هناك سؤال مهم يجب الإجابة عليه بوضوح في تلك الأيام الفارقة، والسؤال هو: هل جماعة الإخوان تنظيم وطني ينتمي إلى مصر حقيقة أم أنه تنظيم دولي ينتمي إلى قوى خارجية مجهولة لنا؟ الإجابة عن هذا السؤال ستحدد لنا توصيف ما سيقوم به الشعب المصري يوم 30/6 وهل سيكون ثورة ضد نظام مستبد أم أنه مقاومة لاحتلال تسلل برفق وفرض نفسه على الشعب المصري واحتله ومارس سلطة الاحتلال من خلال خديعة كبرى؟ ولكي نعرف الإجابة يجب أن نقرأ عقل الإخوان، هم جماعة لا تؤمن بالوطن أصلا ويرون أن الجماعة أكبر من أي وطن، ولذلك لم أستغرب حين شتم مرشدهم السابق مصر حينما قال: “,”طظ في مصر“,” وأيضا لم أستغرب ما قاله من أن الجماعة تقبل أن يحكم مصر واحد من ماليزيا! الذي يقول هذا الكلام يمارس عقيدة تختلف عن عقيدة الانتماء للوطن، ولا أظن أن هذا الكلام كان خاصا بمهدي عاكف؛ إذ إن حسن البنا مرشدهم الأول حينما تكلم عن الوطنية والانتماء للوطن قال: إن وطن الجماعة تظلله سماء العالم، أي أن وطنهم ليس مصر ولكن كل العالم. من أجل هذا أنشأت الجماعة تنظيما دوليا، وهذا التنظيم الدولي له قيادة خارجية، وجماعة الإخوان في كل قطر من أقطار العالم تتبع هذا التنظيم الدولي، وتأتمر بأمره، وقراراته مقدمة على أي قرارات حتى ولو كانت قرارات شعب، لذلك قال مرسي للبشير حينما زار السودان، إنه لا مانع للإخوان من تسليمهم الأرض المصرية حلايب وشلاتين، وكذلك تجدهم يفرطون بكل أريحية بسيناء لمصلحة حماس، وتجدهم أيضا يضعون التشريعات التي تفصل منطقة قناة السويس عن مصر تحت مسمى “,”إقليم قناة السويس“,”. وفي خصوص قضايا مصر الإسلامية والوطنية المصيرية، بل وقضايا الأمة العربية كلها، نجدهم يحترفون بصددها رفع الشعارات فقط لمداعبة مشاعر البسطاء، أما الفعل فهو يخالف القول مخالفة مخزية، موقفهم من سد أثيوبيا متهافت وضعيف حتى إن مرسي صرح، بعد أن عاد من إثيوبيا أن هذا السد لن يؤثر في حصة مصر من المياه، وذلك دون أن ينتظر التقارير أو يسمع الخبراء، بل إنه عندما عقد اجتماعا مع بعض رجاله من الذين يفكرون على شاكلته أو ينافقونه من أجل مصالحهم قام بارتكاب جريمة خيانة عظمى يجب أن يحاكم بشأنها، فقد عقد اللقاء على الهواء وهو اللقاء الذي يناقش قضية أمن قومي خطيرة، وهذه أول مرة في التاريخ يحدث هذا الفعل الشائن، ومن أسف أن أحدا لم يحاسبه على هذا التفريط في الأمن القومي، وفي الفترة الأخيرة حدثت محاولات لتهريب وثائق مصرية خطيرة، وتم إهدار هذا التهريب بالصدفة البحتة. ولسنوات طويلة سمعنا ورأينا أيضا، مظاهرات إخوانية تخرج بهتافات صاخبة حماسية: “,”خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود“,” و“,”يا أقصانا لا تهتم راح نفديك بالروح والدم“,” وعاش شباب الإخوان المغيب الذي شوهوا عقله ومشاعره وهو غاضب وحانق على هذه الأنظمة الكفرية التي لا تحب الإسلام ولا تهتم بفلسطين ولا تحفل بالمسجد الأقصى، وحين كان غضب هؤلاء الشباب يشتد يزداد حنقهم على هذا النظام المهادن لإسرائيل والذي يسير طوعا لأمريكا فلا يفتح باب الجهاد، وحين قام شاب إسرائيلي إرهابي متعصب بقتل عدد من المصلين في المسجد الإبراهيمي بالقدس عند صلاة الفجر عام 1994 خرجت مظاهرات الإخوان في كل مكان وهي تصب جام غضبها على مبارك العميل الذي لا يسمح لهم بالجهاد والدفاع عن أولى القبلتين، حينها كنت في الإخوان وكنت أشاهد شبابا يبكون وفي ذات الوقت يلتمسون العذر لقيادات الجماعة التي لا تستطيع أن تفعل شيئا لفلسطين والأقصى إلا جمع التبرعات. وراحت الأيام وجاءت الأيام، وأصبح الإخوان حكاما ونظاما ورئيسا، ويقف مرسي بعد مائة يوم ليتحدث في استاد القاهرة عن إنجازاته، وأخذ يتحدث عن مصر أخرى غير التي نعرفها، مصر التي في خاطره هو، لا في واقعنا نحن، مصر التي تعيش حتما على كوكب آخر غير كوكب الأرض، وكان من البلاهة أن يصدق هو أو جماعته أن هناك إنجازات فعلا، ولكنني شاهدت شبابا من الإخوان يتحدثون عن إنجازات خيالية وكأنها حدثت، فأيقنت أن هناك من أصابهم بالبارانويا والهلاوس السمعية والبصرية، وهو مرض معروف في الأوساط الطبية النفسية، وفي ذات اليوم الذي كان فيه مرسيهم الغريب العجيب صاحب القدرات العقلية العجيبة يتحدث متفاخرا بإنجازات وهمية كانت إسرائيل تنتهك المسجد الأقصى، فإذا الأقصى الذي كانوا يبكون من أجله غائب عن قلوبهم ومشاعرهم، لم يقف أحدهم صارخا أو هاتفا، كلٌ نسوه ولم يعودوا يذكرونه في الحياة، والكون يدفن في ظلال الحكم حتى المقدسات، وفاتهم أن يطالبوا مرسيهم بفتح باب الجهاد. وتوالت الأحداث، ويكتب مرسيهم رسالة حب مفعمة بالمشاعر لصديقه الحميم شيمون بيريز، فلا يستنكر أحد من شبابهم المغيب هذا الفعل القبيح ويلتمس الأعذار لمن قدم فروض الطاعة والصداقة لإسرائيل، بل إن البعض اعتبرها حنكة سياسية، بمعنى أنها كانت حين تصدر من مبارك كانوا يعدونها خيانة وإذ تصدر من مرسيهم فهي الذكاء والألمعية، هكذا هي العقول الممسوخة تصدق كل ما يقال لها ولا تعمل عقلها لأنها فقدته من الأصل. أما أخطر الأشياء فهو أن أسرار مصر القومية وخرائطها الأصلية تقع الآن تحت حضن هذا الاحتلال، مصر واقعة تحت احتلال التنظيم الدولي للإخوان، ويجب أن يستشعر الجميع هذا، وعند الاحتلال يقوم الشعب بجيشه وشرطته بمقاومة هذا الاحتلال، والشعب سيخرج يوم 30/6 وننتظر أن ينضم الجيش والشرطة للشعب في مقاومة هذا الاحتلال.