قالت صحيفة الحياة في تقرير لها: إن مشاكل أمنية وعسكرية تجعل المنطقة مفتوحة أمام جميع الاحتمالات مع إيران جراء عدم توصل الجانبين لهذا الاتفاق، مشيرا إلى أن كتابة الاتفاق النهائي والشامل مع (مجموعة 5+ 1) في نهاية الستة أشهر التي وضعها اتفاق جنيف الموقع في نوفمبر الماضي والتي تنتهي في يوليو المقبل، تبرز ومن الواضح أن اختلاف وجهات النظر بين الجانبين لا يزال قائما «وأن التوصل للاتفاق يحتاج إلي قرار مهم وحازم من الدول الغربية»، مما يعكس حدة الاختلافات. وحسب الصحيفة تتركز وجهة النظر الغربية، خصوصاً الأمريكية، علي استراتيجية تحجيم البرنامج النووي الإيراني، في حين يذهب الإيرانيون إلي الرغبة في التوصل الي اتفاق يستند الي الشفافية والثقة من خلال إعطاء ضمانات لتأكيد سلمية برنامجهم النووي. الدول الغربية تسعي الى أن يحقق الاتفاق النهائي مع إيران هدفين: الأول احتفاظ طهران ببرنامج محلي صغير لتخصيب اليورانيوم، والثاني استخدام طرق فنية للحد من عمل منشأة اراك التي تعمل علي إنتاج الماء الثقيل، وتقليل نوع وعدد أجهزة الطرد المركزي، وتحديد مستوي التخصيب في المنشآت النووية، مع تحديد الكمية المخزنة من اليورانيوم المخصب، إضافة الي نصب آليات مراقبة علي الأنشطة النووية وملحقاتها أينما وجدت. حقيقة الأمر ان هذه الأهداف تستلزم إغلاق منشأة اراك النووية وتعليق العمل في منشأة فوردو التي تعمل علي تخصيب اليورانيوم والمبنية داخل الجبال المحيطة بمدينة قم التي تبعد 130 كيلومتراً من طهران، والاستغناء عن أعداد كبيرة من أجهزة الطرد المركزي العاملة في منشأتي نطنز وفوردو، إضافة الي تعليق العمل بأنشطة التخصيب المرتفعة التي تصل الي عشرين في المئة، وتحويل الكمية المرتفعة التخصيب التي تمتلكها ايران الي مستويات دون 5 في المئة وتفكيك مادة هكزافلورايد اليورانيوم المعدة للتخصيب، والعمل للحد من توسيع صناعة أجيال جديدة من أجهزة الطرد المركزي وتعليق العمل في نشاطات التدوير النووية كلها. من المستبعد ان يقبل الجانب الإيراني مثل هذه المطالب التي يري انها تتعدي التعهدات والمواثيق الدولية في مجال حظر الانتشار النووي، الا ان الجانب الغربي يصر علي إلغاء جميع الفرص الممكنة لاقتراب البرنامج الإيراني من التسلح النووي. لقد دأبت الاستراتيجية الإيرانية في المفاوضات النووية علي تحقيق الشفافية أولاً، والثقة ثانياً، من خلال التأكيد علي تطبيق معاهدة حظر الانتشار النووي «ان بي تي» اضافة الي الالتزام بمقرارات ومواثيق الوكالة الدولية للطاقة الذرية، باعتبار إيران عضواً في هذه الوكالة وملتزمة بقوانينها ومواثيقها. واقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي إيران آليات عدة لتحقيق الشفافية: التوقيع علي «معاهدة الضمانات الشاملة» التي تتيح للوكالة التحقق من مستوي المواد النووية المتوافرة لدي إيران التي لا يمكن لها ان تستخدم في إنتاج السلاح النووي، اضافة الي دعوة إيران الى التوقيع الطوعي علي «البرتوكول الإضافي» لمعاهدة حظر الانتشار النووي، و «الترتيبات المكملة» من اجل رسم صورة واقعية لجميع النشاطات النووية. ويبدو واضحاً ان مطالب الدول الغربية تتعدي معاهدة حظر الانتشار النووي «ان بي تي» ومواثيق