب فى غرب افريقيا باختطاف المسلحين المتشديين من حركة بوكو حرام عشرة افراد فى شمالى شرق الكاميرون وقتل عامل صينى الجنسية فى الاقليم حاول مقاومة الخاطفين . و الى جانب نيجيريا و الكاميرون و تشاد فقد شارك فى اجتماعات باريس قادة جمهوريتى بينين التى مثلها رئيسها بونى ياييه و و الى جانبه محمدو يوسفو رئيس جمهورية النيجر و شارك كذلك بالحضور مسئولون امنيون من الولاياتالمتحدة ووزير الخارجية البريطانى ويليام هيج . ويقول المراقبون ان القادة الافارقة ممن شاركوا فى الاجتماعات ودعوا اليها ابدوا وعيا تاما تجاه الفصل بين الحرب على الارهاب المدعومة من الولاياتالمتحدة و الاتحاد الاوروبى و بين استغلال تلك الحرب على الارهاب كذريعة لتدخلات عسكرية مباشرة من الغرب فى ارض افريقيا ، و شدد القادة الافارقة على انهم كفيلون بمواجهة الارهاب وانزال الهزيمة به فى ميادين المواجهة الافريقية و ان كل ما يحتاجونه من الغرب هو الدعم بالاسلحة و تبادل المعلومات والتدريب اذا لزم الامر وهو ما ابدى ممثلو الدول الغربية تفهما له و ابدت الولايت المتحدة كذلك تفهما له وهى التى تدير قيادة عسكرية افريقية يقع مقرها فى شتوتاجارت بالمانيا و عارضت بلدان افريقية عديدة نقلها الى داخل القارة . ومع استمرار ازمة اختطاف 200 فتاة من طلبة المدارس بشمال شرق نيجيريا بايدى الميليشيات المسلحة المتشددة و المتحالفة مع القاعدة قدمت بلدان مثل فرنسا و بريطانيا و اسرائيل و اسبانيا و الولاياتالمتحدة عروضا لتزويد نيجيريا و دول جوارها بطائرات استطلاع بدون طيار لدعم جهود فرق البحث الارضى عن الفتيات المختطفات . كما طالت انشطة القاعدة منظمات مسيحية فى شمال نيجيريا فوفقا للتقديرات الصادرة عن الكنيسة الكاثوليكية النيجيرية بلغت قيمة خسائرها جراء هجمات بوكوحرام 400 مليون نيرة نيجيرية "الدولار الامريكى يعادل 155 نيرة تقريبا" منذ بداية العام الجارى و شملت عمليات استهداف الحركة دور عبادة مسيحية و مجمعات خدمية و طبية و تعليمية تتبعها . وبعد ساعات من اختتام اعمال اجتماعات باريس و اقرار خطة عمل افريقية غربية مشتركة لمواجهة القاعدة وحليفتها بوكو حرام ، جاء الرد من جانب قوى الارهاب بعملية قتل جماعية نفذها مسلحو بوكو حرام فى ولاية بورنو بشمال نيجيريا لقى على خلفيتها 49 نيجيريا مصرعهم فى واقعة قتل عشوائى بشعة تستهدف ترويع سكان شمال نيجيريا الذى تسعى بوكوحرام الى فصها عن نيجيريا و اقامة ما تزعم انه دولة اسلامية – بمفهومهم - فى شمال نيجيريا التى يعيش فيها 170 مليونا غالبيتهم من المسلمين ، ويقول الكولونيل سامبو داسوقى مستشار الامن القومى النيجيرى انه وفقا لتقرير الامن فمنذ انطلاق الرصاصة الاولى من مسلحى بوكو حرام تحقيقا لهذا الهدف فى العام 2009 قتلت الحركة 12 الف مسلم فى نيجيريا ممن يعارضون افكارها المتطرفة و اصابت 8000 اخرين من الابرياء .