منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر 2023، دأب الحوثيون على مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل، وكذا مهاجمة السفن الإسرائيلية المارة في البحر الأحمر، كنوع من التضامن مع الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يتعرض لحرب إبادة ممنهجة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما دعا إسرائيل لاتخاذ قرار الرد على الحوثيين في معاقلهم بمناطق سيطرتهم في جغرافيا شمال اليمن. وفي هذا الصدد شنت إسرائيل هجماتها المتكررة على موانئ الحوثيين في اليمن والتي كانت آخرها هجمات ليلة السادس من يوليو الجاري، حيث استهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف على البحر الأحمر، ومحطة رأس قنتيب للطاقة، وسفينة الشحن جالاكسي ليدر - التي اختطفها الحوثيون في عام 2023 وتزعم إسرائيل أنها كانت تستخدم لمراقبة الشحن الدولي. ضربات ليست ذات تأثير وتشير صور الأقمار الصناعية إلى أن الضربات الإسرائيلية المتكررة على الموانئ اليمنية التي يسيطر عليها الحوثيون لم يكن لها تأثير يذكر على العمليات هناك، إذ يعتمد الحوثيين على الاستثمار في طرق بديلة تسهل عملية استمرار حركة الموانئ وحركة الملاحة في الموانئ المقصوفة بالضربات الإسرائيلية. وعلى هذا الأساس استمرت شحنات الوقود في الموانئ التي تسيطر عليها الجماعة المدعومة من إيران على الرغم من تعطيل خطوط الأنابيب، حيث وجد الحوثيون وسائل بديلة للحصول على الإمدادات إلى الشاطئ. وشكك محللون في نتائج الضربات الإسرائيلية على مواقع تمركزات الحوثيين سواء كانت التمركزات العسكرية أو مخازن السلاح التابعة للحوثي أو حتى الموانئ المكشوفة أمام الضربات الإسرائيلية، وكذا البنية التحتية للحوثيين في مناطق سيطرتهم. وفي مدينة الحديدة بالتحديد، تعرضت البوابة الرئيسية للحوثيين إلى البحر الأحمر، للقصف عدة مرات منذ يوليو 2024 وحتى يوليو الجاري 2025، وتكشف الصور الملتقطة في 4 يوليو 2025 عن أضرار جسيمة في الحفر، مما أثر بلا شك على عمليات الوقود وقيدها. الموانئ اليمنية المقصوفة كما شنت إسرائيل ضربات مكثفة على ميناء الصليف ورأس عيسى ورأس قناتب بعد الغارات الإسرائيلية في 7 يوليو 2025، حيث أظهرت الصور الملتقطة من الأقمار الصناعية أضرارًا لحقت بميناءين ومحطة كهرباء على ساحل الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين على البحر الأحمر قبل وبعدها. وتُعدّ هذه المواقع الثلاثة أساسيةً لتزويد الحوثيين بالوقود وتخزينه. وعلى الرغم من الضربات المكثفة التي شنتها إسرائيل على ميناء الصليف، إلا أن تلك الضربات لم تسفر سوى عن تضرر رصيف الميناء، والذي على الرغم من تضرره إلا أنه لا تزال هناك سفن شحن راسية أمامه. وكشفت الصور عن استمرار السفن في الالتحام بما تبقى من رصيف الميناء، واستمرار تدفق الوقود كذلك، حيث تُظهر بيانات الأقمار الصناعية المُلتقطة بتقنية التصوير الزمني من يوليو 2024 إلى يوليو 2025 أن شحنات الوقود إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين لم تتوقف، وتستمر السفن في الرسو، وتُستخدم طرق تفريغ بديلة لتجاوز البنية التحتية المتضررة. أرصفة وطرق بديلة ونقلت صحيفة ذا ناشيونال الناطقة باللغة الإنجليزية عن براء شعباني، الباحث البارز في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، ومقره لندن قوله: "تأثرت الشحنات الكبيرة بشكل كبير. لكن الحوثيين تكيفوا مع الوضع، إذ يستخدمون أرصفة بديلة أو مجرد أنبوب بسيط وناقلة لنقل النفط". شوهدت بعض ناقلات النفط التابعة للحوثيين، مثل فالنتي وفي إل سي سي اليمن، تنقل الوقود عبر البحر، وهي استراتيجية تتيح لها تجاوز الموانئ تمامًا. تُظهر صور الأقمار الصناعية سفنًا راسية في البحر، جنبًا إلى جنب بالقرب من الحديدة. في حين استهدفت الضربات البنية التحتية للموانئ، إلا أن معظم قواعد أسلحة الحوثيين وقوتهم لا تزال في الداخل دون أن تُمس. وقد شكك المحللون في القيمة الاستراتيجية طويلة المدى لنهج إسرائيل في استمرارها في توجيه ضربات ليست ذات فاعلية كبيرة على تموضعات الحوثيين العسكرية، وهو ما جعلها تكتفي بضرب المناطق والموانئ الحيوية في اليمن، وحتى تلك الضربات على الموانئ لم تحقق خسائرًا كبيرة للميليشيات الحوثية. وقال شعباني: "إن الأهداف العسكرية لإسرائيل تبدو غامضة للغاية، وليس من الواضح ما الذي يحاولون تحقيقه من خلال هذه الضربات"، مضيفًا إذا كان الهدف هو القضاء على تهديد الحوثيين الآن، فمن المؤكد أنهم لم ينجحوا. سيواصل الحوثيون مهاجمة إسرائيل. رسالة للحوثيين وتابع: "لكن إذا كان الهدف مجرد إرسال رسالة مفادها أنهم قادرون على ضربهم. كنوع من الردع، يُمكن القول نعم، لقد أشاروا إلى ذلك عدة مرات. بالنسبة للحوثيين، فإن الخوف الرئيسي هو فقدانهم للأرض، وهذا لا يحدث حاليًا". يأتي ذلك على الرغم من تبادل الضربات بين الجانبين حيث تستمر حملات القصف المتواصلة، ويواصل الحوثيون إطلاق الصواريخ ومهاجمة السفن في البحر الأحمر، فيما تواصل إسرائيل من وقت لآخر توجيه ضربات إلى الأراضي اليمنية. وغرقت سفينتان جراء هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الماضي تقريبًا - ماجيك سيز في 6 يوليو، وإيترنيتي سي في 9 يوليو. وبينما تم إنقاذ جميع ركاب ماجيك سيز، البالغ عددهم 22 شخصًا، يُفترض أن أربعة من أصل 25 من أفراد طاقم إيترنيتي سي لقوا حتفهم، بينما لا يزال 11 آخرون في عداد المفقودين. مع استمرار نقل الوقود والقدرة على التكيف البحري، تُثير قدرة الحوثيين على الصمود تساؤلات حول فعالية الحملة الجوية الإسرائيلية. ورغم رمزيتها وتأثيرها المُزعزع، إلا أن هذه الضربات لم تُحدث تغييرًا يُذكر في القدرات العملياتية للجماعة المتمردة.