أكد الدكتور أحمد معطي، الخبير الاقتصادي، أن قرار البنك المركزي المصري بخفض سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس يمثل خطوة مدروسة جاءت في إطار تراجع ملحوظ في معدلات التضخم، سواء على المستوى السنوي أو الشهري، وهو ما وفر مساحة مناسبة للتحرك في هذا الاتجاه. وأوضح معطي أن البيان الصادر عن البنك المركزي أشار بوضوح إلى أن المعدل السنوي للتضخم العام تراجع إلى 12%، في حين شهد التضخم الشهري تباطؤًا محدودًا مسجلًا 0.4% فقط للتضخم العام و0.1% للتضخم الأساسي. وأرجع هذا التراجع بالأساس إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية واستقرار نسبي في أسعار السلع غير الغذائية، الأمر الذي منح السياسة النقدية فرصة للتخفيف من مستويات الفائدة المرتفعة. وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن البنك المركزي عادة لا يبني قراراته على شهر واحد فقط، بل يدرس اتجاهات ممتدة لفترات زمنية أطول. وأضاف أن البيان أكد على تحسن توقعات التضخم خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وانحسار تدريجي للصدمات السابقة التي أثرت على السوق، وهو ما عزز من ثقة البنك في اتخاذ قرار الخفض. ولفت معطي إلى أن العامل الحاسم وراء هذا القرار هو اتساع الفجوة الإيجابية في ما يعرف ب"سعر الفائدة الحقيقي"، موضحًا أن سعر الإيداع يبلغ 22% مقابل معدل تضخم عند 12%، أي أن الفائدة الحقيقية وصلت إلى نحو 10%، وهو رقم كبير نسبيًا يتيح مجالًا واسعًا للتحرك. وأضاف أن هذا الخفض يساهم في تقليل أعباء خدمة الدين العام، كما يخفض تكلفة الاقتراض على الشركات والمؤسسات، وهو ما يدعم النشاط الاقتصادي ويعزز من معدلات النمو والإنتاج. كما شدد على أن البنك المركزي كان حذرًا في قراره، حيث اكتفى بخفض 1% فقط رغم أن بعض التوقعات كانت تشير إلى إمكانية الخفض بمقدار 2%. وأرجع ذلك إلى ترقب أثر ارتفاع أسعار الوقود خلال الفترة المقبلة، وهو ما قد يفرض ضغوطًا إضافية على معدلات التضخم، وبالتالي فإن التدرج في الخفض كان الخيار الأكثر أمانًا. واعتبر معطي أن القرار في مجمله مناسب وجيد جدًا للاقتصاد المصري، إذ سيوفر للدولة مبالغ مهمة من فاتورة خدمة الدين، ويحفز النشاط الاقتصادي المحلي، كما يساهم في توسيع محفظة القروض التي تمنحها البنوك. وأكد أن أي خفض في أسعار الفائدة يمثل خبرًا إيجابيًا للأسواق والاقتصاد بوجه عام. وأضاف أن البنك المركزي المصري يتابع باهتمام شديد توجهات السياسة النقدية العالمية، وخاصة قرارات الفيدرالي الأمريكي، مشيرًا إلى أن الأخير بدأ بالفعل دورة خفض للفائدة في اجتماعه السابق، ومن المتوقع أن يواصل الخفض في اجتماعه المقبل. وأكد أن هذا التوجه العالمي منح أيضًا مساحة إضافية للبنك المركزي المصري لاتخاذ قراره بخفض الفائدة. واختتم الدكتور أحمد معطي تصريحاته بالتأكيد على أن قرار خفض الفائدة في أكتوبر هو خطوة أولية، متوقعًا أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من الخفض التدريجي مع استقرار التضخم وتحسن المؤشرات الاقتصادية، بما يعزز من قدرة الاقتصاد المصري على استعادة نشاطه وتحقيق معدلات نمو مستدامة.