لم تمض أكثر من 24 ساعة على إعلان قادة 5 دول إفريقية ما وصفوه ب «الحرب» على جماعة «بوكو حرام» الدينية المتشددة فى نيجيريا، خلال اجتماع عقد فى قصر الإليزيه بباريس بدعوة من الرئيس فرنسوا هولاند، إلا وكانت مدينة كانو النيجيرية تهتز بعنف بفعل انفجار سيارة مفخخة يقودها «انتحارى» فى منطقة سياحية مزدحمة، الأمر الذى أدى إلى مقتل 4 أشخاص بالإضافة إلى منفذ الهجوم وإصابة آخرين، حسب ما ذكرت الشرطة النيجيرية. وفى الوقت الذى خشيت فيه فرنسا من فتور حالة الحماس تجاه محاربة إرهاب الجماعات المتشددة فى غرب أفريقيا وبخاصة جماعة بوكوحرام، فقد سارعت بعقد اجتماع باريس لوضع خطة تحرك إقليمية للتصدى للجماعة التى أصبحت تمثل «تهديدا كبيرا» ليس فى نيجيريا وحدها، ولكنها باتت تشكل تهديدا لجميع الدول المجاورة الواقعة فى غرب إفريقيا، وفى مقدمتها الكاميرون التى شهدت هجوما قبل أيام ارتكبته عناصر تابعة لجماعة بوكوحرام ضد عمال فى مصنع لشركة صينية تعمل فى الكاميرون، وأسفر الحادث عن مقتل مواطن صينى وفقدان عشرة عمال آخرين يعتقد أن المسلحين قاموا بخطفهم. ورغم اتفاق رؤساء نيجيريا، والكاميرون، والنيجر، وتشاد، وبنين، بمشاركة ممثلين عن الولاياتالمتحدة، وبريطانيا، والاتحاد الأوروبى، على ضرورة تنسيق الجهود لمكافحة هذه المجموعات المتشددة على المستوى الإقليمى، إلا أن خبراء ومحللين يشككون فى قدرة دول الغرب الأفريقى على دحر الإرهاب فى تلك المنطقة لعدة أسباب، أهمها ضعف القدرات العسكرية لهذه الدول، ووجود نزاعات حدودية بين بعض دول الإقليم وأبرزها النزاع بين نيجيرياوالكاميرون، إلى جانب انتشار الفقر بين شعوب هذه الدول بصورة كبيرة، وهو ما شدد عليه رئيس النيجر محمد إيسوفو خلال قمة باريس، بتأكيده على احتياج المنطقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بغية مكافحة البؤس الذى يسهل نشوء جماعات إرهابية على غرار «بوكو حرام». وما يثير القلق من تصاعد وتيرة الإرهاب فى غرب أفريقيا، أن جماعة بوكوحرام استقبلت بيان قمة باريس بإعلان الحرب ضدها بارتكاب المزيد من الهجمات الدامية، إذ بعد يوم واحد فقط من تفجير مدينة كانو أعلنت الشرطة النيجيرية عن احباطها لاعتداء جديد بسيارة مفخخة تم إبطال مفعولها قبل أن تنفجر فى نفس المدينة الواقعة شمال البلاد. فى المقابل، جاءت تصريحات الرؤساء الأفارقة الذين شاركوا فى قمة باريس لتعبر عن قلة الحيلة، ولم تزد على أقصى تقدير عن كونها مجرد تهديدات أو وعود فى الهواء، ومن هذا القبيل ما صرح به رئيس الكاميرون بول بيا، حين قال: «نحن هنا لنعلن الحرب على بوكو حرام»، دون أن يوضح عن أى حرب يتحدث وما هو توقيتها وحدودها وآلياتها. أما على المستوى الدولى، ورغم نشر طائرات أمريكية فى نيجيريا، وإرسال فرق مكافحة إرهاب من الولاياتالمتحدة وبريطانيا، فإن مصير الفتيات المخطوفات مايزال مجهولا، ورغم أن موقف باريس لم يحدد إجراءات عملية لمواجهة بوكوحرام عسكريا، وما أعلنه الرئيس الفرنسيى فرانسوا هولاند عن هدف القمة التى جمعته برؤساء الدول الأفريقية الخمس لم يزد على «تنسيق المعلومات الاستخباراتية، ومراقبة الحدود، والقدرة على التدخل فى حال الخطر»، إلا أن الزيارة المفاجئة التى قام بها وزير الدفاع الفرنسى جان إيف لودريان الأسبوع الماضى إلى بانجى عاصمة أفريقيا الوسطى، بعد زيارته لساحل العاج والسنغال، تشير إلى جهود فرنسية إضافية تبذل فى غرب ووسط أفريقيا، كما أن زيارة لودريان معسكر مبوكو حيث مقر قوة العملية العسكرية الفرنسية، جاءت فى إطار الجهود الفرنسية لتهيئة الأجواء لتدخل عسكرى محتمل سواء لتحرير الفتيات المختطفات لدى بوكوحرام، أو العمل على دحر معاقل هذه الجماعة المسلحة.