ومقررات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومن اجل إثبات مطالبها، استندت (مجموعة 5+1) الي تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تشير الي عدم التزام إيران معاهدة حظر الانتشار النووي، في الوقت الذي تشير معلومات هذه الوكالة الي ان العديد من الدول الموقعة علي هذه المعاهدة لم تلتزم بنودها كمصر وكوريا الجنوبية ورومانيا لكن التعاطي معها لم يكن مثل التعاطي مع إيران. محاذير الفشل ويبدو ان التزام القوي الكبري باستراتيجياتها المعادية لإيران يدفع بالجانب الإيراني الى الابتعاد عن (مجموعة 5+1)، وهذا يعني طرد المراقبين الدوليين وإزالة اجهزة المراقبة وربما التوجه الى انتاج السلاح النووي. وبالتالي فان عدم توصل الجانبين الي اتفاق نهائي وشامل يفتح الباب علي جميع الاحتمالات علي ضوء المعارضة التي يبديها المتشددون في إيران حيال المفاوضات النووية، وهي رسالة خطيرة يمكن ان تتلقاها دول المنطقة والعالم. علي ذلك ليس أمام الجانبين الإيراني والغربي سوي أربعة سيناريوات من اجل التوصل للاتفاق النهائي. الأول، ان تقبل الدول الغربية بالفتوي الدينية التي اصدرها مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي التي تحرم إنتاج وحيازة واستخدام الأسلحة النووية، وبالتالي فهي تضع خطوطاً حمراً امام الخروج من معاهدة حظر الانتشار النووي. وفي هذه الحال يجب ان تتجاوز الدول الغربية القضايا التفصيلية في البرنامج الإيراني للتركيز علي عناصر الشفافية والرقابية. الثاني، المشاركة الغربية في مفاصل البرنامج الايراني بالشكل الذي يبدد القلق من مدى سلمية البرنامج بسبب مشاركة الدول الغربية في جميع النشاطات النووية الايرانية. الثالث، الاتفاق علي تنفيذ عدد من البرامج الواقعية التي تحد من توسيع البرنامج الإيراني بدلاً من طرح مطالب لا تقبل بها إيران كتعليق العمل في منشأة فوردو، وتفكيك منشأة اراك. وفي هذه الحال يمكن ان تطبق هذه البرامج في فترة زمنية كافية لاختبار الثقة المتبادلة. وهذا السيناريو يتيح للوكالة الدولية للطاقة الذرية التحقق من الغموض الذي تراه في البرنامج والمواقف الإيرانية. الرابع، تبني نظرة كلية تستند الي إيجاد منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي. ومن اجل تحقق هذا الهدف يجب ان تتوصل القوي الكبري مع إيران الى اتفاق تقبله بقية دول المنطقة، ويكون الاتفاق النهائي مع إيران نموذجاً لكل دول المنطقة. ويعتقد خبراء ومهتمون بالملف النووي الإيراني ان الاقتراح الذي تقدمت به «المجموعة الدولية للمواد الانشطارية» التي تتشكل من خبراء مستقلين نوويين من 15 دولة يمكن ان يكون الفيصل بإنهاء الملف النووي الإيراني والتوصل للحل الشامل والنهائي لهذا الملف. وينص الاقتراح علي منع إنتاج أو استخدام مادة البلوتونيوم واليورانيوم 233. والحد من استخدام اليورانيوم المرتفع التخصيب في إنتاج الوقود النووي والاكتفاء بتخصيب اليورانيوم تحت مستوي 6 في المئة. والاتفاق علي برنامج لإنتاج اليورانيوم وتخصيبه متى دعت الحاجة لذلك بدلاً من خزنه في مستودعات. ويري المهتمون بالمفاوضات النووية ان مثل هذا الاقتراح يمكن ان يؤسس لأرضية مناسبة من اجل التوصل للاتفاق النهائي وغلق هذا الملف الذي يهدد امن المنطقة واستقرارها.