في تطور جديد يكشف جانبًا مأساويًا من الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، اتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل والولايات المتحدة بدعم نظام توزيع مساعدات "مثير للجدل"، وصفته بأنه يستخدم الجوع كسلاح ممنهج لدفع الفلسطينيين نحو حافة الانهيار، في سياق ما وصفته المنظمة بأنه استمرار في ارتكاب "جريمة إبادة جماعية" بحق سكان القطاع. المنظمة، ومقرها لندن، أصدرت الخميس تقريرًا نددت فيه بما وصفته ب"الخداع القاتل" لنظام توزيع المساعدات الذي تُديره ما تُسمى ب"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي كيان تدعمه واشنطن وتل أبيب، ويُدار عبر شبكة تنسيقية تقودها الأممالمتحدة. وبحسب التقرير، فإن هذا النظام لم يعد مجرّد قناة لتقديم الإغاثة، بل تحوّل إلى فخ مميت يهدد حياة آلاف الفلسطينيين الجائعين واليائسين. ووفقًا لمعطيات وزارة الصحة في غزة، فإن أكثر من 500 فلسطيني لقوا حتفهم خلال الشهر الماضي في محيط مراكز توزيع المساعدات التابعة للمؤسسة، سواء داخلها أو بالقرب منها. وتُشير التقارير إلى أن هذه المراكز تقع في مواقع شديدة الحساسية، غالبًا على مقربة من منشآت عسكرية إسرائيلية، وتخضع لحراسة مشددة من شركات أمن خاصة، ما يجعل اقتراب المدنيين منها مغامرة محفوفة بالموت. جرائم إسرائيل شهادات شهود عيان ومسؤولين فلسطينيين أكدت أن القوات الإسرائيلية كثيرًا ما تطلق النار على التجمعات البشرية قرب هذه المراكز، بزعم "ضبط الحشود" أو التعامل مع "تصرفات مشبوهة"، بينما يرى مراقبون أن هذه الممارسات تُسهم في تحويل نقاط المساعدة إلى مصائد مميتة. وفي تصريحها بشأن التقرير، وصفت الأمين العام لمنظمة العفو الدولية، أنييس كالامار، ما يجري بأنه "خسارة مرعبة وممنهجة في الأرواح"، مضيفة: "الفلسطينيون يُقتلون وهم يحاولون النجاة. هذه نتيجة متوقعة لاستهداف متعمد، ولأساليب توزيع غير مسؤولة وقاتلة". التقرير أشار بوضوح إلى أن إسرائيل "حوّلت نداءات الاستغاثة إلى شركٍ للموت"، مستغلة الجوع والمرض في تكريس حالة من الانهيار الكامل داخل القطاع، في واحدة من أبشع صور استغلال الكارثة الإنسانية لأغراض عسكرية وسياسية. في المقابل، سارع وزير الخارجية الإسرائيلي إلى مهاجمة تقرير منظمة العفو، زاعمًا أنها "تبنّت سردية حماس بالكامل"، ومتّهمًا إياها ب"التحالف مع الإرهاب". أما الجيش الإسرائيلي، فادعى أنه "يطلق أعيرة تحذيرية فقط"، مشيرًا إلى أنه لا يستهدف إلا من "يتصرفون بشكل مشبوه". لكن بين الرواية الرسمية والحقائق الميدانية، يقف شعب محاصر في مهب الجوع والنار، يتساقط أطفاله ونساؤه ورجاله بين المساعدات، وكأنهم باتوا ضحايا حرب لا تُخاض بالسلاح وحده، بل بالجوع، بالإذلال، وبإحكام القبضة على لقمة العيش نفسها.