في بلد أنهكته الانقسامات الطائفية، وشلّه الجمود السياسي والانهيار الاقتصادي، يبرز الرئيس اللبناني وقائد الجيش اللبناني السابق العماد جوزيف عون كواحد من القادة القلائل الذين لا يزالون يتمتعون بقدر من الثقة والمصداقية، وسط تفكك شبه كامل لمؤسسات الدولة. ووفقًا لوكالة أسوشيتد برس، فإن لبنان بقيادة عون، بدأت في الأشهر الأخيرة باتخاذ خطوات أكثر فاعلية تجاه نزع السلاح غير الشرعي، وفي طليعته سلاح حزب الله، بالتوازي مع تحركات حكومية حذرة، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه التحركات تمثل بداية فعلية للإصلاح، وما إذا كان الجيش قادرًا على لعب دور الضامن في مرحلة انتقالية حاسمة. وتشير الوكالة إلى أن غياب السلطة التنفيذية عن المشهد، وانعدام فاعلية الطبقة السياسية، جعلا، الرئيس الحالي والقائد السابق للجيش اللبناني، الضامن الفعلي للاستقرار الأساسي في البلاد. وقد كرر عون تمسكه بحيادية المؤسسة العسكرية، ورفضه لاستخدام السلاح خارج الإطار الشرعي للدولة، ما عزز صورته كطرف وطني غير منحاز. ولعب الجيش دورًا محوريًا خلال السنوات الماضية في حماية الاحتجاجات السلمية ومنع انزلاقها إلى العنف، فضلًا عن تأمين الحدود ومكافحة التهريب، وتقديم الدعم اللوجستي والإنساني في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بحسب التقرير. وترى الوكالة أن إصلاحات محدودة بدأت بالظهور في بعض القطاعات، مثل الطاقة، والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبعض جوانب الإدارة العامة، إلا أن وتيرة التغيير لا تزال أبطأ من المطلوب، ما يجعل دور الجيش كعامل استقرار ورافعة ضغط ضرورة لا بد منها لاستمرار أي عملية إصلاح حقيقية. وفي ظل تآكل الثقة بمعظم الزعامات السياسية، تؤكد الوكالة أن جوزيف عون يحتفظ بصورة مختلفة، فهو لا يظهر كزعيم طائفي، بل يقدم نموذجًا لقائد عسكري يحترم الدستور ويتحرك ضمن أطر الشرعية، ما يعيد بعض الأمل بفكرة الدولة في لبنان، كما ترى بعض الدوائر السياسية والدبلوماسية. لكن الوكالة تشدد على أن الجيش وحده لا يستطيع إنقاذ لبنان، ما لم يكن هناك تنسيق فعلي بين المؤسسة العسكرية والحكومة والشعب، مدعومًا بإرادة سياسية واضحة. فدور الجيش يمكن أن يكون محوريًا، لكنه ليس بديلًا عن إصلاح سياسي شامل. وتختم أسوشيتد برس تقريرها بطرح سؤال جوهري: هل ستغتنم القوى السياسية اللبنانية هذه اللحظة النادرة لبناء شراكة فعلية مع المؤسسة العسكرية، أم ستستمر في تفويت الفرص كما اعتادت؟