في لحظة فاصلة بين النور والظلام، وبين دولة القانون وحكم المليشيات المسلحة، استشهد البطل اللواء نبيل فراج، مساعد مدير أمن الجيزة، برصاصات الغدر التي أطلقتها جماعة لا تؤمن بوطن ولا تعرف للرحمة طريقًا، خلال اقتحام قوات الشرطة لمدينة كرداسة في سبتمبر 2013. كانت ملحمة كرداسة واحدة من أخطر المعارك الأمنية في تاريخ مصر الحديث، حيث تحولت المدينة إلى وكر للمتطرفين، وخرجت عن سيطرة الدولة لأيام دامية، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة. قاد اللواء نبيل فراج بنفسه الصفوف الأولى لقوات الشرطة، مؤمنًا بأن القائد لا يوجه من الخلف، بل يتقدم الصفوف. لكن رصاصة غادرة اخترقت جسده الطاهر، ليسقط شهيدًا في ميدان الشرف، في ملحمة بطولية لا تُنسى، سُجلت فيها صفحة جديدة من تضحيات رجال الشرطة المصرية في مواجهة الإرهاب الأسود. بعد مرور أكثر من 11 عامًا على الجريمة، أسدلت محكمة جنايات الجيزة الستار اليوم على فصل دامٍ من الإرهاب، بإصدارها حكم الإعدام شنقًا لأحد المتهمين الرئيسيين في واقعة اغتيال اللواء نبيل فراج، بعد ثبوت تورطه في إطلاق النار على القوات أثناء عملية الاقتحام. هذا الحكم يأتي ضمن قضية كبيرة حوكم فيها عشرات المتهمين بتهم:القتل العمد،الانضمام إلى جماعة إرهابية،حيازة أسلحة نارية وذخائر ومتفجرات،الاعتداء على مؤسسات الدولة ومقاومة السلطات. في أعقاب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس 2013، أعلنت جماعة الإخوان وحلفاؤها حربًا مفتوحة ضد الدولة، وكانت مدينة كرداسة مسرحًا للفوضى والتطرف، بعد أن سيطر عليها مسلحون منتمون لتنظيمات تكفيرية. اقتحموا قسم شرطة كرداسة، ومثلوا بجثث 11 ضابطًا وفرد شرطة، في مشهد دموي هز ضمير الوطن. وفي يوم الخميس 19 سبتمبر 2013، بدأت قوات الشرطة، مدعومة من القوات الخاصة والجيش، تنفيذ عملية تطهير شاملة للمدينة، تحت إشراف قيادات أمنية رفيعة. وخلال الساعات الأولى من العملية، استهدفت رصاصة قناص مجهول اللواء نبيل فراج أثناء تقدمه القوات، ليسقط شهيدًا في الحال. تم نقله إلى مستشفى الهرم، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، ليكون أول شهيد في معركة استعادة كرداسة، التي استمرت لساعات وانتهت بإلقاء القبض على عشرات العناصر الإرهابية وتطهير المدينة بالكامل. شملت القضية عشرات المتهمين، أبرزهم عناصر تكفيرية شديدة الخطورة أثبتت التحقيقات أن أحدهم كان متمركزًا على سطح أحد المنازل، وهو من أطلق الرصاص القاتل على اللواء الشهيد. كما ضبط بحوزة المتهمين أسلحة آلية وقنابل ومتفجرات ومخططات لاستهداف منشآت أمنية. وقد خضعت القضية لمراحل عدة من التحقيق وإعادة المحاكمة بعد الطعن على بعض الأحكام، وصولًا إلى الحكم النهائي بالإعدام شنقًا للقاتل الذي اغتال شهيد الشرطة.
من هو اللواء الشهيد نبيل فراج؟ أحد أبرز القيادات الأمنية في وزارة الداخلية، تدرّج في المناصب حتى شغل منصب مساعد مدير أمن الجيزة. عُرف بالكفاءة والانضباط والمهنية، وكان محبوبا من زملائه وجنوده. شارك في عشرات العمليات الأمنية الكبرى ضد الجريمة والإرهاب. اختار بنفسه التواجد في الخطوط الأمامية أثناء عملية تطهير كرداسة، رغم علمه بخطورة المهمة.